المسيح وحده رئيسنا... نظِّفوا الكراسي أو اخرجوا من "العهد الجديد" ولا تعودوا! | أخبار اليوم

المسيح وحده رئيسنا... نظِّفوا الكراسي أو اخرجوا من "العهد الجديد" ولا تعودوا!

انطون الفتى | الثلاثاء 21 ديسمبر 2021

هناك في الدّاخل

 

أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"

 

تمضي بنا يوميات بلادنا، فنجدها "تعيشنا هي" بدلاً من أن نعيشها نحن. فللدقيقة الواحدة في الحروب قيمتها، وهذا هو حال الوقت في بلادنا حالياً، حيث الحرب المعيشية والحياتية، وتخييرنا القسري بين "أو بتفلّوا أو بتموتوا"، وهذا ليس سهلاً أبداً.

في مثل تلك الأوقات، تبقى القيمة المُطلَقَة لمن يعيش موتنا، ويتّحد بنا، ليمكّننا من أن نعيش حياته، فيوحّد لاهوته بناسوتنا، وناسوتنا بلاهوته. وهذا هو المسيح الرب.

 

"زنّار ونازل"

"الوقت قفرة"، أو "الطريق الطويلة بتفضح". والوقت هنا، أو "الطريق الطويلة"، هي الأزمات، والظّروف القاسية، والقهر، والموت بأشكاله كافّة. أما الـ "بتفضح"، فهي أن تلك الأزمات تكشف من هو الصّديق الحقيقي الذي لا يظهر إلا في وقت الضّيق، وهو المسيح الرب، مقابل افتضاح الأصدقاء المزيّفين، الذين لا يجمعهم إلا "الزنّار ونازل"، أي "الكاس" أو شهوة البطن، و"الجَيْبة" أو شهوة المال، والعضو التناسلي أو الزّنى (سواء بين رجل وامرأة، أو حالات الشّذوذ الجنسي، متعدّدة الأشكال والأنواع). وهذه كلّها، أي البطن، والجَيْب، والعضو التناسلي، هي من "الزنّار ونازل" في الجسد.

 

الصّلب

مؤسف حقّاً أن عدداً لا يُستهان به من المسيحيّين يتحضّرون للاحتفال بأسرار المسيح، (وهي الأعياد في لغتنا اليومية)، تماماً كما لو كانوا مثل سائر الأمم، أي كما لو أنهم يُحيُون ذكرى، متغافلين عن حقيقة أن المسيح ليس عيداً، ولا روزنامة، ولا تاريخاً، ولا جغرافيا، ولا زمناً يبدأ وينتهي، ولا ذكرى، ولا حوار ثقافات وأديان وحضارات، ولا ديناً، وبجهل تامّ عن حقيقة أن المسيح هو كائن، هو إله - إنسان، يموت بَرْداً في أيام صقيعنا. كما يجوع مع الجائعين، ويمرض مع المرضى، ويموت مع الموتى، ويزداد فقراً مع الفقراء، أي انه يعيش ما نعيشه، بجسده، وكصديق وقت الضّيق.

وهذا يعني أنه في "الطريق الطويلة اللي بتفضح" الأصدقاء، لن نجد سواه. أما لماذا لا يضع حدّاً لتلك الآلام، بل يعيشها بخليقته، فهذا لأنه فضّل الصّلب على عَدَم الصّلب، كطريق للقيامة، والتجسُّد بدلاً من المكوث في راحة "أبد الدّهور". ولا مجال للتوسّع في هذا الإطار هنا.

 

ليس بعيداً

وبذلك، يعيش المسيح عيشنا، ولا يتنعّم في السّماء بعيداً منّا. فهو ليس مثل أولئك الذين تحمرّ وجناتهم من شدّة التدفئة حيث يجلسون، ويتحدّثون عن مآسي الناس، وعن أنه يتوجّب تحقيق التغيير بورقة بيضاء صغيرة، هي ورقة الاقتراع للانتخابات النيابية، تماماً كما لو أنهم يقاصصون اللبنانيين بسبب تصويتهم خلال "نيابية 2018"، وينتقمون منهم على طريقة أن "خدوا خِدُوَا"، بعدما حجبتُم الأكثرية النيابية عنّا.

فهؤلاء يُشبهون تماماً أولئك الذين ننظر إليهم كرجال للسيّد المسيح، الذين ينتقدون السلطات، ولكن من دون أن يكونوا صوت صارخ في بريّة ظلمات بلادنا الكثيرة.

 

الكراسي

فتلك الفئة تنتقد السلطات نعم، ولكن بما ينسجم مع عوالم وأهواء البشر، لا الرب. وهي تبحث عن الأرض، لا عن ملكوت الله الذي هو في الدّاخل، في عُمق الأعماق.

هناك في الدّاخل، يتوجّب تطهير الكراسي الكثيرة، والمتعدّدة، وتنظيفها، وتزيينها، قبل دعوة المسيح الى حيث يُزهر تاجه.

ولكن للأسف، تكتفي تلك الفئة بعموميات اليوم، والأمس، والغد، فتُميت الجوهر، كرمى لهويّة وكيان ووطن، لا يُشبه الرب القدير بشيء.

 

المال

مؤسف أيضاً أن أولئك الذين من المُفتَرَض أن يكونوا رجالاً للسيّد المسيح، يُقايضون "العهد الجديد"، بعهود من عالم البشر، يموت فيها البشر، ومنها، وبها. فيغرق هؤلاء الرّجال بالحَرْف الذي يقتل، ويُخمِدون الرّوح القدس المُحيي، ويُحزِنون روح الله القدّوس.

"يا العهد الجديد"، عهد السيّد المسيح، "يا العهود البشرية". اختاروا بين الأول، وتلك الأخرى. وهذه معادلة شبيهة بمن يتوجّب عليه الاختيار بين الله والمال، فإما يُرضي الرب على حساب تجميع الثّروات، والثّروات الفاحشة، أو يختار الثاني (المال).

 

التحليق

اختاروا، ولا تتردّدوا، فالوقت لا يزال متاحاً حتى تكونوا من الآباء، وليس من المتحدّثين عن "الإلهيات" فقط. فـ "رجل المسيح" إن لم يُصبِح أباً كالآب السماوي، لا يكون مسيحيّاً.

فكونوا ممّن يَلِد لبنان في المسيح يسوع، لا من أولئك الذين لا همّ لديهم سوى لبنان الأرض والعُرْض، من أجل الأرض والعُرْض، لأنهم "تحتيّون". كونوا ممّن يَلِد شعب الله، ويتمخّض به بالألم، وليس ممّن يحمون "العهود"، فيختنقون بأشواكها، عوضاً عن التحليق في حريّة المسيح.

 

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار