طبارة: مصلحة تركيا لا تتطابق دائماً مع مصالح أوروبا و"الناتو"
أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"
لعبة الأعصاب مُتواصِلَة على الخطّ التركي - "الأطلسي"، رغم ما كشفه المتحدّث بإسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس مؤخّراً، عن وجود حلول للخلاف مع تركيا حول مشكلة طائرات "إف - 35"، وذلك بموازاة تصريحات للرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن أن الولايات المتحدة الأميركية اقترحت على بلاده شراء طائرات "إف - 16"، وهو ما سيمنع خسارة تركيا مبلغ 1.4 مليار دولار كانت دفعتها سابقاً لشراء "إف - 35".
روسيّة
ولكن تلك التلميحات بحلول، أتت على وقع ما سُرِّب عن رئيس الصناعات الدفاعية التركية إسماعيل دمير، الذي قال إن أنقرة قد تتّجه لشراء العديد من المقاتلات الروسية خلال الفترة القادمة، من طراز "سو - 35" و"سو - 57"، إذا قرّرت واشنطن تجميد بيع الـ "إف - 16" أيضاً. وهذا الكلام التركي ينطلق من أن الكونغرس الأميركي قد لا يرحّب بأي صفقة مع أنقرة، قبل تسوية المشكلة المرتبطة بصواريخ "إس - 400" الروسية.
الكونغرس
روسيا مستعدّة للبَيْع، بحسب أكثر من مصدر روسي، طالما أن الصّفقة مدفوعة الثّمن. وما على تركيا إلا أن تقرّر هي بنفسها وجهة استعمال أموالها. ولكن الحديث عن "سو - 35" و57 في تركيا، سيعقّد العلاقات الأميركية - التركية، و"الأطلسية" - التركية، أكثر مستقبلاً، وقد يدفع الكونغرس الأميركي الى اعتماد نهج أكثر تشدّداً تجاه أنقرة.
عقيدة قتالية
كما أن إمكانيّة دخول تلك المقاتلات الروسية الى تركيا لا تتعلّق بأبعاد سياسية واستراتيجية كبرى فقط، بل بصعوبات تقنية أيضاً، إذ تؤكّد مصادر عسكرية أن الطيّارين الأتراك لا يرغبون بمثل هذا التغيير الذي سيكون صعباً جدّاً عليهم التأقلُم معه في مدة زمنية قريبة، وسيتطلّب إدخال تعديلات جوهرية على العقيدة القتالية للجيش التركي، لن يكون تلقّفها عملية سهلة كما قد يفترضها البعض.
اليونان
تلك المعطيات تتزامن مع اتّفاق أبرمته الولايات المتحدة الأميركية واليونان مؤخراً، لتوسيع أُطُر اتفاقية التعاون الدفاعي الثنائية، بما يمنح القوات الأميركية استخداماً أوسع للقواعد العسكرية اليونانية. وهو ما يهدّد تركيا باستبدالها باليونان، في الوجدان الأميركي والأوروبي و"الأطلسي" العام.
الإتحاد الأوروبي
أشار سفير لبنان السابق في واشنطن رياض طبارة الى أن "مشكلة تركيا مع الغرب لا تنحصر بـ "الناتو" والولايات المتحدة فقط، بل بأوروبا في الأساس، التي لا ترحّب بمحاولات أنقرة دخول الإتحاد الأوروبي، انطلاقاً من أنه لا يستطيع تحمُّل دولة إسلامية كبيرة بهذا الحَجْم. وهذا يتسبّب بحساسية بين الطرفَيْن".
ولفت في حديث لوكالة "أخبار اليوم" الى أن "مصلحة تركيا لا تتطابق دائماً مع مصالح أوروبا و"الناتو". فهي مهمّة لأوروبا نظراً لموقعها الجغرافي على حدود روسيا، ولكن الأخيرة مهمّة لتركيا أيضاً والعكس صحيح، بسبب قربهما الجغرافي من بعضهما البعض. وبالتالي، تختلف التطلّعات بين الجانبَيْن الغربي والتركي في النّظرة الى روسيا".
ليست سهلة
وأوضح طبارة أن "المشكلة الكبرى كانت بدأت قبل سنوات، مع فتح تركيا أبواب اللّجوء الى أوروبا، فيما تستمرّ أنقرة بتهديد الأوروبيّين بموجات جديدة من اللّجوء، بين الحين والآخر. وزادت (المشكلة) مع تحكُّم "الناتو" بالرّغبات العسكرية التركية، فتمّت صفقة صواريخ "إس - 400" مع روسيا، بدلاً من صواريخ "باتريوت" الأميركية، كردّ على ذلك، رغم أن "حلف شمال الأطلسي" يريد الاستفادة من القواعد العسكرية التابعة له في الأراضي التركية".
وأضاف:"فضلاً عن أن أعداء تركيا هما أرمينيا والأكراد، في شكل أساسي، فيما الأرمن والأكراد حلفاء لواشنطن وأوروبا في آسيا. وهذه مشكلة إضافية في التطلّعات والتحالفات. وبالتالي، العلاقة لم تَعُد سهلة أبداً، وسط اختلاف كبير في المصالح، وعلى مستوى النّظرة الى الأطراف الحليفة والعدوّة".
حلول
ورأى طبارة أن "توسيع أُطُر التعاون الأميركي - اليوناني هو من باب شدّ الحبال بين الطرفَيْن الغربي والتركي، للوصول الى وضع الأوراق كافّة على الطاولة، في طريق التوصُّل الى حلول جذرية للمشاكل بينهما".
وتابع:"تنطلق الحلول من المصالح المشتركة بين الطرفَيْن، وهي في الأساس، أهميّة أوروبا والولايات المتحدة للإقتصاد التركي، والعكس صحيح أيضاً. بالإضافة الى وضع الملفات التي تحوّلت الى مادّة لتبادُل التهديدات بين الطرفَيْن، على الطاولة، مثل أزمة اللّجوء الى أوروبا".
وختم:"التلويح الغربي بالاعتماد على اليونان كبديل من تركيا يأتي من باب التهديدات، ولكنّه لن يحصل قريباً. كما أن تركيا لن تترك الغرب لتتّجه الى روسيا، نظراً الى حاجتها للإقتصاد الأميركي والأوروبي، فيما الإقتصاد الروسي مُتعَب جدّاً. ولا بدّ من انتظار الى أين يُمكن لشدّ الحبال بين الطرفَيْن الغربي والتركي، أن يصل".