حزب الله مُحرَج.. مفاوضات على الأشلاء! | أخبار اليوم

حزب الله مُحرَج.. مفاوضات على الأشلاء!

| السبت 04 ديسمبر 2021

 هل هو  قادر على تلبية ما يُمكن أن يأتيه من أوامر؟

بقلم ماريو ملكون

 

تجلس طهران على طاولة المباحثات النووية وهي تعلم تماماً أنّها ترتكز على أدوات تستخدمها للتّفاوض، واحدة تواصل تحريكها من داخل فلسطين وأُخرى تنتظر "أمر المرشد" لتُطلق عبثيّاتها من عمق لبنان.

أن يكون لبنان على قارعة الاستخدام في لحظات تحديد مصائر الأمم، ليس بالأمر الطبيعي وأقلّه يجب أن لا يكون؛ فما من دولة تنتظر خارطة حركتها وفق بوصلة خارجيّة ما لم تكن خاضعة لقوّة محتلّ.

عانى لبنان في أحداثه العاصفة التي طرأت على تاريخه من آفة الارتباط بالخارج، وما كادت تنجح جماعة من جماعاته بالاقتناع بوجوب فكّ تلاحمها الفكري والمادّي مع دولة خارجيّة، حتّى تقع جماعة أخرى في الشّباك نفسها. ثورة الرابع عشر من آذار، كانت مفصلاً أساسياً في إعادة تموضع أغلبيّة ساحقة من اللبنانيين خلف نهائيّة الكيان اللبناني.

حينها، وحده حزب الله بقي رافعاً لواء انتمائه للجمهورية الايرانية، مُطلقاً مساراً جديداً في ربط لبنان بمصيرها، مُجاهراً بسعيه لوضع كافّة المقوّمات اللبنانيّة في خدمة مشروع "أسياده"؛ وهكذا انتقل لبنان من ضفّة أهواء دمشق إلى مستنقع مخططات طهران، فَلَفَحَت بالبلاد والعباد موجات من الحروب والمعارك وفق ما اقتضت المصلحة الايرانية.

تحويل لبنان إلى ساحة لتصفية الحسابات الاقليمية، ما كان ليأخذ مضجعاً له في بلاد الأرز، لو لم يعمد حزب الله على تنفيذ أجندات وُلاته على حساب الشعب اللبناني.

اليوم لبنان مقطوع الأوصال العربية والغربية، لأنّه بات بالنّسبة للخارج في عِداد دول محور الممانعة، ينتظر دوره على طاولة المفاوضات، لا حول ولا قوّة لأهله ولا للسلطات فيه، ولا قرار له إلّا بما يشتهيه أمين عام حزب الله ومن خلفه الوالي الايراني.

المفاوضات غير المباشرة مع الولايات المتحدة الأميركية والتي تجري برعاية أوروبية، تحكمها هواجس متضاربة تبدأ مع حرص إدارة بايدن في عدم الذهاب نحو تأزيم الاوضاع الاقليمية مع ما قد تُنتجه من أثقال مضاعفة على واقعها الداخلي، مقابل رغبة طهران في استثمار الوساطة الاوروبية لرفع العقوبات عنها بعد أن ولدّت لديها أزمات اقتصادية ضخمة.

كُلّ هذا يجري والمواقف المتأتّية من الجانب الاسرائيلي لا تبعث بالتّهدئة، فالكيان الاحتلالي يُعلن رفضه المطلق للمفاوضات على قاعدة الخشية من أن تؤدّي إلى رفع العقوبات مقابل صفر تنازل، إضافةً لاستغلال الجانب الايراني نتائج الجولة السابعة في مفاوضات فيينا للمضيّ قُدماً نحو بلوغ العتبة النووية في برنامجه، بحيثُ أكّد المتحدث الرسمي للجيش الإسرائيلي ران كوخاف أنّ الجيش يسرّع الخطى لمنع ذلك.

أمام الاستنفار الاسرائيلي الذي يرى أنّ الضربة العسكرية المركّزة للبرنامج النووي هي الخطوة الوحيدة المقبولة من إدارة بايدن، ومع سير الاخيرة بالدبلوماسية كسبيل أمثل للتعامل مع إيران بهدف العودة المشتركة للاتفاق النووي الذي أُبرم عام ٢٠١٥ وانسحبت منه إدارة ترامب بعد ثلاث سنوات، تجد تل أبيب نفسها أمام وجوب أخذ المبادرة أسوةً بما فعلته في الضربات الجويّة للقواعد الايرانية في سوريا.

المؤشّرات الاسرائيليّة تُعيدنا بالذاكرة إلى "عملية أوبرا" في ٧ حزيران ١٩٨١، عندما قامت مقاتلات إسرائيلية من طراز "إف-١٥ وإف-١٦" باستهداف مفاعل تموز العراقي النووي وتدميره بالكامل، في عزّ الحرب العراقية الايرانية، مع العلم أنّه وقتها أيضاً كان للجانب الاوروبي وتحديداً الفرنسي الدور الرئيسي في دعم بغداد لتفعيل مفاعلها النووي الذي كان قد بلغ مراحله الأخيرة في مسار التطوير.

أمام سباق المفاوضات الدولية مع إيران والتّصعيد الاسرائيلي، يرزح لبنان تحت وطأة الخوف من تحريك طهران لفصيلها المسلّح داخله ردًّا على أيّ اختلال للتوازن قد يُطيح بمساعيها، فهل أنّ حزب الله قادر على تلبية ما يُمكن أن يأتيه من أوامر؟

ثلاثُ نقاط ضعف تُغلّف وضعيّة الحزب، أوّلها فقدانه الحاضنة الشعبيّة التي حاوطته إبّان حرب تموز عام ٢٠٠٦، بفعل الأوضاع المأساوية التي يعيشها الشعب اللبناني وبيئة الحزب ضمناً والتي تأزّمت منذ مشاركته في الحرب السورية دفاعاً عن النظام السوري.

ثانيها التّراجع الدراماتيكي لصورته "المقاوِمة"، بحيثُ أنّه إلتزم استخدام قوّته العسكرية في دمشق واليمن والعراق حفاظاً على مصالح إيران، وقادر على الالتزام في تجييشها دفاعاً عن برنامجها النووي ولكنّه ينأى بنفسه عن استعمال ولو أبسط أذرعها لتحرير فلسطين المحتلّة.

ثالثُ نقاط ضعف الحزب وأكثرها تأثيراً هي موارده المالية التي تقلّصت مع العقوبات الاميركية، إضافةً لتضييق الخناق العربية على مسارات التّهريب وعدم قدرة الاقتصاد المواز…الذي أنشأه داخل لبنان على تلبية حاجياته بفعل الازمة المالية.

حزب الله الذي يُلزمه الانتماء العضوي في تنفيذ أوامر مُشغّليه، يعلم تماماً أنّ أيّة مغامرة في إقحام لبنان "بما لا يعنيه"، سيؤدّي إلى إنهاء ما تبقّى من أوجه استقرار في الداخل وبالتّالي الدّفع نحو جبهات لا مفرّ منها من التّصادم بين المكوّنات اللبنانيّة التي لن تجد أمامها سوى أشلاء أجسادها التي نخرها الجوع والفقر، سلاحاً لمواجهة المتربّص بها موتاً ومهانة كرمى ولاية تُخرِّب، تُدمي وتقتل بإسم الله زوراً.

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار

الأكثر قراءة