الى المسيحيّين... المطران عوده تكلّم فلا تمرّوا مرور الكرام!؟ | أخبار اليوم

الى المسيحيّين... المطران عوده تكلّم فلا تمرّوا مرور الكرام!؟

انطون الفتى | الإثنين 27 ديسمبر 2021

يفقدون احترام ذواتهم قبل الآخرين

 

أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"

 

من قلب الأسبوع الميلادي، و"الدّمار" المعيشي، نغفو في سِحْر الموسم المقدّس بما يجعلنا نصحو على الحقيقة.

في هذا الإطار، نركّز على ما هو أبْعَد من الانتخابات النيابية، والجلسات الحكومية، وغيرها من يوميات بلادنا المُعرقَلَة أو المُنتَظَرة، فنعود الى الكلام الجوهري الذي ورد بالأمس على لسان متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس الياس عوده، والذي يختصر الكثير ممّا يُمكن قوله، في رحلة البحث عن "الولادة الجديدة"، الذاتية، والوطنية.

 

مسيحيّو اليوم

ففي عظته أمس، أشار متروبوليت بيروت الى أن مسيحيّي اليوم يُواربون ويتجنّبون الحديث عن الله في المجتمع، وذلك كي يكونوا مقبولين من الناس. وسأل:"أي فضل لهذا النوع من المسيحيين؟".

كما شدّد على أن المسيحي الحقيقي لا يساوم على مسيحه أو على مسيحيّته، حتى ولو أدى ذلك إلى اضطهاده أو الإساءة إليه. فهذا هو الجهاد الحقيقي في مجتمعات اليوم.

وتابع المطران عوده متحدّثاً عن أن بعض الأولاد يخجلون من رسم إشارة الصليب علناً، وعن أن خجلهم هذا قد يوصلهم إلى قبول أي أمر يُعرَض عليهم في ما بَعْد، حتى ولو كان منافياً لمسيحيّتهم وأخلاقها.

 

التوصيف الأدقّ

هذا الكلام هو التوصيف الأدقّ للحال المسيحي، الفردي والجماعي، الاجتماعي - السياسي، المحلّي - الإقليمي - الدولي، الذي يفسّر بما قلّ ودلّ، أسباب التقهقُر المسيحي العام، في لبنان والمنطقة والعالم، على مستويات مختلفة.

كما أنه التوصيف الأدقّ لأسباب الشّرور الكثيفة التي قد نجدها في مسيحيّ أو مسيحيّة، أي في مُعمَّد أو مُعمَّدَة، سواء كانوا مُكرَّسين، أو علمانيّين، بما يصل الى مراحل مخيفة، ومُخيفة جدّاً.

 

"يتمحتلون"

مسيحيّو اليوم يواربون، و"يتمحتلون"، ويتجنّبون الحديث عن الله في المجتمع، لا سيّما في حالته المتجسِّدَة، أي السيّد المسيح. والهدف، هو أن لا يرفضهم الناس.

في السياسة، ما أقبح نفوس هؤلاء، والثِّمار التي ينطقون بها، والتي يتملّقون بها "الأصدقاء"، و"الحلفاء"، عندما يجلسون معهم جنباً الى جنب، خصوصاً عندما يخافون أو يخجلون من القول إن لا شيء في إيمانهم إسمه "إبادة"، أو "إزالة"، أو "تدمير"، أو قتل، أو "عدوّ"... فيما "الصّديق" و"الحليف" يُجاهِر بإيمانه بدءاً من المأكل والمشرب، وصولاً الى جبهات القتال، وتكفير الآخر، تحت ستار لعبة توزيع الشهادات بالوطنية، أو بالعمالة.

 

"حرج"؟

مسيحيّو اليوم يواربون، و"يتمحتلون"، ويتجنّبون الحديث عن المسيح. وما أشدّ بشاعة ثمارهم، عندما يخجلون أو يخافون من "الحلفاء" و"الأصدقاء"، أو حتى من "الأعداء" و"الخصوم"، فيكتفون بالتحذير من خطورة تغيير هويّة لبنان، وذلك بدلاً من الحديث بجرأة المسيح عن أن الـ 10452 كيلومتراً مربّعاً (مساحة لبنان الجغرافيّة) ليست "حرجاً" لعقيدة شريحة لبنانية معيّنة، وعن أنه لا يحقّ لتلك الشريحة أن تمارس إيمانها "الميداني" في كهوف، وجبال، وتلال، وحدود تلك المساحة، تماماً كما لو كانت مُلكاً خاصّاً لها، لأن هناك من ليسوا من إيمانها، يعيشون في تلك الرّقعة الجغرافية أيضاً. كما لا يحقّ لتلك الفئة ممارسة "الاحتلال العقائدي" لتلك الأرض، ولشعبها كلّه، بما يجعل الجميع يموتون من ضمن رغبتها هي بالموت، من أجل إيمانها.

 

لا يساوم

المسيحي الحقيقي لا يساوم على مسيحه، ولا على مسيحيّته. وما أشنَع هؤلاء الذين يفقدون احترام ذواتهم، قبل احترام الآخرين، من جراء مساوماتهم الاجتماعية "الإجرامية" على المسيح، فيبيعونه بثلاثين من فضّة، بطُرُق وذرائع مختلفة.

فقد يكون "تكسير" اللّغات، بين كلمة بالفرنسية، وأخرى بالإنكليزية، مع "فكفكة براغي" الحَنَك، والتكلُّم بـ "شو ما كان" السّخرية، والنّميمة، "عالموضة".

وقد يكون الجلوس وسط جماعة، وفرض الشخصية بما لا يترك دوراً لكلام الآخرين، و"دَلْق" المعلومات الغزيرة، أمراً متوافِقاً مع معايير قِمَم هذا العالم. ولكن كل هذا لا يتوافق مع الحديث بلغة المسيح، أي "لن يسمع أحد صوته في الساحات"، و"فليَكُن كلامكم نعم نعم، ولا لا، وكل ما زاد على ذلك، فهو من الشرير".

 

الأعالي

أما الأولاد، فقد يُوجَّه مُشتهى قلوبهم الى أعلى أعالي المعارف، والقِوَى، والقوّة، والمعالي، والى كل مرتفعات هذه الأرض، بطريقة زائدة عن المسموح، وهو ما يربّيهم على الخَجَل بصليب المسيح، سواء رسموا إشارته على جباههم أو لا، والى النّظر إليه كعلامة ضعف، وإذلال، وهزيمة.

وبالتالي، كيف يمكن للأولاد أن يلمسوا حرية الخلاص بالمسيح، بعدما تنام قلوبهم بقوّة وقوى هذا العالم، متعدّدة الوجوه والأشكال؟

 

نكران

بالخَجَل بصليب المسيح، ينمو أولاد معظم العائلات المسيحية. وهؤلاء أنفسهم سيجلسون، إما على طاولة البحث عن "لبنان الجديد" البديل من "لبنان الكبير"، أو (سيجلسون) في الطائرات التي ستقلّهم الى بلدان الاغتراب الواسعة، والى "الأوطان البديلة"، تجسيداً لـ "القَرَف" من لبنان "اللّي ما بيزبط".

وفي الحالتَيْن، ذوبان للهويّة والكيان، ناجم عن نكران للمسيح بخيار شخصي، يدمّر الذّات والوطن، حتى ولو انقضت ليلة الميلاد بفتح الهدايا، الى ما بعد شروق الشمس.

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار