التعميم 161: حصر السحوبات من الودائع بالدولار! | أخبار اليوم

التعميم 161: حصر السحوبات من الودائع بالدولار!

| الأربعاء 22 ديسمبر 2021

رواتب القطاع العام بالليرة والمصارف تنتظر توضيحا


"النهار"- موريس متى

تستمر الاجتماعات بين وفد خبراء صندوق النقد الدولي والوفد اللبناني المفاوض بهدف صوغ استراتيجية تعبّد الطريق امام توقيع لبنان برنامجا تمويليا مع الصندوق، فيما تساعد لقاءات الوفد الدولي على الاطلاع أكثر على مقاربة المسؤولين اللبنانيين للاصلاحات المطلوبة بعدما سُجل تقدم ملموس على صعيد تحديد حجم الخسائر في القطاع المالي، والتي حددتها الحكومة اللبنانية بحوالى 69 مليار دولار تقريبا، على ان تتحملها الحكومة و#مصرف لبنان والمصارف وجزء من المودعين.

حاليا يدقق خبراء صندوق النقد في البيانات التي قدّمتها الحكومة اللبنانية حول الفجوة في القطاع المالي، علما ان الأرقام التي قدمتها الحكومة حتى الآن يمكن ان تتغير إذ لم يتمّ بعد استكمال عملية التقييم من قِبل خبراء الصندوق الذي يتابع ايضا بيانات شركات التدقيق الدولية التي أنجزت التدقيق المحاسبي في حسابات مصرف لبنان في وقت يشترط صندوق النقد أن يجري لبنان إصلاحات جوهرية لا تقتصر على استيعاب الخسائر، بل تهدف إلى ترميم الثقة وتحسين الحوكمة والشفافية وتشجيع الاستثمارات، وهي عناصر يصفها خبراء الصندوق بالجوهرية من أجل تحفيز الوظائف وتنمية مستدامة والحدّ من الفقر في السنوات المقبلة. وتتجه الانظار الى زيارة وفد من خبراء الصندوق الى بيروت في الاسبوع الاول من العام المقبل لمواصلة المفاوضات مع الحكومة، حيث سيخصص الاجتماع "الحضوري" للبحث في ملاحظات الصندوق حول البيانات التي أرسلتها الحكومة، خصوصا ما يتعلق منها بالارقام والخسائر، لتقريب وجهات النظر وتحديد مسار الانتقال من المحادثات الى المفاوضات، حيث يسعى الوفد اللبناني المفاوض برئاسة نائب رئيس الحكومة سعاده الشامي لتوقيع مسودة إتفاق مبدئي مع الصندوق بحلول نهاية شباط المقبل.

في غضون ذلك، خرج حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ليؤكد أن سعر الصرف الرسمي لليرة اللبنانية مقابل #الدولار الأميركي، لم يعد واقعيا، بعدما فقدت الليرة أكثر من 90% من قيمتها أمام الدولار، وبات المواطن اللبناني يتعامل حاليا مع أكثر من 6 أسعار صرف للدولار في السوق، فيما يصر صندوق النقد على ضرورة ان تضع السلطات النقدية اللبنانية خطة لتوحيد اسعار الصرف في وقت تتضاءل أكثر وأكثر إحتياطات مصرف لبنان بالعملات الاجنبية إذ وصل الاحتياط الإلزامي المتبقي لدى المصرف المركزي إلى 12,5 مليار دولار.

وفي انتظار ان يتصاعد الدخان الابيض معلنا خطة التعافي التي تعمل عليها حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، يستمر مصرف لبنان بإصدار مجموعة تعاميم يصفها بـ"المرحلية" و"الموقتة" للتعامل مع ودائع المواطنين في المصارف، والتي تشهد عمليات "هيركات" مستمرة نتيجة تعدد اسعار الصرف مقارنة مع دولار السوق السوداء الذي يحلّق فوق 27 الف ليرة. وفي الايام الأخيرة، أكد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أن الرأسمال الاساس للودائع المصرفية والفوائد المحقة ستعود الى اصحابها ضمن خطة زمنية يتم الاتفاق عليها بين الجهات المعنية، كاشفا ان هناك 28 مليار دولار جرى تحويلها من الليرة الى الدولار بعد 17 تشرين الاول 2019، وليس مقبولا ان يطبق عليها الاجراء ذاته الذي سيطبق على الودائع التي جمعها الناس بعرق السنين وتعبها، فيما دفعت المصارف 47 مليار دولار على شكل فوائد بين عامي 2014 و2017. وبحسب الارقام الرسمية وصل حجم الودائع في المصارف اللبنانية في نهاية تشرين الاول 2021 الى 105.43 مليارات دولار مقارنة مع 123.63 مليارا في نهاية تشرين الاول 2019، فيما وصل حجم الودائع بالليرة اللبنانية في نهاية تشرين الاول 2021 الى ما يقارب 26217 مليار ليرة.

وقد قرر مصرف لبنان تزويد المصارف العاملة بحصتها النقدية لما تبقى من هذا الشهر بالدولار الأميركي النقدي بدلا من الليرة اللبنانية، وذلك على سعر صرف منصة "صيرفة". وطلب من المصارف بيع الدولارات المشتراة على سعر "صيرفة" كاملة الى مختلف عملائها بدلا من الليرات اللبنانية. ولهذه الغاية أصدر مصرف لبنان تعميما حمل الرقم 161 موجها الى المصارف وتضمن إجراءات إستثنائية للسحوبات النقدية. وبحسب التعميم، على المصارف ان تقوم بدفع كامل المبلغ المطلوب على شكل اوراق نقدية بالدولار الاميركي لعملائها بسعر منصة "صيرفة" بدل تسديد المبالغ التي تعود إليهم بالليرة اللبنانية الناتجة عن إجراء سحوبات او عمليات صندوق نقدا من الحسابات او من المستحقات العائدة لهم وفق الحدود المعتمدة لتنفيذ هذه العمليات لدى المصرف المعني. وفي حال أراد العميل عكس ما ورد في هذا التعميم عليه أن يتقدم بطلب خطي بهذا المعنى لدى المصرف المعني، على ان يُعمل بهذا القرار لغاية 31 كانون الاول من العام الحالي.

في هذا السياق، علمت "النهار" ان عددا من المصارف بدأ تطبيق التعميم 161، وقد وصلت رسالة نصية الى المودعين لإبلاغهم هذا الامر. وفي المعلومات حصرت المصارف عملية بيع الدولارات في المصارف على اساس سعر "صيرفة" بالمودعين الذين يستفيدون من التعميم 151، اي من يمتلك وديعة بالدولار الاميركي ويقوم حاليا بسحبها بالليرة اللبنانية على اساس سعر صرف 8000 ليرة. وبالنسبة الى المصارف التي بدأت تطبيق هذا التعميم، على المودع الذي يقوم شهريا بسحب الكوتا الشهرية بالليرة اللبنانية المسموح بها، زيارة صندوق فرع مصرفه مباشرة لطلب إتمام السحب بالدولار من حسابه "بالدولار الاميركي" مع إعتماد سعر "صيرفة" عند حوالى 22400 ليرة للدولار الواحد. وتؤكد مصادر مصرفية لـ"النهار" ان المصارف لن تقوم ببيع الدولارات مقابل الليرات للمودعين الذين يستفيدون من التعميم 158. بمعنى آخر، في حال كان المودع يستفيد من التعميم 158 ويحصل على 400 دولار نقدا و400 دولار على اساس سعر 12000 ليرة للدولار، منها 200 دولار تدخل في البطاقة و200 دولار على اساس سعر 12000 ليرة يمكن سحبها بالليرة نقدا، فلا يمكن استخدام هذه الليرات لشراء الدولارات مباشرة على اساس سعر "صيرفة". كما أكدت المصادر ان المصارف لم تتبلغ اي تعميم صادر عن مصرف لبنان يلزمها تحويل رواتب القطاع العام التي تقبض بالليرة اللبنانية الى دولار على اساس سعر "صيرفة"، وما حصلت عليه هذه المصارف ليس سوى مذكرة داخلية غير ملزمة لها، وبانتظار ان يصدر عن مصرف لبنان تعميم واضح وصريح حول كيفية التعاطي مع الرواتب بالليرة ومنها رواتب واجور القطاع العام، حيث كان حاكم مصرف لبنان أكد ان موظفي القطاع العام سيتمكنون من سحب رواتبهم لهذا الشهر بالدولار الاميركي وعلى اساس سعر "صيرفة". في كل الاحوال، ما هو أكيد ان بعض المصارف بدأت تطبيق التعميم 161، منها من قرر تطبيقه مباشرة عبر الصرافات الآلية، ومنها من اعتبر ان أجل التعميم ينتهي بحلول نهاية الشهر الحالي، وبالتالي لا يستحق تعديل البرامج الالكترونية على أجهزة الصراف الآلية، فيما تترقب المصارف ما إذا كان حاكم المركزي سيقوم بتمديد العمل بهذا التعميم "الملزم" للمصارف. لكن التعاميم التي يصدرها مصرف لبنان ما هي إلا حلول موقتة في انتظار إطلاق الحكومة خطة التعافي المعدَّلة كي يُبنى على الشيء مقتضاه، فيما أكدت أوساط جمعية المصارف ان التعميم الاخير لمصرف لبنان ما زال يحتاج الى توضيحات أكثر حول مضمونه وآلية استفادة المودِع منه ضمن السقوف المحددة.

تعاميم مصرف لبنان تؤكد مرة جديدة أن قرار تعديل سعر الصرف وصولا الى تحريره قد يكون سلك طريق التطبيق، خصوصا مع اعتبار سلامة ان سعر 1507 ليرات للدولار المعتمد رسميا لم يعد واقعيا اليوم بعدما خدم الاقتصاد وجعل "الوضع الاقتصادي والاجتماعي جيدا في لبنان خلال 27 عاما" بحسب الحاكم، مع تأكيده إستحالة توحيد سعر الصرف بمعزل عن استقرار سياسي وقبل اتفاق مع صندوق النقد الدولي، موضحا أن المناقشات الجارية مع الصندوق ما زالت في مرحلة الأرقام ولم يصر بعد إلى وضع خطة لتقديمها إلى الصندوق الذي يشترط على لبنان إجراء إصلاحات بنيوية رئيسية. وكشف سلامة أن مصرف لبنان، الذي رفع الدعم في الأشهر الأخيرة عن استيراد سلع رئيسية أبرزها المحروقات وعدد من الأدوية، قادر على تمويل استيراد ما تبقى من السلع المدعومة لفترة تراوح ما بين ستة وتسعة أشهر على الأقل.

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار