موقف ميقاتي نوعي ومتقدّم مقابل الصمت المريب لعون وإشادة باسيل بخطوة "الحزب"
"النهار"- وجدي العريضي
انطلقت التباينات بين العهد وتياره ورئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي، وقبل أن تذهب الحكومة إلى "مسرح الأونيسكو" لتكسب ثقة المجلس النيابي في شأن الخيارات الاستراتيجية حيث يلتزم ميقاتي سياسة النأي بالنفس و"حزنه" على انتهاك السيادة اللبنانية من خلال إدخال المحروقات الإيرانية، كان له موقف يتسم بالحنكة وحمل في الوقت عينه أكثر من من دلالة ورسالة، بما يؤكد بالملموس أنّ الرجل لن يخرج عن ثوابت ومسلّمات نادي رؤساء الحكومات السابقين ودار الفتوى.
أضف أنّ رئيس الحكومة يسعى إلى إعادة العلاقة بين لبنان ودول الخليج وتحديداً المملكة العربية السعودية، وما تطرق إليه حول حزنه إزاء ما واكب إدخال النفط الإيراني إلى بعض المناطق، قد يكون مدخلاً من أجل تسوية العلاقات التاريخية بين بيروت والرياض والخليج عموما، إلى قراءة ميقاتي للقرارات التي صدرت عن الاجتماع الوزاري لدول مجلس التعاون الخليجي، وقد سبق لـ "النهار" أن أكدت على هذا التماس من دول مجلس التعاون مع السعودية، إذ لا يمكن أن يحظى لبنان بدعم من أية دولة خليجية لأنّ هناك قراراً واضحاً تجاه الملف اللبناني وأضحت الثوابت الخليجية معروفة، وهي تتمثل بعودة لبنان إلى الحضن العربي وخروجه من المحور الإيراني وسيطرة "حزب الله" التي تجلت بإدخال المحروقات على إيقاع الرصاص و"الدبكة" وخارج إطار الدولة.
وفي هذا الإطار، تقول مصادر سياسية متابعة لمسار الأوضاع الراهنة لـ "النهار"، إنّ موقف الرئيس ميقاتي نوعي ومتقدّم في هذه المرحلة الدقيقة، وفي ظل تفكك الدولة اللبنانية الممسوكة بالكامل من "حزب الله"، وحيال الصمت المريب لرئيس الجمهورية ميشال عون ربطاً باستيراد الحزب النفط الإيراني، إضافةً إلى إشادة رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل بخطوة "الحزب"، في حين سُجّلت حملات من بعض نواب "التيار البرتقالي" على ميقاتي، ما يؤشر إلى مرحلة فيها الكثير من التباينات والخلافات ولا سيما على قضايا وعناوين عربية واستراتيجية، إنّما الخطوة الأولى لرئيس الحكومة من شأنها أن تؤدي إلى توازن في الحكم، لا بل ووفق معلومات مؤكدة من الدائرة الضيقة المحيطة برئيس مجلس الوزراء، فإنّ ميقاتي لن يسمح بأي تجاوز لموقعه ولن يقدم على أية خطوة تتنافى والعلاقة الوثيقة بين لبنان والسعودية والخليج، وهو الذي شاهد بأمّ العين أمير قطر وولي عهد أبو ظبي يلتقيان ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، ناهيك بعودة الدعم الأميركي الى الرياض وتأكيد واشنطن وقوفها إلى جانبها إزاء أي اعتداء تتعرض له، وعلى هذه الخلفية ما زال رئيس الحكومة يسعى بعيداً من الأضواء إلى زيارة المملكة وتسوية الأمور العالقة بين البلدين.
وتكشف المصادر أنّ هناك اتفاقات موقعة بين حكومة الرئيس سعد الحريري التي استقالت بعد ثورة 17 تشرين مع المملكة، وهي تحتاج إلى اللمسات الأخيرة، وفي حال نجح رئيس الحكومة في إعادة ربط العلاقة مع السعودية، وهو الخبير في تدوير الزوايا، فذلك سيعود على لبنان بإيجابيات كثيرة، إذ يشار إلى أنّ الاتفاقات المذكورة هي الأبرز لما تتضمنه من دعم سعودي على كل الصعد.
وتخلص إلى أنّ رئيس الحكومة يدرك تماما كل ما يحيط بحكومته من بعض المطبات، وتحديداً على الصعيد العربي والخليجي، وما يربط العهد مع "حزب الله" من مذكرة تفاهم، ومن ثم غالبية الوزراء على صلة وثيقة بـ "الحزب" وضمن المحور الإيراني، والدلالة الترحيب غير المسبوق الذي صدر عن أحدهم بعد وصول صهاريج المحروقات الإيرانية إلى البقاع، ولكن رئيس الحكومة يعلم أيضاً في الوقت عينه أنّ ثمة تسوية فرنسية – إيرانية كانت خلف تأليف الحكومة، إلى صدور مواقف دولية داعمة لها وإن كانت محدودة، وعليه هو يدرك أنّه لن يخسر ثقة بيئته الحاضنة ولن يسمح باستفزاز السعودية في لبنان. وعَود على بدء، فقد جاء موقفه "الحزين" من انتهاك السيادة، كخريطة طريق لدوره رئيساً لمجلس الوزراء على الصعيد الخليجي والعربي عموما، من دون أن تؤثر عليه الشراكة في الحكم والطرف الآخر.