سنة ضوئية بين بيروت ودبي | أخبار اليوم

سنة ضوئية بين بيروت ودبي

جان الفغالي | الإثنين 20 ديسمبر 2021

يُخشى ان يكون الجيل الآتي قد اصبح في المهاجِر

جان الفغالي- "أخبار اليوم"

 

السنة الضوئية هي وحدة قياس تستخدم للمسافات الكبيرة والبعيدة جداً كالمسافة بين الأرض والنجوم.

لا نبالغ في اعتبار ان المسافة بين بيروت ودبي "سنة ضوئية"، وربما كان من المُجدي، عند السفر من بيروت إلى دبي، ان يكون هناك escale بين بيروت ودبي، في مكان وسط ، لئلا يؤخَذ المسافِر بالإنبهار في اقل من اربع ساعات، هي المسافة بين بيروت ودبي.

يخرج المسافر من بيروت على وَقْعِ التقنين والعتمة و"تعتير الإنترنت"، والطريق المؤدية إلى المطار يلفها الظلام، فإذا لم تكن هناك كهرباء في البيوت، فكيف تكون هناك كهرباء في الشوارع؟

يصل المرء إلى دبي لتبدأ مقارنات "المسافة الضوئية":

في المطار تلتقي اكثر من مئة جنسية .

يخرج المرء من المطار، إذا كان ليلًا، يشعر انه في النهار، الانوار تقلب الليل نهارًا، لا تقنين ولا مَن يُقنِّنون.

يصل إلى الفندق او المنزل: لا هَم كهرباء دولة او إشتراك، الكهرباء اربعا وعشرين ساعة على اربعٍ وعشرين، لا تسمع في دبي بـ "نقابة اصحاب المولِّدات الخاصة" ، لا تفتح التلفزيون لتشاهد تصريحًا لعبدو سعادة رئيس النقابة، ولا يشغل بالك ان فاتورة المولِّد سيتم تسعيرها على الدولار، كل ما تعرفه وتتعرف عليه في دبي أن لا شيء إسمه "انقطاع الكهرباء" و "تقنين".

لا تلمح في الطرقات سيارات مركونة على الجانبين لأنها معطّلة واصحابها غير قادرين على نقلها على "بلاطة" لأن كل مدخراتهم لا يجمعون "كلفة" بلاطة.

في دبي، وعند دخولِك إلى اي مركز رسمي، طبي او إداري، يتولى امرك "روبوت"، فتتذكَّر ان في بيروت تتأخر في استصدار إخراج قيد لأن ليس هناك أوراق.

في بيروت بإمكانِك ان تاخذ رخصة سوق "إذا كنت بتعرف حدا". في دبي الاستحصال على رخصة سوق يستلزمك الدراسة لأكثر من شهر، وعدة درجات، وويلٌ لمَن يقود من دون رخصة.

في بيروت، قبل ان تخرج من منزلك، يجب ان تعرف ماذا قرر بسام طليس؟ هل اليوم هو يوم قطع طرقات؟ ومن اي ساعة لأي ساعة؟ وإذا كان لديك موعد هام في ساعات القطع، فماذا بيدك ان تفعل؟ هل تناشد طليس؟ ثم تتذكّر انه يُقفل خطه في ساعات القطع ولا يجيب إلا على الرئيس نبيه بري . "هيدي ما في منّا بدبي" لا يعرف الناس في تلك الإمارة ان الطريق انقطعت يومًا.

في دبي  يجد المرء فرصة عمل، فتكون فرصة حياته. في بيروت يأخذ المرء قسرًا، "فرصة" من عمله، فتكون أزمة حياته.

لا نُكسِّر في البلد، فهو بلدنا، ولكن يحق لنا ان نسأل حكامنا: ماذا فعلتم بالبلد؟ أليس قهرًا ان تتذكَّر أن بلدك كان "النجمة في السنة الضوئية" فبات في حاجةٍ  إلى "سنة ضوئية" ليعود إلى ما كان عليه .

وما يؤسف له ان هذه العودة لن تكون على ايام هذا الجيل، ويُخشى ان يكون الجيل الآتي قد اصبح في المهاجِر، ولا يعود يفتِّش عن إعادة بلده إلى ما كان عليه.

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا

أخبار اليوم

المزيد من الأخبار

الأكثر قراءة