عقد النفط العراقي: رسالة الكاظمي المخصوصة للواء ابراهيم | أخبار اليوم

عقد النفط العراقي: رسالة الكاظمي المخصوصة للواء ابراهيم

| السبت 24 يوليو 2021

رسائل في اتجاهات متعددة لجهة القدرة على صوغ منظومة علاقات

خاص – "وكالة اخبار اليوم"

قياس مدى نجاح القيادة هو ان"يقدم المسؤول حيث لا يجروء الاخرون"، وعندما تتراكم الازمات التي تتحول تدريجيا الى كارثة، ان لا يعتصم بالصمت ويستسلم للعجز ويترك الامور للقضاء والقدر.

هذه حال ملف النفط في لبنان، الذي منذ عقود تتحاصصه جهات معلومة عصية على الخرق او التطويع، فصارت دولة ضمن دولة تقدم اوراق اعتمادها لاي كان حتى لو كان الامر يشكل تهديدا للامن المجتمعي والذي هو جزء لا يتجزأ من الامن االقومي اللبناني، فتتحول فجأة الى اداة تنفيذية لخنق المواطنين تحرمهم الكهرباء في "عزّ الصيف" وتحيلهم طوابير في سياراتهم امام محطات الوقود، في مشهد اذلال غير مسبوق حتى في ذروة الحرب الاهلية.

هذا الامر تنبه اليه المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم، كعادته في متابعة كل القضايا التي تهم الوطن والمواطن، خصوصا بعدما استشعر الخطر القادم جراء ما حصل مع دولة الجزائر الشقيق من خلال وضع العصي في مسار تجديد الاتفاق مع شركة "سوناطراك" الجزائرية، اذ فجأة برز الى السطح ازمة اقل ما يقال عنها "انها مفتعلة من اولها الى نهايتها غير السعيدة".

ولانعاش ذاكرة من نسي او تناسى، انه عندما وقعت الازمة مع شركة "سوناطراك" كلّف اللواء ابراهيم رسميا متابعة القضية مع الدولة الجزائرية، وباشر على الفور اتصالاته، الا ان مسارعة القضاء اللبناني في حينه الى الادعاء على الشركة ادى على الفور الى توقف المفاوضات، ليتبين لاحقا حجم المكيدة التي قادتها الجهات المعلومة عينها لافشال اي محاولة لاصلاح ما افسد في علاقات لبنان مع الجزائر. ولا يخفى على احد العقبات الداخلية اللبنانية التي أخّرت الاتفاق، وقادت من خلف الستارة الجهات التي تعتبر ان وصول النفط العراقي يشكل المسمار الاول في نعش هيمنتها على مدى عقود بهذا القطاع الحيوي، وهي نفسها، التي رفض العرض الايراني السخي بذريعة العقوبات بينما كان يمكن بذل جهد بسيط لاستثناء لبنان كما العديد الدول من نظام العقوبات المفروض على ايران.

لم يستسلم اللواء ابراهيم للقدر، واعتبره قدرا غير محتوم، انما فتح اجندة علاقاته المبنية على ثقة كبيرة من السياسيين والامنيين العرب والاجانب وفي طليعة هؤلاء رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، الذي تربطه به علاقة وطيدة جدا، تعود الى زمن التنسيق الامني بينهما يوم كان الكاظمي يشغل الموقع الامني الاول في العراق.

لم يتأخر اللواء ابراهيم في الاتصال بصديقه، فالصداقة استمرت وتعززت بينهما بعدما تبوأ الكاظمي موقع رئاسة الوزراء في العراق، فكان اللقاء بينهما حيث عرضت ملفات ذات اهتمام مشترك ومن بينها ازمة الفيول والمحروقات التي يعاني منها لبنان، فكانت الاستجابة سريعة تمثلت بداية بمساعدة عاجلة عبر صهاريج نقلت المحروقات من العراق مرورا بسوريا وصولا الى لبنان، ومن ثم بدأ التحضير لمشروع عقد اتفاق بين الدولتين ممثلتين بحكومتي البلدين يتضمن كل التسهيلات لا سيما المالية للجانب اللبناني.

الجهوزية العراقية كانت كاملة وتامة، والرئيس الكاظمي يريد ان يفي اللواء ابراهيم بعضا من ثمار التعاون الامني والمستمر بين لبنان والعراق والذي كان محوره المدير العام للامن العام، الا ان في لبنان شيئ آخر، حيث بدأ حملة التشكيك والتسخيف وصولا الى القول ان لا قدرة للبنان على تسلّم النفط العراقي لان مصافي التكرير معطلة، متناسين امرا بديهيا وهو الاستعانة بدولة شقيقة واعتماد اسلوب مبادلة النفط الخام بالنفط المكرر الى فيول وبنزين ومازوت، وبعد مماحكات استمرت نحو سنة لم يستسلم اللواء ابراهيم واستمر بالعمل حتى تمكن من التوصل الى الاتفاق النهائي الذي وقعته الحكومتان اللبنانية والعراقية اذ وقع عن الجانب اللبناني وزير الطاقة والمياه في حكومة تصريف الاعمال ريمون غجر بحضور اللواء ابراهيم في حين وقع عن الجانب العراقي وزير المالية بحضور وزير الطاقة العراقي وباشراف مباشر من الرئيس الكاظمي.

لم يتأخر عرّاب الاتفاق اللواء ابراهيم في شكر العراق، وايضا ليس على قاعدة بالشكر تدوم النعم، انما انطلاقا من عمق العلاقة الاخوية التي تربط البلدين اللذين يتشابهان في الكثير من مناحي الحياة ببعديها الحضاري والثقافي، كما ان العراق هو عمق استراتيجي للبنان بما يشكله من قوة سياسية واقتصادية وعضد اخوي، ففي العراق لم يجد اللواء ابراهيم كما اي وفد لبناني على اي مستوى كان الا ما كان ينتظره من خير ونية للمساعدة، فوصول النفط لزوم الكهرباء الى لبنان في خلال اسبوع الى عشرة ايام، كما ان الشكر لدولة رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي على ما بذله من جهد متابعا عمل الوزارات المختصة شخصيا لاتمام هذه العملية لاجل مساعدة الشعب اللبناني في هذه الظروف العصيبة التي يمر بها لبنان.

والجانب المهم الاخر في ما حصل من توقيع عقد الاتفاق بين لبنان والعراق، هو تسريع الرئيس الكاظمي توقيع العقد وتحت اشرافه قبل سفره الى الولايات المتحدة حيث يلتقي الاثنين المقبل الرئيس جو بايدن ضمن الجولة الرابعة ضمن الحوار الاستراتيجي بين البلدين، وفي ذلك رسائل في اتجاهات متعددة، لجهة القدرة على صوغ منظومة علاقات فوق العقوبات تحد من الاضرار الكبيرة التي اصابت لبنان، والرسالة الاهم الاخرى تخص اللواء عباس ابراهيم اذا تعمّد الرئيس الكاظمي ان يوقّت التوقيع قبل سفره الى واشنطن وفي ظل حملة مبرمجة يتعرّض لها المدير العام للامن العام بهدف النيل من شخصه والحاق الضرر المعنوي به.

اذا هي رسالة لبعض الداخل المعروفين بالاسماء وبالتسريبات، للقول ان من يحظى بثقة معظم الداخل كما الخارج العربي والدولي، سيبقى مفتاح الحلول للازمات ورجل المهمات الصعبة الذي لن يصعب عليه افشال مكيدة مهما كثر طباخوها.

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار