مصدر: ما يبثّه البعض عن علاقة روسيا بـ "حزب الله" ليس صحيحاً
أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"
مواقف وإشارات شديدة الأهمية، تصدر عن روسيا تباعاً في الآونة الأخيرة، وتحمل الكثير من الدلالات، في أكثر من اتّجاه.
فعلى وقع التعثّر اللبناني الكبير في التحقيقات المرتبطة بأسباب انفجار مرفأ بيروت، أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال الاجتماع السنوي لـ "منتدى فالداي الدولي"، أن صور الأقمار الإصطناعية للانفجار موجودة، وأن موسكو ستقدّمها إذا كانت ستساعد في الوصول الى الحقيقة.
زيارة
وهذه كانت إشارة شديدة الأهميّة، تُخفي أبعَد من مجرّد ارتجال في الإجابة على سؤال صحافي، قُبَيْل بَدْء زيارة مهمّة لرئيس الحكومة الإسرائيلية نفتالي بينيت، الى روسيا. فالتنسيق الروسي - الإسرائيلي في كلّ ما يتعلّق بالملفات شديدة الحساسية في المنطقة، يتّصف بالدّيمومة، وأي حديث روسي عن انفجار مرفأ بيروت لا يخرج عن تلك المظلّة، بحسب أكثر من مصدر.
مصالحة
موقف روسي مهمّ جدّاً أيضاً، أتى على لسان بوتين، وأكد أن موسكو تقف على مسافة بعيدة من "حزب الله" في لبنان، وأن لا مكانة خاصّة لـ "الحزب" في "الأجندة" الروسية، على حساب باقي الأطراف اللبنانية، على عكس ما يوحي به البعض، وذلك بقوله (بوتين) إن روسيا لا تدعم فريقاً ضد آخر في لبنان، لأن ذلك يضرّ بالجهود المبذولة للتوصُّل الى مصالحة، وذلك بموازاة اعتراف الرئيس الروسي بالقوّة السياسية المهمّة لـ "الحزب" في لبنان.
لا تغطية
فالدّعوة الى حلّ النزاعات اللبنانية عن طريق الحوار، وتأكيد التواصُل الروسي مع كل الأطراف السياسية اللبنانية "تقريباً"، خيّما على مواقف بوتين من الأوضاع في لبنان، بموازاة الدّعوة الى تسوية الأمور فيه دون أي سفك للدماء، وهو ما يخرج عن طموح البعض بالحصول على دعم روسي، في ما لو أراد التحرّك فيه (لبنان) عسكرياً، تحت ستار منع الحرب الأهلية، والحفاظ على السّلم الأهلي. كما أن ذلك يؤكّد أن لا بساط روسياً خاصّاً للفريق "المُمَانِع" في لبنان، في أي ملف أو قضيّة خلافية، وأن لا إمكانيّة لهذا الفريق ("المُمانِع") بالاعتماد على روسيا، في تغطية أي تحرّك عدائي له.
مع الغرب
وإذا كانت المضامين الدولية "التبايُنيّة" والخلافية مع الغرب، التي وردت في كلام بوتين خلال "فالداي"، هي التي تحظى باهتمام الجميع، وهي التي دفعت المتحدّث بإسم الكرملين ديمتري بيسكوف الى تأكيد أن خطاب الرئيس الروسي لن يؤثر على العلاقات الروسية مع الغرب، وأن موسكو ستظل جزءاً من أوروبا، فإن ما ورد على لسانه (بوتين) في إطار مرفأ بيروت، ورأيه بـ "حزب الله"، يؤكّد أن لا مقاربة روسية خاصّة للملف اللبناني، من خارج الإتّفاق والتوافُق مع الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا، مهما ظهر أن العكس هو الصّحيح، أو أنه يُمكن التلاعُب على بعض الحبال، في هذا الإطار.
يزعج إيران
أشار مصدر واسع الإطلاع الى أن "الرسالة التي بعث بها بوتين لرئيس الحكومة الإسرائيلية قبل أيام، لمناسبة مرور ثلاثة عقود على استعادة العلاقات الديبلوماسية بين روسيا وإسرائيل، تحمل الكثير من الدلالات والمعاني، وتؤكّد متانة التحالف الروسي - الإسرائيلي في الشرق الأوسط والعالم".
ولفت في حديث لوكالة "أخبار اليوم" الى أن "الرئيس الروسي عبّر في رسالته عن حاجة روسيا وإسرائيل الى العمل معاً، في كلّ ما يتعلّق بتحدّيات المستقبل. كما أكد أن الاهتمامات والمصالح الروسية - الإسرائيلية تتكامل في إرساء الاستقرار والسلام والأمن في منطقة الخليج أيضاً، وأن ما يجمع روسيا وإسرائيل هي المبادىء المتعلّقة برفض الكراهية والعنصرية ومعاداة السامية. وهذا الكلام يزعج إيران كثيراً، نظراً لعقيدتها القائمة على تدمير إسرائيل، وإزالتها من الوجود".
غير صحيح
وشدّد المصدر على أنه "إذا أضفنا الى رسالة بوتين لبينيت، مقالاً لوزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، للمناسبة نفسها أيضاً، نُشِر الأسبوع الفائت، وأشار فيه الى أن الحلول الشاملة لمشاكل الشرق الأوسط يجب أن تأخذ في الاعتبار المصالح الأمنية لإسرائيل، كنقطة أساسية، نفهم الى أي مدى تشكّل العلاقات الروسية - الإسرائيلية المتزايدة منذ سنوات، عامل قلق للإيرانيين، ولأذرعهم في المنطقة".
وأكد أن "ما يبثّه البعض عن أن روسيا تعتبر أن "حزب الله" حالة خاصة في لبنان والشرق الأوسط، يجب مراعاتها، هو كلام غير صحيح".
ثواني
وعن انعكاس متانة العلاقات الروسية - الإسرائيلية على مستقبل النّظرة الدولية لملف انفجار مرفأ بيروت، أجاب المصدر:"لا روسيا، ولا الولايات المتحدة، ولا فرنسا، ولا أي دولة أخرى، ستقدّم أي صورة أو معلومة تمتلكها عن انفجار مرفأ بيروت، إلا بموجب إشارة ورغبة إسرائيلية. وإيران تدرك ذلك جيّداً، وهي تستفيد من رغبة تل أبيب بالصّمت عن الحقيقة، حتى الساعة".
وختم:"عندما يصبح كشف حقيقة ما حصل في 4 آب 2020 مصلحة لإسرائيل، فإن الحقيقة ستُكشَف ولو بعد عقود، وخلال ثوانٍ قليلة، وبمعزل عن أي مسار لبناني في هذا الملف".