في لبنان... حَقْن الناس بلقاحات من ماء فـ "شو عم يسير بهالبلد"؟ | أخبار اليوم

في لبنان... حَقْن الناس بلقاحات من ماء فـ "شو عم يسير بهالبلد"؟

انطون الفتى | الجمعة 17 سبتمبر 2021

حيطة وحَذَر من انفجار مدمّر كبير

 

أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"

 

"إنجازات شديدة الأهميّة"، شهدها لبنان خلال الأيام القليلة الماضية، من أبرزها "هطول" دموع، وتوالُد "غصّات"، وإنفاق أموال على مفرقعات نارية ولافتات و"يافطات"، وإطلاق نار، و"كبّ الرزّ"، ابتهاجاً بتوزير هذا أو ذاك، وبصهاريج محروقات إيرانية، بينما آلاف الناس يشتهون حبّة أرزّ واحدة. فضلاً عن أن استقبال المحروقات الإيرانية بالنار، كان ينقصه استعمال الصواريخ والمسيَّرات، تعبيراً عن الابتهاج. وهذا من "الإيجابيات الكبرى" في البلد.

 

الدولار

أبرز ما أكّده الإطار الشّكلي لآخر المستجدات، هو أنه يوجد في كل منطقة من لبنان، من لا تكويهم الأزمات. هُم "يلعبون" بالدولار لَعِباً، ولا ينقصهم أي شيء من الأمور التي يلهث باقي الناس لتأمينها يومياً.

فيروس قاتل

وبالعودة الى أرض الدّموع والغصّات، نجد رغبة سلطوية بنشر فيروس قاتل في صفوف الشعب اللبناني، إسمه "كونوا إيجابيّين"، ولا تتحدّثوا عن السلبيات، الى درجة أن أحدهم دعا وسائل الإعلام قبل أيام الى عَدَم استضافة من سمّاهم "جهابذة"، لأنهم ينتقدون الحكومة.

هذه الإيجابية هي في الواقع أقرب الى فيروس قاتل، يفوق بخطورته "كوفيد - 19"، لأن لا لقاحات قادرة على الحدّ من مفاعيله السلبية.

 

إيجابيات

"شو عم تستغشمونا" مثلاً؟ فأين هي الإيجابيات؟ وما هي؟ "دلّونا عليا"، فنعيشها، ونركّز عليها، وبغير ذلك لا تتحفونا بإيجابيات غير موجودة أصلاً. ولا تطالبوا وسائل الإعلام بالتركيز على ما هو غير موجود، منعاً لتحويلها الى مدارس "يوغا"، تبدأ بخداع الناس بالهدوء، والصحة... وتنتهي بهم بالانتحار، والموت... ونحن ندري ما نقوله في هذا الإطار (لا مجال للحديث عن "يوغا" هنا).

 

السياسة

قد لا يعجب ما سنقوله البعض، ولكنّه أكثر من صحيح.

لا يجب أن يقبل الإعلاميون والصّحافيون مناصب سياسية، وإلا تسقط عنهم الصّفة الإعلامية والصّحافية، أو يتوجّب عليهم أن يُسقطوها هُم عن أنفسهم، في تلك الحالة، ومنذ ما قبل دخولهم معترك السياسة.

فمن يعمل في الإعلام والصّحافة، هو ذاك الذي من المُفتَرَض أنه اختار نقل الحقيقة والعدالة. و"مساقبي" أن كل تلك الأمور لا تتناسق مع مجال السياسة، الذي يتطلّب الكثير من "اللّف والدّوران"، وملامسة الملفات والوقائع بقفازات سميكة، وسميكة جدّاً.

 

على الأرض؟

أمر آخر في هذا المجال، وهو أن دور الإعلام خلال الفترة الحالية الحسّاسة، وفي كل المراحل، ليس ولا يُمكنه أن يكون شراء التهدئة، ولا الكذب بإسم بثّ الإيجابية والتفاؤل.

فالإعلام ليس "مسّاحاً" للدّموع، ولا هو سلّة مهملات تضع فيها السلطة موبقاتها، و"ما هبّ ودبّ"، لتحصل على التمجيد، والتهليل، بإسم التهدئة والإيجابية، وبثّ ما يبرّد أعصاب الناس.

الشعب يعلم كل شيء، وهو تماماً كالمصاب بمرض خطير، يتهامس الطبيب مع ذويه حول وضعه الصحي الصّعب، ظنّاً منهم أنه لا يسمعهم. وعندما يأتون للكذب عليه، وللقول إنه سيتحسّن مع مرور الوقت، ينظر إليهم بهدوء قائلاً، كم يبقى لي على الأرض؟

 

انفجار

الموضوعية ليست حجّة للكذب والنّفاق، ولا للتعمية على الحقيقة والعدالة. ولا شيء أهمّ من الحقيقة، والعدالة، لا بإسم موضوعية، ولا بإسم أي شيء آخر. ولا يُمكن حقن الناس بلقاحات من ماء، إسمها إيجابية، لمكافحة وباء قاتل، هو بلد "مش ماشي حالو"، مُتخَم بالوعود الكاذبة، و"بكثرة حكي"، وبكثرة استقبالات وأنشطة بلا نتائج، يموت الناس فيه بلا دواء، وبلا مال، وبلا كهرباء، ومحروقات...

باختصار، أوقِفوا أنتم الكذب على الناس، وحدّثوهم عن أن البلد "مش ماشي حالو"، وعن أن "الحال ما رح يمشي"، إلا إذا توقّف الكذب بالحديث عن إيجابيات غير موجودة.

كونوا صادقين، وادفعوا الناس الى أخذ الحيطة والحَذَر من انفجار مدمّر كبير، سيشتعل عندما تفشل التسويات الخارجية حول لبنان. وقد لا يترك هذا الانفجار "من يخبر" في البلد، إلا إذا هطلت الأمطار الغزيرة، والغزيرة جدّاً، لا الدموع، في أوان انفجاره، فتُخمده قبل أن يُطيح بالأخضر واليابس.

 

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار