يرفضون التخلّي عن الكراسي إلا عندما يُنقَلون الى القبور فاقطعوا تمويلهم!... | أخبار اليوم

يرفضون التخلّي عن الكراسي إلا عندما يُنقَلون الى القبور فاقطعوا تمويلهم!...

انطون الفتى | الأربعاء 01 ديسمبر 2021

ماذا عن ازدياد الفقر والموت بدءاً من كانون الثاني؟

 

أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"

 

قد نحتاج بالفعل الى هدنة سياسية، و"صمت سياسي"، إفساحاً في المجال لبثّ بعض البهجة خلال ما يسمّى بـ "شهر الأعياد" (تعبير تجاري لا يمتّ لعيدَي الميلاد المجيد ورأس السنة بِصِلَة)، وذلك رغم الأزمة المالية والاقتصادية، وما تسبّبه من ضائقة معيشية خانقة لشرائح واسعة من اللبنانيين.

 

"سَكْرَة"

ففي العقل التجاري، لا بدّ من الحفاظ على الأرباح، وعلى استقرار معيّن، يتساكن مع الأزمات، تحضيراً لـ "ارتفاعات" ما بعد تغيُّر الظّروف لاحقاً، حتى ولو كان ذلك بالحدّ الأدنى. وهذا أمر مشروع بحدّ ذاته. ولكن الهدنة التي يُنادى بها، تبدو أقرب الى "سَكْرَة" ما قبل "فَكْرَة" كانون الثاني، وهي لا تأخذ في الاعتبار أن نِسَباً لا بأس بها من اللبنانيين لن تعيش طويلاً بَعْد، لا لـ "تَسْكَر"، ولا لـ "تفتكر"، وأن هذه الفئة من الناس تحتسب وقتها بالدّقائق والثّواني.

 

حلول

قد يقول البعض إننا نقدّم صورة مُحبَطَة جدّاً، وإنه رغم المصاعب، لا يجب أن نتوقّف عن محاولات النّهوض. ولكن ما نقوله ليس تعبيراً عن إحباط، بل دلالة على ما هو موجود على أرض واقع بلادنا، بعيداً من الحقائق المُركَّبَة. وهذا الأمر الواقع يحتاج الى حلول صالحة لـ "شهر الأعياد"، ولما بعده.

 

مصلحة

كلّ من في البلد "عم يعمل مصلحتو"، وهذا ليس عيباً. ولكن لا يجوز الغرق في البحث عن "أي سعادة"، أو عن "أي ربح". فصحيح أن أبحاثاً معيّنة تبيّن أن من يستخدم كثيراً كلمة "الموت"، و"القبور"، ومن يتحدّث كثيراً عن الفقر، والمرض... يمتلك شخصيّة مُحبَطَة، تحتاج الى مساعدة نفسيّة، إلا أن من "يغرق" في تلك الأبحاث للتمحيص في أنفُس الآخرين، يتناسى في معظم الأحيان أنها تقف عند حدود توصيف واقع معيّن، موجود بالفعل، وعلى حقيقته كما هي، وبعيداً من الانفصال عن الواقع.

فالانفصال عن الواقع هو الأمر المَرَضي، الذي لطالما عانينا منه في لبنان، على الصُّعُد كافّة. وأشكاله متعدّدة، تبدأ بطمر الرؤوس في الرّمال، وصولاً الى البحث عن "أي حلّ".

 

هل يُمكن؟

فعلى سبيل المثال، هل يُمكن القول إن نتائج انقطاع الأنسولين والأدوية والرعاية الطبية اللازمة عن المرضى، هي الحياة والصحة والفرح، وذلك بهدف بثّ الأجواء الإيجابية في البلد، وخصوصاً خلال "شهر الأعياد"؟

وهل يُمكن القول إن نتائج فقدان الناس أموالهم، وتراجُع قدرة بعضهم الشرائية، الى أقصى الحدود القصوى، هي العَيْش الكريم، والغنى؟

وهل يُمكن القول لمن زار القبور مراراً وتكراراً خلال الأشهر الماضية، للمشاركة في مراسم دفن موتى، فقدوا حياتهم بسبب الأزمة، وتبعاتها الطبيّة وغير الطبيّة، (هل يُمكن القول له) لا تتحدّث عن ذلك، بل عن مستقبل الملاهي الليلية في البلد مثلاً، لبثّ الإيجابيّة في نفوس الأجيال الصّاعدة؟

 

"كأنّو هيك"؟

وماذا يُقال عن جثّة نراها مُمدّدَة أمامنا، باردة، وشاحبة اللّون؟ هل هذا مشهد موت أم حياة؟ وهل من الأفضل القول مثلاً إننا رأينا من يبدو أن روحه خرج من جسده، على طريقة "كأنّو هيك"؟

 

عنف؟

محاولات الإبقاء على الحياة في البلد مهمّة. ولكن ما يعرقلها هو تلك التي تتعلّق بأوقِفوا تجميل الصُّوَر. فماذا عندما سيزداد الفقر، والمرض، والجوع، والموت، بدءاً من كانون الثاني؟ وماذا سيُفيدنا صمت كانون الأول السياسي في تلك الحالة، إذا لم يترافق مع المناعة الضّرورية للأشهر القادمة؟

هنا، نتذكّر أيضاً الإتّهامات لكلّ مُطالِب بمُقاطعة المحال، والمجمّعات التجارية، بأنه يتمتّع بنقمة على الرأسماليّين، وبأنه يرغب بالانتقام منهم عبر "العنف المكبوت"، الذي يخسّرهم مالياً، دون تكسير محالهم، أو تخريب ممتلكاتهم ومؤسّساتهم.

 

تمويل

فلهؤلاء نقول، ابتعدوا عن التحاليل النّفسيّة المُضحِكَة، والخالية من الخلفيّات العلميّة، واتركوها لأصحاب الاختصاص. فمُقاطَعَة بعض المؤسّسات والمحال... في لغة أزمة بلادنا، هي أقرب الى قطع تمويل طبقة سياسية قاتِلَة للحياة، ومُتخاوِيَة بمعظمها مع السلاح القاتِل للبلد، نظراً الى ما لتلك الطبقة من مصالح، ومؤسّسات، ومحال، تومّن التمويل لسياساتها "الخبيثة".

 

بقديمكم

عيّدوا بقديمكم من ثياب، وألعاب. رب الميلاد المولود في مغارة لا يسألكم عن زمن، ولا عن عشاء، ولا عن ثياب، بل عن الحقّ، والحقيقة، والعدالة، ووقف الاحتكار، والتهريب، والتخزين غير الشرعي، كلّ أيام السنة. فقاطِعوا كلّ ما يحقّق الأرباح لسياسات "خبيثة".

 

ثورة

قاطِعوا "السعادة المركَّبَة" خلال "شهر الأعياد". ففي تلك الحالة، ستجدون أن هؤلاء التجار سيهرعون الى رُعاتهم في السلطة، لمطالبتهم بعَدَم النّوم قبل تحرير لبنان من سطوة الفساد والسلاح معاً، وهو ما سيفكّ قيود البلد والشعب معاً أيضاً، وذلك بدلاً من "هدنة" صمت سياسي، "يمشّي شهر الأعياد" تجارياً، ولكنّه يُبقيهم كلّهم على الكراسي التي يرفضون أن يتخلّوا عنها، إلا عندما يُنقَلون الى القبور.

 

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار