يعرض البرنامج يومياً عند الثالثة والنصف بعد الظهر
"أخبار اليوم"
إذا طلبنا من اي منكم ان يسمي لنا اسماً واحداً من بين الأسماء التي تظهر حالياً على شاشة تلفزيون لبنان، فالأرجح ان يكون جوابه واحداً من اثنين: لا اعرف او الشيف أنطوان! لكن رغم الارتباط الوثيق بين اسم الشيف أنطوان وتلفزيون الدولة، الا ان الحقيقة ان انطلاقته على الشاشة الصغيرة كانت عام ١٩٩٥على قناة Antenne Plus عندما طُلب من المخرج شربل خليل تقديم برنامج طبخ مباشر على الهواء فوقع خياره على أنطوان الحاج الذي قبِل الفكرة بعدما رفضها آخرون. كان الشيف أنطوان حينها صاحب خبرة طويلة في مجال الطهي فهو تخرج من المدرسة الفندقية وتمرّس في مطبخ الجامعة الاميركية في بيروت، قبل أن ينتقل إلى سويسرا وهناك تابع عدة دورات في إدارة المطابخ. كما أسس المدرسة الفندقية في العراق ثم عاد الى لبنان حيث عمل في المدرسة الفندقية.
برز اسم الشيف انطوان من خلال برنامجه على Antenne Plus (وهي محطة اختفت لاحقاً مع تطبيق قانون الاعلام المرئي والمسموع)، وكانت ميزته أنه يجيب عن كل الأسئلة بثقة وبأسلوب بسيط. عام ٢٠٠٠، بدأ تقديم برنامجه "مأكول الهنا" على شاشة تلفزيون لبنان الذي استقطب مشاهدين من لبنان والدول العربية وجمهوراً بين اللبنانيين والعرب في بلاد الاغتراب (يعرض البرنامج يومياً مباشرة على الهواء عند الثالثة والنصف بعد الظهر، ما عدا الاحد). لكل مشكلة في عالم المطبخ حل لدى الشيف وهو يلبي كل الطلبات ويجيب عن كل الأسئلة. لا يحرجه طلب ولا يغيب عن باله تفصيل صغير قد يكون فيه سرّ نجاح الطبق أو عدمه. جمهوره يبدي الكثير من الود والامتنان وهذا يشعره بالفرح والرضى ويحثّه على الاستمرار.
سنة ٢٠١٣، صدرت وصفات انطوان الحاج في كتاب حقق ولا يزال مجموع مبيعات عال جداً.بعدها، فُتحت شهية البرامج الساخرة على الشيف انطوان، وأصبحت بعض محطات برنامجه اليومي على الشاشة الرسمية محط تندّر ومصدراً لإطلاق النكات. بات "مأكول الهنا" محطة أساسية إعتاشت منها لفترة طويلة برامج لهون وبس وهيدا حكي ومنّا وجر للسخرية من مواقف محددة قائمة على سوء فهم بينه وبين هذا المتصل او ذاك. عام ٢٠١٥، ازدادت شهرة الشيف بعدما شارك في البرنامج الغنائي ديو المشاهير على شاشة ام تي في لدعم احدى الجمعيات الخيرية. ورغم أن صوته رديء -كي لا نقول رديء جداً- فقد استثمر مكانته المهنية ودمج أجواء الطهو في الغناء. وبعد عامين، شارك كحكم في برنامج الطبخ العائلي امي اقوى من أمك الذي عُرض على شاشتي ال بي سي أي وام بي سي فور. عام ٢٠١٩ خاض تجربته السينمائيّة الأولى في فيلم "لهون وحبس" مع هشام حداد. لكن الشهرة المتزايدة للشيف لم تمنعه من مواصلة الظهور بشكل يومي عبر تلفزيون لبنان، وقد شغل العام الماضي وسائل الإعلام الغربية والعربية، بعد اقتطاعه مكون اللحم من لائحة أطباق يقدمها في برنامجه واستبداله بالدجاج الارخص ثمناً. فهو ومنذ تدني سعر صرف الليرة مقابل العملة الخضراء، اتخذ منحى جديدا في وصفاته للطعام وأجرى تغييرات كثيرة على نوعية الأكلات التي يحضرها يومياً.
وإذا كان الطاهي اللبناني الاشهر نجح في التكيف مع الاوضاع الاجتماعية الصعبة، الا انه لم ينجح على الاطلاق في التكيف مع شكل التلفزيون في عام ٢٠٢١. وقبل ان يقول قائل ان السبب هو في ما يعانيه تلفزيون لبنان من ترهل وانعدام في الامكانات المادية (ما يتسبب في تأخر موعد عرض الحلقات المباشرة لدقائق والافراط في اعادة بث حلقات قديمة)، فإن ما نتحدث عنه لا يتطلب صرف أي قرش إضافي. فالمشكلة الأساسية تكمن في ان الشيف أنطوان لم يتعلم رغم مرور أكثر من ربع قرن على بداية مسيرته الإعلامية ان يخفض صوته قليلاً ويعدل نبرته الحازمة في الحديث. كما ان تعامله مع السيدات اللواتي يساعدنه في تحضير الاطباق يبدو فوقياً اذ يخاطبهن دوماً بطريقة فجة كقوله "حطي الطنجرة ع النار" او "فرمي البصل" بدلاً من استخدام تعابير لطيفة على غرار "بدي عذبك" او "لو سمحتي" او سواها. كما يقمع الشيف باستمرار مساعداته عندما يتفوهن بملاحظة ما او يطرحن سؤالاً عليه. المطلوب من الشيف أنطوان والقيمين على برنامجه –لا سيما مع تسلم مدير عام جديد إدارة المحطة الرسمية- بعض التطوير غير المكلف من خلال التخلي عن مساعدات الشيف الذي يشبه التمسك بهن حنيناً لأيام كان فيها دور المرأة ينحصر في تحضير الطعام لعائلتها والاعتناء بأمورها المنزلية، واستضافة فنانين و مشاهير ومؤثرين ليشاركوا الشيف اعداد الطبخات ويضفوا بعض الأجواء المرحة واستحداث إمكانية التواصل مع البرنامج عبر الفيسبوك وتويتر وانستغرام من دون التخلي عن الاتصالات الهاتفية شرط إضافة بعض الاتصالات بتقنية الفيديو كول طالما ان الانترنت لا يزال متوفراً في بلادنا حتى اليوم...
في النهاية، الشيف أنطوان هو اليوم نجم تلفزيون لبنان من دون منازع لكن بقاءه على الشاشة لفترة إضافية مشروط بالتعديلات التي سبق ان أشرنا اليها وتعديلات أخرى من دون شك، لأن المشاهد يستحق في هذه الايام أفضل مما يقدم له في "مأكول الهنا".