قصة "حزب الله" بجناحيه السياسي والعسكري: هذه لائحة تصنيف الدول له... أسبابه ومفاعيله | أخبار اليوم

قصة "حزب الله" بجناحيه السياسي والعسكري: هذه لائحة تصنيف الدول له... أسبابه ومفاعيله

| السبت 27 نوفمبر 2021

 "النهار"- منال شعيا

" حزب الله": "حزب سياسي"، "منظمة إرهابية"، "مجلس جهادي"... أم هو واحد من كل ذلك؟
هي قضية مثيرة للجدل والتساؤل والرصد... وهي لائحة طويلة من مجموعة دول تتوسع عاما بعد عام، لتصنّف " حزب الله"، وفق قاموسها القانوني، منظمة إرهابية، إمّا بجناحه العسكري فقط دون السياسي، وإما بالجناحين معا.

مسألة الحظر والتصنيف ليست بجديدة، وإن اكتسبت في الآونة الأخيرة بُعداً اكثر أهمية نظرا الى شمولها اكثر من دولة أوروبية، والى شمول الجناح السياسي للحزب بالإرهاب أيضا بعدما كان الامر ينحصر بالعسكري منه، بسبب تكاثر "الحوادث الخطرة او المريبة" التي توجَّه من خلالها أصابع الاتهام الى "حزب الله" كمساهم فيها. ولعلّ هذه الحوادث لا تنحصر في البُعد المحلي – اللبناني فحسب انما تتعدّاه إقليميا، واحيانا دوليا.


خط تصاعدي

بدأت هذه التصنيفات اميركيا. وان صحّ القول، امكن رسم خط بياني تصاعدي لتصنيف الدول لـ"حزب الله" منظمة إرهابية، وامكن رسم مستويات عدة لهذا التصنيف.
في المستوى الأول، كانت اميركا قد صنفت الحزب إرهابيا، بشقّيه السياسي والعسكري عام 1997.

في المستوى الثاني، دخل الاتحاد الأوروبي على خط التصنيف. وما قبل عام 2013 ليس كما بعده، اذ عامذاك قرر الاتحاد الأوروبي، بالاجماع، ادراج الجناح العسكري لـ"حزب الله" على لائحة الإرهاب. في تلك اللحظة، كانت فرنسا المانع الأول لعدم شمول الجناح السياسي للحزب بالإرهاب. كانت تريد فصل الجناحين، بحجة الحفاظ على علاقاتها مع مختلف القوى اللبنانية المحلية. فكان هذا القرار بمثابة تسوية، اذ لطالما تعمدت فرنسا التريث في هذه المسألة. وهي للتذكير، انضمت في اللحظة الأخيرة الى قرار الاتحاد الأوروبي عام 2013.

انما بخلاف فرنسا، كانت بعض الدول الأوروبية تستبق قرار الاتحاد، لا بل تتعداه أيضا. فهولندا كانت اول دولة أوروبية حظرت "حزب الله" وصنّفته إرهابيا بجناحيه السياسي والعسكري، عام 2004، أي انها دانت أنشطة الحزب بالكامل.

في المستوى الثالث يبرز دور العرب. عام 2016 كانت المفاجأة حين أدرجت جامعة الدول العربية، وقبلها دول مجلس التعاون الخليجي، "حزب الله" على لائحة الإرهاب!


أسباب ومفاعيل

هكذا، اكتمل العقد دوليا، أوروبيا وعربيا. ومن هذا السياق، تتنوّع الأسباب والمفاعيل لهذا الاجراء.

في الأسباب أولا، تختلف نظرة اميركا بالطبع الى "حزب الله"، عن نظرة بعض الدول الاوروبية والعربية اليه.

في النظرة الأميركية، يتعلق الامر بعدد كبير من "الأنشطة الإرهابية" التي يمارسها "حزب الله"، وفق الولايات المتحدة، في اكثر من دولة، ولا يقتصر هذا الامر على الداخل اللبناني، انما يشمل الخارج الإقليمي - العربي والدولي - العالمي.

وكان اللافت أخيرا، وفق النظرة الأميركية، ان "الجناح المسلّح لحزب الله يهرّب مواد كيميائية ويخزّنها، ومنها نيترات الامونيوم، من بلجيكا الى فرنسا واليونان وإيطاليا واسبانيا وسويسرا"... وقد أُذيع هذا الامر على لسان اكثر من مسؤول أميركي كبير، بحيث أشارت هذه المعلومات الى استعمال الحزب أراضي أوروبية لتخزين هذه المواد وصنع متفجرات، فضلا عن عمليات غسل الأموال وتبييضها!

اما أوروبيا، فكان عام 2012 مفصليا، حيث قدمت بريطانيا امام الاتحاد الأوروبي معلومات تشير الى "تورّط الحزب في عملية تفجير استهداف حافلة سياح اسرائيلية في بلغاريا، أدت الى مقتل خمسة إسرائيليين وسائق الحافلة". يومها استُند الى هذه المعلومات، ليتخذ الاتحاد الأوروبي لاحقا (عام 2013) قرارا بإدراج الجناح العسكري للحزب على لائحة الإرهاب.

عربيا، كان السبب الرئيسي وراء تصنيف دول مجلس التعاون الخليجي وجامعة الدول العربية "حزب الله" في خانة الإرهاب من خلال "التدخل الفاضح في شؤون اكثر من دول عربية، ابرزها من خلال المشاركة في الحرب السورية، والحرب العراقية، وحوادث اليمن، وزعزعة اركان الحكم في عدد من الدول الخليجية". وقد جاء هذا القرار يومها، (عام 2016)، عقب "اتهام الحزب بتجنيد شباب دول المجلس الخليجي للقيام بالاعمال الإرهابية وتهريب اسلحة ومتفجرات".
وفي المفاعيل، تتعدد النتائج لهذا الاجراء، من فرض عقوبات على اركان الحزب ومنع سفرهم، واحيانا بإبعاد أي مقيم تثبت ادانته في بعض الاعمال الإرهابية وتجميد ارصدة المال، وحظر الانتماء الى الحزب او تمويله من جانب الجاليات اللبنانية التي تقيم في الدول التي تحظر اعمال الحزب وتفرض عقوبات على جناحيه السياسي والعسكري، كما حصل في اوستراليا أخيرا.


لائحة الدول

يُعدّ "حزب الله" من اكثر الأحزاب اللبنانية المثيرة للجدل... والمشاكل. منذ بداياته في العام 1985، سلّط الضوء على نشاطه. في البدء كان الصراع مع اسرائيل هو المحور والمحرك، حتى عام 2000، وتحديدا حتى 25 أيار، يوم التحرير، لتتوالى بعدها الحوادث من حرب تموز 2006، قبل ان يصبح الحزب مساهما أساسيا في حوادث عسكرية دامية، هزّت الداخل اللبناني وهدّدت استقراره في اكثر من مرحلة، كان ابرزها حوادث 7 أيار 2008، انفجار المرفأ في 4 آب 2020، وحوادث الطيونة الأخيرة في 14 تشرين الأول 2021.

إقليميا، كان الحزب المشارك الأساسي في الحرب السورية منذ عام 2012 والحرب العراقية (2014 - 2017)...

كل ذلك جعل الجناح العسكري للحزب، او ما يسمّى "مجلس الجهاد"، تحت دائرة الضوء، من دون ان يطمس دوره السياسي وجناحه الفاعل، نيابيا عبر كتلة "الوفاء للمقاومة"، ووزاريا عبر مشاركاته الوازنة في الحكومات المتعاقبة، واعلاميا عبر محطات إذاعية وتلفزيونية، فضائية ومحلية، والكترونية وشبكة خدمات اجتماعية منظمة. هذه العوامل كلها شكلت "عدّة شغل" متكاملة، وجعلت للحزب حلفاء وخصوما، محليين وخارجيين. هكذا، بات الحزب صانعا في اكثر من حدث سياسي. من 8 آذار 2005، الى "تفاهم مار مخايل" في شباط 2006، الى إيصال العماد ميشال عون الى سدة الرئاسة الأولى في 31 تشرين الأول 2016.

وعليه، كل هذه المراحل المثيرة جعلته يحتل الصدارة والترقّب عند اكثر من دولة، لتصبح خريطة تصنيف الدول له كالآتي، ونبدأ من الآخر:

اوستراليا: صنفته إرهابيا قبل أيام، بجناحيه السياسي والعسكري، بموجب قانون العقوبات الأوسترالي، بعدما كانت تصنّف جناحه العسكري فقط بالارهابي، منذ عام 2003.
ألمانيا وبريطانيا وهندوراس صنفت الجناحين إرهابيين عام 2020.

الارجنتين والباراغواي اقرتا التصنيف نفسه للجناحين في العام 2019.

مجلس التعاون الخليجي وجامعة الدول العربية قررا "اعتبار حزب الله اللبناني منظمة إرهابية" في العام 2016، كما ورد حرفيا في مقررات اجتماع الجامعة في آذار من ذاك العام.

الاتحاد الأوروبي صنف الجناح العسكري للحزب إرهابيا، عام 2013. (انما بعض الدول الاوروبية كانت استبقت هذا الامر بادراج الجناحين معا على لائحة الارهاب مثل هولندا).

وفي أيلول 2020، برزت في فرنسا مطالبة واسعة عبر رسالة مكتوبة رفيعة المستوى وُجهت الى السلطات الفرنسية وطالبتها بتصنيف الجناح السياسي للحزب كمنظمة إرهابية أيضا الى جانب جناحه العسكري، انما حتى الساعة، تفضل فرنسا التأني حفاظا على نشاطها
الديبلوماسي مع الجميع وعلى علاقاتها اللبنانية.

اميركا أدرجت الحزب بجناحيه على لائحة الإرهاب في العام 1997.

هي قصة تستحق المتابعة... فهل يبرهن التاريخ لنا ان "حزب الله" هو فعلا دولة ضمن الدولة، وان جهازه العسكري اكثر قوة من الجيش، ام انه مجرد حزب سياسي سينطفىء دوره... حين تحين الساعة؟!

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار