مرجع قضائي لـ"أخبار اليوم": "العدالة المتأخرة ليست عدالة"
السبب السافل يستدعي تشديد العقوبة ... هل احدهم كان ينتظر تسوية ما
عمر الراسي - "أخبار اليوم"
بعد سبع سنوات على احداث بحنين التي ادت الى استشهاد خمسة عسكريين من الجيش اللبناني، نطقت المحكمة العسكرية الدائمة برئاسة العميد الركن منير شحادة بحكمها، فانزلت عقوبة السجن ٢٠ عاما على "الشيخ" أحمد الأسير.
وكانت المحكمة العسكرية ختمت امس المحاكمة في هذا الملف واستمعت إلى مرافعة ممثل النيابة العامة لدى المحكمة العسكرية الذي طلب تطبيق مواد الاتهام في حق المتهم. كما استمعت إلى مرافعة وكيل الأسير المحامي محمد صبلوح الذي طلب لموكله البراءة لعدم علاقته بتلك الأحداث.
وأصدرت حكمها - القابل للطعن- على الموقوف الأسير بـ٢٠ سنة أشغال شاقة مع التجريد من الحقوق المدنية وغرامة ٥١ مليون ليرة، وذلك على خلفية تورّطه بملف بحنين شمال لبنان، حيث أقدم على تدريب مجموعات مسلحة وتصنيع عبوات ناسفة بواسطة مسؤولين عسكريين يعملون معه، واشترك بعض من هؤلاء في معارك بحنين ضد الجيش اللبناني مما أدى الى استشهاد عدد من العسكريين وجرح آخرين وإحداث تخريب في الممتلكات. كما أقدم على تمويل مجموعات إرهابية مسلحة بمبالغ مالية كبيرة.
وتعليقا على هذا الحكم، قال مرجع قضائي متقاعد ان "العدالة المتأخرة ليست عدالة"، شارحا انه بعد اية جريمة يفترض بالاحكام ان تهدّئ من روع الناس والمجتمع، والتأخير لا يخدم هذا الهدف، اذ مع الوقت الناس تنسى والجرح يختم، عندها لا يشعر الناس ان هذا الجهاز -اي القضاء- يقوم بواجباته.
كما ان الجرائم الصغيرة التي قد تترافق مع الجريمة الاساسية لا يمكن العودة الى المحاكم للبت فيها، وهنا يمكن القول ان الذاكرى الاجتماعية لا تحفظ مثل هكذا احكام قد لا تكون العقوبة فيها بقدر فعل المرتكب.
وذكر المرجع ان القاضي داني الزعني حين تسلم الملف عندما كان معاون مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية ادعى على الاسير بجرائم تتعلق بانشاء خلايا ارهابية، بمعنى ان الاسير لم يتعرض فقط للجيش، بل كان يملك مشروعا يهدد الامن القومي للبلد، ويؤدي الى تفتيه.
ولماذا تأخر الحكم؟ اجاب المرجع بسؤال – يفهم منه الكثير - هل احدهم كان ينتظر تسوية ما، في مكان ما على غرار ما حصل في القضايا المتعلقة بفتح الاسلام؟ موضحا ان جهة اقليمية ما كانت تقف وراء الاسير، والا من كان يدفع له المصاريف، من كان يموّل الموالين له، من اين اتى بالسلاح او من اعطاه السلاح ومن دفع له ثمن هذا السلاح... وكل هذا يدفع الى السؤال ايضا: من حماه، خصوصا وانه كان معروف ان الرجل يملك سلاحا ويقود حركة ارهابية، ولماذا اخذت المحكمة العسكرية كل هذا الوقت بينما كان يفترض بها ان تصدر احكامها بسرعة.
واذ رأى ان "العسكرية" تصرفت كالمجلس العدلي الذي يوصف بـ"مقبرة الملفات"، ذكّر المرجع انه كان لدى الجيش وتحديدا مديرية المخابرات كل التحقيقات.
وماذا عن متن الحكم، فوصفه المرجع بـ"المخفف"، لا سيما بالنظر الى الاعمال التي قام بها الاسير ومعاونوه واتباعه، الامر الذي ادى الى سقوط عدد من الضحايا. وهنا تحدث المرجع عما يسميه القانون بـ"السبب السافل" الذي يجب ان يؤدي الى تشديد العقوبة، فكيف اذا كان الهدف قتل عناصر من جيش الوطن ومدنيين، وتخريب منطقة، وحرق املاك وسيارات...فاذا كانت كل هذه الاسباب لا تدفع الى التشدد بالحكم، فما الذي يدفع اليه... اقله الحكم كان يجب ان يكون المؤبد او الاعدام.
وتابع المرجع: الاسير مجرم، وليس رجل دين الذي لا يمكن ان يزهق الارواح عن قصد فما حصل في عبرا وبحنين مجزرة، فاي دين يقبل بقتل الابرياء واحراق منطقة باكملها.
وفي سياق انتقاده للحكم، قال المرجع: بعد 7 او 8 سنوات يخرج من السجن، على اعتبار انه مضى على سجنه 7 سنوات والسنة السجنية 9 اشهر فقط، سائلا: ماذا سيفعل بعد خروجه حيث هناك بيئات حاضنة للتطرف، وقد يشمله اي عفو عام اذا صدر، واشار المصدر الى ان حكم المحكمة العسكرية لا يشفي غليل الجيش الذي تلقى صفعة قوية في احداث بحنين ولا غليل عائلات الضحايا.
وسئل: هل هذا سينطبق على جريمة انفجار مرفأ بيروت؟ الملف المحال على التحقيق العدلي يحتاج الى الكثير من الوقت ليبت به، فليُسمح اولا للمحقق العدلي طارق البيطار باقله الاستماع الى من طلب استجوابهم. وبعد التحقيقات تبدأ جلسات المحاكمة، والحكم لن يصدر قبل 4 سنوات على اقرب تقدير .
وكانت المحكمة العسكرية، قضت في أيلول 2017 بإعدام الشيخ الأسير في قضية "أحداث عبرا". ومعلوم ان أحكام الإعدام لا تنفذ في لبنان (او نادرا ما تنفذ)، وتستبدل بالسجن مدى الحياة، ما لم يكن هناك عفوا رئاسيا. وفي 24 حزيران 2013 وقعت مواجهات مسلحة بين مجموعة الأسير والجيش اللبناني تسببت باستشهاد 18 جندياً في الجيش و11 مسلحاً من أنصار الأسير.
وفي 15 آب 2015 أُوقف الأسير في مطار بيروت أثناء محاولته مغادرة البلاد.