الفيروس: نحو المرحلة الأخطر | أخبار اليوم

الفيروس: نحو المرحلة الأخطر

| الإثنين 06 ديسمبر 2021

نسبة الإصابة بعد التلقيح تصل إلى 60% ولا تقلّ عن 40%

راجانا حمية - الاخبار

أكثر من 60% من الإصابات بفيروس كورونا، اليوم، تسجّل ضمن الفئة العمرية التي تقلّ عن 49 عاماً. مشكلة هذا الرقم أنه يحمل الكثير من الدلالات الخطرة، أوّلها أن هذه الفئة هي الأكثر نشاطاً ضمن المجتمع، وثانيها أنها الفئة نفسها التي «أخّرت» مسار التلقيح في واحدة من المراحل لرفضها تلقّي لقاح «أسترازينيكا»، وثالثها أنها الأكثر تفلّتاً من الإجراءات. ماذا يعني ذلك؟ يعني أن لبنان اليوم يقف في المربع «الرابع» من التفشي المجتمعي الذي ينذر بقرب الدخول في الذروة الثالثة. وهو سيناريو قد لا تستطيع البلاد تلقّفه، كما في المرتين السابقتين، لعدم قدرة القطاع الصحي على مواكبة هذه الموجة، وعجز الدولة وأجهزتها عن مواجهة الكارثة في ما لو حدثت.

عملياً، انتهت «الهدنة» التي عاشتها البلاد متخفّفة من فيروس كورونا على مدى خمسة أشهرٍ متواصلة، مع دخول المستوى الرابع من التفشي، وهو المستوى الأخطر والأخير في تمدّد الفيروس. ويأتي هذا التدحرج نحو مربع الخطر بعد «الإنجاز» الذي تحقّق بالوصول إلى المستوى الأول، قبل أن تنزلق الأمور، منذ ثلاثة أسابيع، إلى نقطة اللاعودة التي تنذر بالدخول في ذروة رابعة «هي جدياً الأخطر»، على ما يؤكّد رئيس اللجنة الوطنية لإدارة لقاح كورونا عبد الرحمن البزري.
أخطر ما في هذه المرحلة التي انتقلت معها البلاد إلى أعداد إصابات تقترب من حافة الـ 2000 إصابة يومياً، وبنسبة مخيفة من الفحوص الإيجابية التي قفزت خلال ثلاثة أسابيع من 4 في المئة إلى 10,3%، أنها تأتي في لحظةٍ حرجة يمرّ بها القطاع الاستشفائي الذي يعمل حالياً بأقل من 50% من قدرته، بحسب نقيب أصحاب المستشفيات الخاصة سليمان هارون، لأسبابٍ كثيرة ليس أقلّها النقص في الأدوية والمستلزمات الطبية وحتى الأوكسيجين. وهذه كلها باتت تسعّر بدولار السوق الموازية. السوريالي في المشهد أن المستشفيات اليوم، على عكس كل المرات السابقة، تملك فائضاً من الأسرّة، إلا أنها لن تكون قادرة على استيعاب مرضى الكورونا في ما لو حلّت الموجة الثالثة.
وسط كل هذا، تنشغل الدولة بأزمتها الاقتصادية ومشاكلها السياسية فيما عدّاد كورونا يواصل صعوده يوماً بعد آخر. وباستثناء الإجراءات التي تتخذها لجنة متابعة التدابير والإجراءات الوقائية، وتبقى في معظمها حبراً على ورق لانعدام الرقابة وقصور أجهزة الدولة، فإن أحداً لا يضع تصوراً لاحتواء الأزمة، لتبدو الأمور كأنها متروكة للعناية الإلهية، تماماً كما حدث في أعقاب الموجة الثانية القاسية التي مرّت في فترة الأعياد الماضية. اليوم، «خطر» الأعياد لا يبعد أكثر من أسبوعين على أبعد تقدير، فيما عدّاد كورونا يسير مسرعاً نحو ذروة جديدة، إذ انتقل في شهرٍ واحد من 642 إصابة (4 تشرين الثاني الماضي) إلى 1654 إصابة (5 كانون الأول الجاري)، بزيادة تخطّت الألف. والأسوأ من أعداد الإصابات، هو أعداد الضحايا التي سجلت أمس 10 وفيات، في انتقال واضح إلى مرحلةٍ جديدة لما بعد العشر وفيات يومياً، يضاف إلى ذلك أعداد الحالات الحرجة في غرف العناية الفائقة التي تستقر منذ نحو شهر عند الرقم 252 و257. ولا يعدّ هذا الاستقرار معياراً مطمئناً، إذ إنه بحسب بعض الأطباء يعني أن «غرف العنايات لا تفرغ من المرضى، إذ كلما خرج أحد المرضى منها أو توفّي حلّ مكانه آخرون ممّن هم على لائحة الانتظار الطويلة»! وكذلك الحال بالنسبة إلى الحالات الحرجة الموصولة إلى أجهزة التنفس، حيث كان الرقم أمس يسجّل 52 حالة.

ليست هذه الأرقام نهائية. إذ يتوقع المتابعون لـ«نشاط» الفيروس أن تكون المرحلة المقبلة حاسمة، وإن كان ثمة جوّ من التشاؤم يسيطر اليوم مع اقتراب عطلتَي الميلاد ورأس السنة وما تعنيانه من نشاط «السياحة الداخلية». وهذا عملياً يعني أن «تمديد عطلة المدارس كانت وظيفتها نقل الانتشار من المدارس إلى البيوت والمناسبات والشوارع»، على ما يقول أطباء متابعون.
في الشكل وفي المضمون، لا عودة إلى الهدنة. الأرقام تتّجه نحو مزيد من التأزم، وإن كانت بعضها لا تزال ضمن المتعارف عليه عالمياً، ومنها على سبيل المثال عدّاد الوفيات. إذ تشير لائحة أعمار هؤلاء إلى أن «فيروس كورونا لا يزال يكره كبار السن»، على ما يقول عضو لجنة متابعة التدابير والإجراءات الوقائية لفيروس كورونا الدكتور عيد عازار. ولا تزال حالات الوفيات بين صغار السن «حالات نادرة»، وهي تحدث في المجمل بين المصابين بأمراضٍ مزمنة، إذ إن نسبة هؤلاء من حملة الفيروس هي بحدود 90%.
أما بالنسبة إلى عدّاد الإصابات الذي انتقل من المستوى الثالث من التفشي إلى الرابع في غضون 3 أسابيع، فتشير التقارير اليوم إلى أن أخطر ما يحدث هو تركّز الإصابات في الفئات الأكثر نشاطاً، أي ما بين 10 و49 عاماً. وهي عملياً «الأعمار الشابة، سواء طلاب المدارس أو الجامعات أو الموظفين»، على ما تقول رئيسة برنامج الترصد الوبائي في وزارة الصحة العامة، الدكتورة ندى غصن. وتستحوذ هذه الفئة على أكثر من 60% من عداد الإصابات، غير أن النسبة الأكبر (نحو 20%) هي ضمن الفئة العمرية من 30 إلى 39 عاماً، تليها من 40 إلى 49 عاماً، ومن ثم 10 إلى 19 عاماً، ومن 20 إلى 29 عاماً.
وثمة أسباب متشعّبة لهذا التركز، منها ما يتعلق بتفلّت هذه الفئات من الإجراءات الوقائية من فيروس كورونا، وتحديداً الملقّحين منهم، ومنها ما يتعلّق بالموقف «المتصلّب» من لقاح أسترازينيكا ضمن هذه الفئة. في الشقّ الأول، ثمّة خطأ شاع بين الملقّحين أن اللقاح يمنع الفيروس، فيما «الأصح أنه يحمي من العوارض الشديدة للفيروس»، على ما يقول أحد الباحثين في مختبر الجامعة اللبنانية، لافتاً إلى أن نسبة الإصابة بعد التلقيح قد تصل إلى حدود 60% ولا تقلّ عن 40%. أما بالنسبة إلى غير الملقّحين، فقد أسهمت هدنة الأشهر مع فيروس كورونا إلى تفلّت الناس من الإجراءات الوقائية من جهة، واستهتار الدولة بأجهزتها من جهة ثانية.
في الشقّ الآخر المتعلّق بموقف معظم من هم ضمن الفئة العمرية من 30 إلى 49 عاماً من لقاح أسترازينيكا، تظهر التقارير أن الهوّة شاسعة بينها وبين الفئات العمرية الأخرى (من 50 إلى 90 عاماً) التي تلقّحت بلقاح فايزر، وهو ما دفع بوزارة الصحة أخيراً، إلى السماح لجميع الفئات العمرية بتلقّي لقاح فايزر. من جهة أخرى، هناك فئة من هم في المدرسة، فهؤلاء لم تصدر أي توصية بعد بتلقيهم للقاحات، فيما النسبة ضعيفة لمن هم بين 12 و19 عاماً، «ولم ترق إلى المستوى المطلوب»، على ما يشير البزري. وانعكس هذا كله في «عدّاد المحافظات»، حيث كانت نسبة الإصابات أقوى في المحافظات الطرفية، من النبطية إلى بعلبك والهرمل والبقاع والشمال وعكار.
يحدث ذلك في وقت خفتت فيه مسيرة اللقاح قبل أن تنشط أخيراً، إذ لا تزال أعداد الملقّحين بجرعتين كاملتين تبلغ 33% من إجمالي الملقّحين و39% لمن تلقّوا جرعة واحدة، وهذا يعني أن ثمة شريحة كبرى لم تتلقّ بعد لقاحاتها، وهو ما يفسّر إلى اليوم أن نحو 80% من الإصابات تحدث بين غير الملقحين، كما أن 98% من الحالات الحرجة هي أيضاً من بين هؤلاء. 

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار