السياسة تدمّر الرياضة وتدخلها في الاتون المذهبي | أخبار اليوم

السياسة تدمّر الرياضة وتدخلها في الاتون المذهبي

داود رمّال | الأحد 09 يناير 2022

اعقلوا وتوكلوا واتركوا الرياضة للرياضيين


كتب داود رمال _"أخبار اليوم"


هي المرة الاولى التي اكتب في موضوع رياضي، ولكن لفتني وبكثير من الاستغراب، ما يحصل على صعيد بطولة الدوري العام لكرة القدم، لا سيما اعتراضات نادي النجمة العريق في تاريخه وانجازاته ووطنيته، ونادي العهد الرياضي الذي حجز له في هذه اللعبة مكانا عصيا على الشطب والالغاء متسلحا ايضا بروح وسلوك وطنيين عبر عنهما طيلة مسيرته الكروية.
وبدل حصر الاعتراضات ومسار الطروحات والاجابات بالجهة الشرعية الوحيدة وهي الاتحاد اللبناني لكرة القدم، وجدنا ان السياسة دخلت او أُدخلت الى هذه المشكلة التي واجه اتحاد الكرة العشرات لا بل المئات منها في تاريخ اشرافه وادارته واحتضانه لهذه اللعبة الشعبية الاولى في لبنان كما العالم، حيث يجد المواطن في المستديرة متنفسا لكل همومه وتعبه ومساحة تنافس اخلاقي محكومة دوما بالتلاقي في البوتقة اللبنانية الواحدة، فمهما استفحلت الضغوطات والتمريكات دائما النتيجة تكون للصالح العام.
ولان السياسة ما دخلت في امر الا وافسدته، وانطلاقا من كوني اطلعت نسبيا على شؤون وشجون الرياضة يوم كنت مستشارا وزاريا في وزارة الشباب والرياضة، وطبعا وفق عقد مقابل ليرة لبنانية واحدة فقط لاغير، تُراني ومن باب تصويب المسارات أسجل الملاحظات المبدئية التالية:
اولا: يقول المثل الشائع "اعطوا الخبز للخباز ولو اكل نصفه"، و"ما حك جلد المشاكل الرياضية غير ظفر المؤسسات الرياضية"، لان "اهل الرياضة ادرى بشعابها"، وبالتالي فلتوضع المشكلة القائمة كليا في اليد الامينة للاتحاد اللبناني لكرة القدم الذي يضم في تركيبته وعضويته كل النوادي الرياضية وقادر بقليل من طول الاناة ان يصل الى رأب اي صدع وتصحيح اي خطأ، بعيدا من الاستعراضات التي لا تصرف في اي مكان او اتجاه.
ثانيا: لقد اخطأ وزير الداخلية والبلديات القاضي بسام مولوي، الذي نكن له كل تقدير ونسجّل له هدوءا لم نعهده في كثير من وزراء الداخلية السابقين، عندما دخل مباشرة على هذه المشكلة، وازداد الخطأ عندما خرجت تسريبات لما سمي "مصادر امنية" لتبرير هذا التدخل بذريعة الخشية من توترات ومواجهات بين جمهوري النجمة والعهد، ومن خبرتي الطويلة في ميدان الصحافة ارى ان بعض التسريبات تعطي مفعولا عكسيا يدفع الى مزيد من التأزيم، لان الجميع يعلم بأن المباريات مقررة بلا جمهور وبالتالي لا خوف من تصادم جمهورين، وكان الاجدى عدم صد فريق العهد والطاقم الاداري والتدريبي له ومنعه من دخول ملعب جونية البلدي، لان هذا حقهم الطبيعي والبديهي ان يدخلوا وينتظروا دخول الفريق المنافس ويبقى القرار لطاقم الحكام لاحقا ما يراه مناسبا.
ثالثا: الرهان على حكمة وخبرة وسعة صدر الصديق العزيز وزير الشباب والرياضة البروفسور جورج كلاس في وضع هذه المشكلة في اطارها الضيق جدا وابعاد السياسية عنها، وهو قادر، بما نعرفه عنه، على ان يطوي هذه الصفحة على وئام وليس على زغل.
رابعا: حذاري ثم حذاري اخذ الامر في سياقات طائفية ومذهبية مقيتة، وهذا ما بدأت ادوات السوء الترويج والتحريض عليه، وأقول بالتحديد في ما خص نادي النجمة انه لم يكن يوما الا نادي الوطن جمهوره من كل التلاوين والاطياف لا بل في الزمن الذهبي صار جمهوره عابرا للحدود، وبالتالي المسؤولية بقدر ما هي جماعية فهي ايضا مباشرة تطال نادي النجمة بادارته ولاعبيه ورابطة جمهوره، بحيث يُمنع على المصطادين بالماء العكر ان يأخذوا مشكلة قابلة للحل الى مسار لا يشبهها على الاطلاق.
خامسا: انصح وزيري الشباب والرياضة والداخلية والبلديات ان يسارعا الى الاجتماع واعلان موقف مشترك واضح وصريح، خلاصته ان هذه المشكلة يضعانها بالكامل بتصرف الاتحاد اللبناني لكرة القدم وانهما يلتزمان بما يقرره، وانهما ليسا في موقع او موقف مصادرة قرارته المتخذة وفق القوانين الناظمة لعمل الاتحاد.
واخيرا؛ أقول لمن يعنيهم الامر ومن متابعتي للصحافة ومراكز الدراسات الخارجية لا سيما الغربية: العين الدولية مفتوحة واسعا على لبنان، وتراقب تحلل المؤسسات والقطاعات الواحدة تلو الاخرى، وبالتالي فان دخول السياسة على الرياضة وتدميرها عبر ادخالها في آتون الطائفية والمذهبية سيكون له ارتدادات خطيرة، اولها شطب لبنان عن لائحة الفيفا، بما يعني ذلك من انهاء الحضور الدولي ولااقليمي والعربي للبنان تباعا وحتى على المستوى الرياضي، فيا اصحاب الشأن لا تأخذكم الانفعالات وردود الافعال، حكموا ضمائركم قبل فوات الاوان، لان من لا يتطيع التعامل مع مشكلة بسيطة كهذه، كيف سيدير انتخابات بكل تعقيداتها وشربكاتها وحماوتها؟
حتى لا تصلوا الى يوم لا ينفع فيه الندم، اعقلوا وتوكلوا واتركوا الرياضة للرياضيين.

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار