الدولار الجمركي الى 2022: لا زيادة محددة بعد: الرسوم قد ترتفع أكثر من 800% والتضخم يحلّق... | أخبار اليوم

الدولار الجمركي الى 2022: لا زيادة محددة بعد: الرسوم قد ترتفع أكثر من 800% والتضخم يحلّق...

| السبت 18 ديسمبر 2021

ستزيد الأسعار الاستهلاكية زيادة كبيرة ومضاعفة

"النهار- موريس متى

تزامناً مع تحليق دولار السوق السوداء ووصوله الى مستويات قياسية تخطت 28 الف ليرة للدولار، تبحث الحكومة في حلول يمكن وصفها بالترقيعية لمواجهة ارتفاع الاسعار والتضخم بالتوازي مع انهيار الليرة، لتسارع الى زيادة بدل النقل وإقرار زيادات على الرواتب، ما يحتم عليها البحث عن إيرادات إضافية.

تعترف الحكومة الحالية والسلطات النقدية باستحالة الاستمرار في اعتماد سعر صرف الدولار الرسمي عند 1500 ليرة في وقت يؤكد صندوق النقد الدولي في كل اجتماعاته مع السلطات اللبنانية ضرورة العمل على وضع خطة شاملة تساهم في توحيد سعر الصرف مرورا بتعميم السعر، اي تحريره للوصول الى سعر يعكس بالفعل السعر الحقيقي لسعر صرف الليرة. وتشير مصادر مالية الى ان إجراءات مصرف لبنان التي ترفع سعر صرف السحوبات المصرفية من 3900 ليرة الى 8000 ليرة، يمكن اعتبارها خطوة إضافية الى الامام لتعديل سعر الصرف الرسمي، وصولا الى اعتماد سعر منصة "صيرفة"، التي وصفها الرئيس نجيب ميقاتي في لقائه الاقتصادي الاخير في المجلس الاقتصادي والاجتماعي بالاكثر "واقعية" لسعر دولار السوق، مع استحالة الابقاء على سعر الصرف الرسمي بالنسبة الى بعض الرسوم والضرائب ومنها سعر صرف احتساب الدولار الجمركي، فيما تعتبر رئاسة الحكومة ووزارة المال ان منصة "صيرفة" ستكون في المستقبل الاكثر اعتمادا.

سلسلة اقتراحات قدمتها مديرية الواردات في وزارة المال لاحتساب الدولار الجمركي على سعر الصرف في السوق الموازية على خلفية تعدّد أسعار الصرف في السوق، وضرورة إيجاد سعر صرف جديد يحاكي الواقع الفعلي لسعر تلك العملات، إضافة الى التعويض عن الخسائر التي مُنيت بها الخزينة العامّة نتيجة النقص الهائل في مواردها. في الايام الماضية، عقد اجتماع بين وفد من الهيئات الاقتصادية ورئيس الحكومة حيث شدد ممثلو القطاعات الاقتصادية على ان اي تعديل للدولار الجمركي بالرفع في هذه الظروف التي تمر بها البلاد ومرحلة الانكماش الاقتصادي، لن يؤدي الا الى زيادة حدة هذا الانكماش، أما المطلوب فهو تعزيز الاجراءات التي تساعد في زيادة التحصيل الضريبي وتعزيز إيرادات الخزينة. عاد الرئيس ميقاتي وطلب من وزير المال يوسف الخليل تأجيل البت بموضوع الدولار الجمركي حتى الربع الاول من العام المقبل الى حين تبلور الصورة بالنسبة الى المفاوضات مع صندوق النقد بالتوازي مع إقرار موازنتي العام 2021 والعام 2022، على أن يكون هدفها الأول إطلاق النهوض الإقتصادي ولجم التضخم المفرط، وإعادة تفعيل القطاع الخاص ودعم القطاعات المنتجة من خلال الحوافز المالية والإعفاءات الضريبية، وعدم تضمينها أعباء ضريبية إضافية، إنما الذهاب باتجاه توسيع قاعدة المكلفين بكشف المكتومين وتقليص الاقتصاد غير الشرعي ومكافحة التهريب.

وزير المال السابق غازي وزني بدأ التحضير لهذا المشروع، ولكن تشكيل الحكومة الجديدة رحّله إلى الوزير يوسف الخليل. وكان وزني درس تعديل سعر الدولار المستخدم في تسديد التعرفة الجمركية إلى ما بين 3900 ليرة لكل دولار و8 آلاف ليرة، ليعود الطرح الذي عملت عليه مديرية الواردات في وزارة المال للبحث بدولار جمركي ما بين 12 الفا الى 15 الف ليرة، فيما لم يتوقف البحث في إمكانية اعتماد سعر منصة "صيرفة" الذي يراوح حاليا قرب 21 الف ليرة. واستنادا الى مقاربة وزارة المال، ان تأثير الدولار الجمركي لن يبلغ أكثر من 5% من قيمة السلعة، فيما رفع الدولار الجمركي الى 14 الف ليرة يؤمّن للخزينة نحو 12 الف مليار ليرة تقريبا. أما مصادر وزارة الاقتصاد فتعود لتؤكد ان الوزير أمين سلام طلب عدم الاستعجال بإجراء رفع سعر الدولار الجمركي من دون خطة متكاملة، فهناك مصادر إيرادات أخرى يمكن أن تبحثها كل وزارة ضمن اختصاصها. وبالفعل، جرى التريث في حسم موضوع الدولار الجمركي حالياً حتى مطلع العام المقبل ليأتي تعديل الضريبة على القيمة المضافة والدولار الجمركي ضمن خطة شاملة وبعد دراسة معمّقة كي لا تؤثّر مباشرة على المواطن.
قرار تأجيل البحث حاليا في موضوع زيادة سعر صرف الدولار الجمركي يأتي في وقت ترتفع المخاوف من تبعات هذا القرار على الاسعار وما يؤدّي إلى تراجع الاستهلاك خصوصا في فترة الأعياد. اعتماد دولار جمركي جديد في غياب خطة تعاف متكاملة يؤدي حتما الى زيادة إضافية في نسبة التضخم، ففي دراسة وضعتها "الدولية للمعلومات"، وفي حال اعتماد سعر صرف 14 الف ليرة للدولار الجمركي ترتفع الرسوم بنسبة تصل الى 833% وهذا ما يؤدي إلى زيادة في اسعار معظم السلع والبضائع بنسب مختلفة. ونتيجة التدهور السريع لسعر الصرف، لم يخرج قرار نهائي بسعر صرف الدولار الجمركي الجديد. وبالعودة الى ما قدمته "الدولية للمعلومات" من دراسة حول نتائج اعتماد سعر صرف عند 14 الف ليرة للدولار الجمركي، يظهر الجدول المرفق نسبة الزيادة في بعض السلع في حال زيادة الدولار الجمركي. (جدول رقم 1 – مرفق). في هذا السياق، يؤكد رئيس نقابة مستوردي المواد الغذائية هاني بحصلي ان تعديل الدولار الجمركي تم تأجيله حتى إشعار آخر أقلّه الى حين تمرير فترة الأعياد، مؤكدا ان الاسعار لن تهدأ طالما أن سعر صرف الدولار غير ثابت وهو يحلّق ويتخطى المستويات القياسية، داعياً إلى "تثبيت سعر الصرف حتى لا ترتفع الاسعار اكثر خصوصاً مع حلول موسم الاعياد".

وكان الرئيس ميقاتي كلّف بحصلي تزويد رئاسة الحكومة لائحة تضم الرسوم الجمركية التي تُدفع على المواد الغذائية المستوردة والتي يجب إعفاؤها من أي تعديل لسعر صرف الدولار الجمركي. بالفعل، أنجز بحصلي لائحة بأصناف من المواد الغذائية الاساسية مرفقة بنسب الرسوم الجمركية التي تدفع عليها عند استيرادها، ويؤكد بحصلي ان اللائحة ارسلت الى رئاسة الحكومة، وحذّر من رفع الدولار الجمركي على السلع الغذائية، مشيرا الى وجود بعض المواد الغذائية يُدفع عليها رسم جمركي يصل الى 35% واخرى يُدفع عليها ما بين 5% الى 6% خلافا للإعتقاد الشائع عند البعض بأن كل المواد الغذائية معفاة من الرسوم الجمركية، إضافة الى ذلك فكل الاصناف الخاضعة للضريبة على القيمة المضافة تدفع "رسما نوعيا" بنسبة 3% حتى لو كانت معفاة من الجمارك مثل التونة والسردين واللحوم المعلبة والاجبان المحضرة وكلها اصناف شعبية، وبالتالي اذا ارتفعت الضرائب فان الاسعار سترتفع الى هذا المستوى ايضا. وأشار بحصلي الى تراجع نسبة الإستيراد بين عامي 2020 و2021 الى 50%، وأصبح المواطن لا يجد الأصناف التي كان يشتريها سابقا وانخفضت قدرته الشرائية بشكل كبير، ومن هنا دعا بحصلي مجددا رئيس الوزراء ووزير الاقتصاد الى عدم رفع الدولار الجمركي على المواد الغذائية.

وفيما يجمع الخبراء على أن زيادة الدولار الجمركي ستزيد الأسعار الاستهلاكية زيادة كبيرة ومضاعفة، تؤكد مصادر وزارة المال أن الموادّ الأساسية لن تتأثر بزيادة الدولار الجمركي، على اعتبار أن الرسوم الجمركية عليها تراوح ما بين صفر و5%، بما يعني أن تعديل الدولار الجمركي سيلحظ زيادات بأقل من نصف في المئة على السلع والمواد الغذائية. أما أوساط التجار والصناعيين فتؤكد أن تعديل سعر الدولار الجمركي في هذه الظروف، سينعكس سلباً على الحركة الاقتصادية المنعدمة اصلا، وكذلك الحال بالنسبة الى القطاع الصناعي، خصوصاً إن لم تُستثنَ المواد الأولية الضرورية للصناعة، فيما يجزم البعض الآخر بأن عمليات التهريب ستنشط مع ارتفاع الأسعار، وتالياً سيحلّ التجّار المهرّبون محلّ التجّار الشرعيين. بالفعل، أيّ زيادة في أسعار السلع والمواد ستؤدّي إلى انكماش في السوق بسبب حال عدم التوازن الحالية بين العرض والطلب الناتج عن غلاء الأسعار لمعظم السلع والمواد المرتبطة بسعر السوق للدولار، وأيضاً بسبب تدهور قيمة الدخل للموظّف وانعدام القوّة الشرائيّة، وفي نهاية المطاف تراجع قيمة الواردات الجمركيّة وبالتالي عدم تحقيق هدف زيادة الدولار الجمركي بزيادة إيرادات الخزينة.

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار