"الحياد" على طاولة "طائف - 2"... المسيحيّون بلا صليب ومن دون المسيح!؟ | أخبار اليوم

"الحياد" على طاولة "طائف - 2"... المسيحيّون بلا صليب ومن دون المسيح!؟

انطون الفتى | الثلاثاء 28 ديسمبر 2021

لأي نوع من المسيحيين سيكون "لبنان الجديد"؟

 

أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"

 

كل شيء في الحياة "وجّ وقفا". وبمعنى أوضح، ليس كل ما يُقال عنه "مَشْرِقاً"، يكون كذلك بالضّرورة. وليس كلّ ما يلمع يكون ذهباً، مع أنه يلمع. فهو قد يكون أقلّ شأناً من الذّهب، أو أكثر أهميّة منه ربما. فالكواكب في الفضاء تلمع، والذّهب يلمع، وولّاعة سجائر مصنوعة بلون الذّهب، يُمكنها أن تلمع أيضاً، وهو ما يُظهر بوضوح ضرورة التحلّي بالقدرة على التمييز.

 

"حبال الهوا"

لم يَعُد سرّاً أننا تحوّلنا الى شعب مُعلَّق بـ "حبال الهوا"، و"مين ما قلّوا تشّ بيقلّوا مشّ"، بحسب المقولة الشعبيّة اللبنانية الشائعة.

فالى هذه الدرجة فقدنا صوابنا، وهو ما يؤدّي بنا الى انتظار أي شيء، أو أي وعد، من أي شخص كان، حتى ولو كنّا نعلم أنه لن يحمل جديداً.

فنحن قد نستبشر خيراً بمن يعدنا بأنه سيتكلّم، وقد نعتقد أنه سيفجّر البراكين، وسيزلزل الأرض، بعدما بات البلد كلّه خاسراً، وما عاد لدى أي جهة فيه ما تخشى أن تخسره أكثر. ولكن النتائج تأتي دائماً على عكس المُنتَظَر، فلا نحصل على جديد، ولا على أرضيّة تأسيسية لما يُمكنه أن يُعيد الكهرباء، والمال، والعيش الكريم الى البلد وشعبه.

 

"اليابس"

"عيديّة" الميلاد لفقراء لبنان تبدو بعيدة المنال. فلا يوجد في البلد من يتحدّث بأبْعَد من الوحدة الوطنية، والعَيْش المشترك، والسّلم الأهلي، رغم أن هذه كلّها ما عادت إلا مجموعة من العناوين غير المُحترمة، والمخروقة يومياً من جانب أفرقاء قوّة السلاح غير الشرعي، الفائضة.

ولا يوجد في البلد من يتحدّث بأبْعَد من المحاسبة، و"التدقيق"، ولكن بلا "دقّة"، أي بعناوين ممتازة ومطلوبة، ولكنّها بلا مفعول، لأنها من خارج "المحاسبات" الشاملة، التي تُعاقِب على التجاوزات المالية، ومعها السياسية والأمنية والعسكرية غير الشرعية، التي دمّرت لبنان الأخضر، و"اليابس".

 

"نيابية"

كما لا يوجد في البلد من يتحدّث إلا عن انتخابات نيابية، وعن أفضل العلاقات مع الجوار العربي، من دون أن يعرض أرضيّة واضحة تكشف لنا ما الذي سيفعله في ما لو نال غالبية نيابية بعد أشهر. فضلاً عن أن هذا الفريق نفسه، لا يُفصِح لنا عمّا هو قادر على الحصول عليه للبلد، من جراء أفضل علاقاته العربية تلك، أوّلاً في مجال التحرّك العربي الميداني المُمكِن، ضدّ السلاح الإيراني الموجود في لبنان، إذا طُلِبَت مساعدة لبنانية في هذا المجال، وثانياً في مجال التحرّك العربي الميداني المُمكِن، ضدّ السلاح الفلسطيني غير الشرعي الموجود في لبنان أيضاً، خصوصاً بعدما باتت القضيّة الفلسطينية ملفّاً "فخريّاً"، منذ عقود، من دون ملموسات عربيّة واضحة تجاه مستقبل أوضاع الفلسطينيين فيه (لبنان).

 

الفلسطينيّون

فالانتخابات النيابية مهمّة لتجديد السلطة، ولوضع حدّ للسلاح الإيراني الموجود في البلد، ولاستعادة أفضل العلاقات اللبنانية - العربية. ولكن لا بدّ أيضاً من الاستحصال على لغة عربيّة واحدة تجاه مستقبل التواجد الفلسطيني في لبنان، ومستقبل التعاطي العربي مع التفسّخات الفلسطينية الموجودة على الأراضي اللبنانية.

 

"لبنان الجديد"

وبين البحث عن الحرية، والتحرير، نجد آلاف المسيحيين يبحثون عن الحياة في كل مكان.

المسيحيون، وهم "المكوّن الأساسي" لـ "لبنان الكبير"، جلسوا على طاولة "الطائف" في الثمانينيات، بغير ما سيجلسون به على طاولة "لبنان الجديد"، عندما تنضج الظّروف الإقليمية والدولية، لبَدْء البحث الجدّي في شأنه.

مسيحيّو "لبنان الكبير" يلفظون أنفاس جذورهم المسيحية اليوم، من دون أن يشعروا بذلك، بين بحث متزايد عن حياة جديدة في الخارج، وبين فقدان الوضوح في الرؤية، ووسط اختلاط و"تخالُط" في المفاهيم.

 

الخليج

فأحد العائدين من زيارة الى إحدى الدول الخليجية، يروي كيف أن اللبناني المسيحي يعيش في الخليج اليوم، كما لو أنه يعيش في الولايات المتحدة الأميركية، أو كندا، أو أوروبا، أي كما لو أنه في أرض الأحلام والفُرَص الكثيرة، حيث يوجد من كلّ قبيلة ولسان وأمّة، وهو ما يسحره بـ "انفتاحات" متزايِدَة، وبوسائل العَيْش الكثيرة التي باتت مفقودة في بلاد الأرز.

فهناك، ما عاد المسيحي اللبناني "مكبوتاً" تماماً، ولا "محروماً" تماماً كما في السابق، وبات بإمكانه الحصول على أفراح احتفاليّة مختلفة، ميلادية أيضاً بنسبة أو بأخرى، و(الحصول) على الكثير ممّا يفتقده في لبنان.

 

الطاولة

حياة جميلة، وانفتاح أجمَل. ولكن أي "لبنان جديد" سيجتمع المسيحيون حول طاولته مستقبلاً؟ ومن هم المسيحيون الذين سيجلسون على تلك الطاولة، للمطالبة والمناقشة؟ ولأي نوع من المسيحيين سيكون "لبنان الجديد" هذا، الى جانب باقي الشركاء في الوطن؟

كل شيء في الحياة "وجّ وقفا". ولكن "القفا" في بلدنا يحتلّ دائماً مساحات طاغية على حساب "الوجّ". فحبّذا لو تُقال الأمور دائماً "بالوجّ"، والعَلَن، والنّور، ويُترَك "القفا" ولو لمرّة واحدة، حتى لا نصل الى اليوم الذي سنندم فيه على بلد، لا وجه له، ولا من يوجّهون.

 

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار