فوضى ومافيات تتلاعب بحياة الأهالي
رين بريدي – أخبار اليوم
لا يخفى على أحد أن الفقر في طرابلس متجذّر وليس وليد الأزمة الاقتصادية الأخيرة، وأنّ الأزمات المتعدّدة الّتي مرّت على المدينة أمعنت في انهاك اقتصادها، وهلاك سكّانها، في ظلّ تعتيمٍ إعلاميّ على المدينة، وجوارها.
إلّا أن الانهيار الحاصل، زاد "الفلتان"، زاد نسبة الفقر الكبيرة أساساً، زاد من قدرة المافيات على استغلال المدينة.
في طرابلس المغيّبة كلّياً عن السّاحة الإعلامية، وبرغم كونها المدينة الأفقر في لبنان، تسعيرة مولّدات الكهرباء تبلغ ١٠٠ دولار أميركي "فريش" لل ٥ أمبير، و ٦٠ دولار أميركي لل ٣ أمبير، من دون الالتزام بتسعيرة الدّولة، ومن دون إمكانية "مكاسرة" السّعر، بحيث أنّ "بلا هالعلقة" مع مافيات أصحاب المولدات في المدينة.
مع الإشارة إلى أنّ أطول مدّة لكهرباء لبنان في المدينة تتراوح بين ٤٥ دقيقة وساعة ونصف السّاعة.
في طرابلس الّتي يُذكر اسمها فقط لصبغها "إرهابياً" أو لاستغلالها انتخابياً، رصاصٌ طائشٌ كلّ ليلة، غير معروف المصدر ولا الاتجاه، أشبه بدوام يومي، لادخال الذّعر أكثر وأكثر إلى منازل أهالي المدينة، مع العلم أن هذه الظّاهرة أدّت للعديد من الإصابات، أبرزها شلل طفلة في مدينة القبّة طرابلس متأثّرةً برصاصةٍ تغلغلت في عمودها الفقري، وحوّلتها لعاجزة على كرسي متحرّك.
غيضٌ من فيض، استغلالٌ مادّي لأهالي منطقةٍ مفلسة أساساً، سلاح متفلّت، سرقة، نهب، فقر، جهل، جرائم لا تعدّ ولا تحصى. لم يتمّ ذكر أي من هذه الأمور يوماً إعلامياً، ولا أي محاولة من السّلطات المختصّة لردع مافيات المولّدات من مص دماء المواطنين المفلسين، ولا أي مبادرة من القوى الأمنية لوقف الرّعب الأمني الّذي ترزح المدينة تحته.
في الواقع، تهميش طرابلس وغيرها من المناطق المنسيّة، المنبوذة عن الخريطة اللّبنانية والتعتيم الإعلاميّ المقيت الّذي يلاحقها منذ جولات الجبل والتّبانة الّتي كانت تمرّ أخبارها مرور الكرام رغم شراستها، وصولاً إلى ما عانته عبر السّنوات من أزمات إقتصادية وتفلّت أمني، ليس جديداً، هو حالٌ رافق المدينة منذ سنوات وعقود، ويبدو أنّها مسرحيّة ستطول، في ظلّ غياب أي حسيب ورقيب عن المدينة، وطالما أنّ سيّاسيّيها لا يعتبرون المدينة أكثر من ورقة انتخابية رابحة، يمكن الاستفادة من الفقر فيها ببعض "الفريش".