"الكابيتال كونترول" من دون خطة اقتصادية إنقاذية لا مفعول له | أخبار اليوم

"الكابيتال كونترول" من دون خطة اقتصادية إنقاذية لا مفعول له

| الجمعة 18 يونيو 2021

تأخّر كثيراً وكان يُفترَض أن يُقَرّ منذ اليوم الثاني على دخول لبنان في الأزمة

" النهار"- فرح نصور

بعد نحو عامين من التدهور المالي والمصرفي، أقرّت لجنة "المال والموازنة" مشروع قانون "الكابيتل كونترول" الرامي بشكل أساسي إلى وضع ضوابط استثنائية وموقّتة على التحويلات المصرفية. وفي بلدٍ لا تُتخذ فيه أية خطوة لوجه الله، يطرح توقيت إقرار هذا القانون علامات استفهام في هذه المرحلة من الأزمة، لا سيّما مع بداية الدخول في مرحلة رفع الدعم التدريجي.

في هذا الإطار، يشرح الأستاذ المحاضر والباحث في الشؤون الاقتصادية، البروفسور روك-أنطوان مهنا، أنّ إقرار قانون "الكابيتل كونترول" تأخّر كثيراً وكان يُفترَض أن يُقَرّ منذ اليوم الثاني على دخول لبنان في الأزمة، لضبط تسرّب الأموال وتهريبها إلى الخارج وضبط السوق. فمثلاً، تأخّر اليونان في إقرار هذا القانون أخّر من انتعاش الأزمة. وفي لبنان، وبسبب هذا التأخير، "اختفى مفعول هذا القرار وفاعليته لكونه بعد 17 تشرين تمّ تهريب أموال وما زال حتى تاريخ اليوم"، وفق مهنا.

لذلك، 95 في المئة من فاعلية هذا القانون ذهبت، لكن يبقى أفضل من غيابه كلياً بالشكل، ويساعد على الحدّ من الاستنسابية في التحويلات. أمّا التأثير الإيجابي الآخر لهذا القانون، فيكمن في تنظيم إعادة أموال ال#مودعين. ويضمن هذا القانون عدم وجود أيّ لغط أو التباس في إعادة هذه الأموال للمودعين، ويُطبَّق هذا الإجراء تحت مظلة هذا القانون، ويكون تطبيقه أبسط وأسهل، ويزيد التزام ال#مصارف أكثر عندما يكون عليها تطبيق قانون صادر عن مجلس النواب لا تعميم. كذلك يمثّل هذا القانون خطوة أمام أعين المجتمع الدولي بأنّ الدولة اللبنانية قامت بخطوة إيجابية، بحسب ما يشرح مهنا.

وعن توقيت إقرار هذا القانون، يقول مهنّا إنّ مع انتهاء أموال الدعم، وبانتظار إعلان هذا الأمر رسمياً وإيجاد البدائل، إقرار القانون المذكور هو خطوة تجاه المودعين للتخفيف من نقمتهم تفادياً للانفجار الشعبي الذي قد يحصل. وبما أنّ الدعم انتهى، يمكن قراءة إقرار هذا القانون حالياً، و"كأنّه حقنة مورفين وشراء وقت لتأجيل الانفجار، وهو أيضاً تحضير لانتخابات العام المقبل وصولاً إلى إنهائها بأقلّ ضرر ممكن".

وفي ظلّ عدم تشكيل حكومة ونفاد احتياطي الدعم، لا خيار أمام الدولة سوى إقرار هذا القانون، وبذلك يستفيد المودعون من استرجاع أموالهم. وفي حال إعادة جزء منها، هناك إيجابية لدى إعطائهم أموالهم بالدولار على أمل أن تُنفق هذه المبالغ في السوق، إلى جانب تحسين الأوضاع المعيشية للمودعين الصغار والاستفادة أيضاً من تطبيق الاستثناءات مثل تحويلات الدولار الطالبي وغيرها، والحدّ من الاستنسابية. ووفق مهنا، التضخّم لن يزيد، وإن تحدّثنا عن نحو 27 تريليون ليرة إضافية بالتضخّم، لكن سيمتصّ ذلك مبلغ الـ400 دولار الذي سيُعطى شهرياً للمودعين.

من الناحية القانونية، تفيد الأكاديمية الباحثة في القانون المصرفي، المحامية الدكتورة سابين الكك، بأنّه "نظرياً إذا ما أُقرّ قانون "الكابيتل كونترول" فهو يعلو على جميع تعاميم وإجراءات مصرف لبنان. لكنّ في التطبيق، تعاميم المركزي تضمنت مخالفات قانونية في السابق وما زالت سارية".

وما هو مُستغرَب، بحسب الكك، إعلان تعاميم مصرف لبنان الأخيرة بالتزامن مع إقرار مشروع قانون "الكابيتل كونترول"، وهما أمران يتناقضان، لكن القانون المنصوص من سلطة تشريعية يبقى أفضل من قرارات إدارية تتفوّق على القوانين.

ويحتوي هذا القانون على مخالفات دستورية أوّلها، وفق الكك، عدم المساواة بين المودعين الذين قُسِّموا إلى فئات. كذلك يُمنَع إصدار قانون مع مفعول رجعي سوى في حالة واحدة فقط، إذا كان القانون هو الأرحم في إطار قانون العقوبات. وبحسب ما أُعلن، فإنّ هذا القانون سيُطبَّق أيضاً على الدعاوى السابقة التي تضمّنت تحركات قضائية في ظلّ قانون كان نافذاً قبله، وهذا لا يعزّز فقط زيادة عدم الثقة بالمنظومة المصرفية، إنّما أيضاً هو رفع الثقة تماماً عن المنظومة التشريعية.

ومن المعلوم أنّ من أهداف هذا القانون أن يُنظِّم العلاقة بين المصارف والمودِع وبين المصارف ومصرف لبنان، لكنّه - وفق الكيك - لن يحلّ جميع مخالفات المصارف خلال هذه الأزمة، و"ما إقرار هذا القانون إلّا لتغطية مخالفات الفترة السابقة بما فيها القيود التي وُضعت على المودعين والتحويلات المصرفية الاستنسابية، وهذا هو الهدف فقط من إقراره". وتضيف أنّه "عندما يتمّ تعطيل جميع الدعاوى القضائية السابقة بحق المصارف عندما كانت المصارف مخالِفة، من خلال قانون "الكابيتل كونترول"، فهذا خير دليل أنّه تغطية لا أكثر، إلى جانب وضع الناس أكثر تحت سلطة المصارف وبشكلٍ مخالِف لجميع القوانين الأخرى".

وتسأل الكِك في هذا السياق: "عملياً، ما أهمية هذا القانون بعد؟ وما هي أرقام المصارف ومصرف لبنان الواضِحة لتطبيق هذا القانون؟ ومَن يطالب بتدقيق جنائي، على أي أرقام سيُنفّذ هذا القانون؟ وكيف يمكن تطبيق هذا القانون في غياب أرقام دقيقة لميزانية مصرف لبنان والمصارف؟".

قانون "الكابيتل كونترول" الذي طُبِّق في الدول، طُبِّق على التحويلات الخارجية، إنّما في لبنان هناك تعطيل للسحوبات في داخل البلد، وهو ليس حلّاً قائماً بحدّ ذاته إنّما إجراء مصرفي لفترة زمنية محدودة. وفي حين من المفترَض أن يتزامن إقراره مع خطة اقتصادية وإنقاذية، إذ لا مفعول له دون أيّ خطة مرافِقة، يأتي إقراره بمعزل عن كلّ ما يمر به البلد. لذلك، تتساءل الكيك: "كيف يمكن معرفة متى يجب التوقّف عن تنفيذ هذا القانون؟ ووفقاً لأي أرقام؟ إذ ليس مصرف لبنان فقط مَن يحتاج إلى تدقيق جنائي، إنّما ميزانية المصارف جميعها منذ سنتين حتى الآن تُنشَر غير مدقَّقة وهذا مخالف للمعايير الدولية".

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار