ما يجري اليوم بأيدي ضحايا العام 1990 الأحياء هو استكمال الهزيمة
كتب المحرر السياسي – "أخبار اليوم"
لا غازي كنعان ولا رستم غزالة الراحلين ولا غيرهما من ضباط جيش الرئيس الراحل حافظ الأسد اتخذ القرار بالهجوم ضد قصر بعبدا حيث كان يتحصن العماد ميشال عون في ١٣ تشرين الأول من العام ١٩٩٠.
القرار في حينه كان قرارا أميركيا وافقت عليه إسرائيل ونفذته سوريا بعدما رفعت من أمام جيشها كل الخطوط الحمراء التي كانت قائمة لسنوات طويلة.
دخلت القوات السورية إلى المنطقة الحرة وسيطرت على رمز الشرعية اللبنانية قصر بعبدا، بينما كان العماد عون في السفارة الفرنسية وعائلته في ملجأ القصر، وجنود وضباط استمروا بالقتال ولم يصلهم نداء العماد عون بالإنضمام إلى قيادة العماد أميل لحود فاستشهد منهم من استشهد وجرح من جرح وفقد من فقد ولا يزال حتى اليوم ولم ينفع تودد العماد عون والتيار الوطني الحر للنظام في سوريا في كشف مصير المفقودين عسكريين ومدنيين حتى أنهم أصبحوا لدى البعض في طي النسيان.
١٣ تشرين ١٩٩٠ لا يمكن فصله عن سياق الأحداث التي سبقته فما يعرف بحرب التحرير وضعت المنطقة الحرة لأول مرة منذ اندلاع الحرب في العام ١٩٧٥ في حال حصار وشكلت أول اختبار لعملية إسقاط الخط الأحمر في سوق الغرب وشهدت تلك الحرب موجة هجرة واسعة للمسيحيين من لبنان، وانتهت من دون تحقيق أي نصر لا عسكري ولا سياسي، لا بل أدت بالمسيحيين إلى هزيمة سياسية تمثلت باتفاق الطائف، فقد وُضع المسيحيون أمام خيارين إم استمرار الحرب وسقوط الخط الأحمر وفرض الاتفاق السياسي، وإما التنازل السياسي من دون اختراق المناطق الحرة وبالتالي بقاء رئيس الجمهورية المنتخب مقيما في قصر بعبدا وعمليا تحت وصاية ورعاية القوى المسيحية المسيطرة هناك.
١٣ تشرين ١٩٩٠ لا يمكن فصله عن حرب الإلغاء، فبعد الهزيمة السياسية في حرب التحرير وعدم التقاط اللحظة المناسبة لانتخاب رئيس الجمهورية وقطع الطريق على استكمال ضرب الوجود المسيحي في لبنان، كان لا بد من هزيمة عسكرية تضعف كل القوى العسكرية الحرة وفي مقدمها وحدات الجيش اللبناني ذات الغالبية المسيحية من جهة والقوات اللبنانية من جهة ثانية، وهكذا كان، فتحت شعار الشرعية وتوحيد البندقية اشتعلت حرب الإلغاء ودمرت وقتلت وهجرت من المسيحيين ما لم تنجزه سنوات الحرب السابقة وانتهت من دون أن يحقق أصحاب شعاراتها أي نتيجة تذكر وجعلوا من قوى الشرعية التي كان يمكن أن تكون نواة صلبة لجيش لبناني قوي، مجرد قوى عسكرية منهكة لا حول لها ولا قوة تخرج من معركة لتدخل في أخرى.
كل ذلك لم يؤد إلى انتخاب رئيس للجمهورية وتمسك العماد عون بموقعه في قصر بعبدا رغم كل رسائل الترغيب والتهديد إلى أن أعطي الضوء الأخضر دوليا وإقليميا ودخلت قوات نظام الرئيس حافظ الأسد إلى المنطقة الحرة ونجا رئيس الحكومة الانتقالية العسكرية بنفسه بعد هزيمة سياسية وعسكرية.
إحياء هذه الذكرى يجب أن يكون من أجل استذكار والترحم على شهداء الجيش اللبناني والمدنيين الذين قتلوا عمدا وبالصدفة والمفقودين الذين لا يُسأل عنهم حيث يجب أن يُسأل، وكل قول آخر هو من باب الإستثمار في الدماء لأن كل شعارات تلك المرحلة قد تهاوت من قبل من حملها فلا نحن في شرعية لا شريك لها بل على العكس نحن في تعزيز شرعي لدور الميليشيا والدولية على حساب الدولة،ولا نحن في علاقة ندية وصريحة وواضحة مع النظام السوري بل على العكس استعادة الزحف نحوه يستجدون منه الرضى من أجل المنصب الرئاسي.
ما يجري اليوم هو استكمال لـ ١٣ تشرين ١٩٩٠ بأيدي ضحاياها الأحياء إنه استكمال الهزيمة.