"تحت سماء أليس": لبنان الحرب وما قبلها في فيلم مختلف‎‎ | أخبار اليوم

"تحت سماء أليس": لبنان الحرب وما قبلها في فيلم مختلف‎‎

| الأربعاء 12 يناير 2022

العمل من بطولة وجدي معوض واخراج كلويه مازلو

افتتحت الاثنين الماضي في عمّان فعاليات "أيام الفيلم اللبناني"، التي تقام بالتعاون مع الهيئة الملكية للأفلام وتنتهي اليوم، بعرض فيلم "Sous le ciel d'Alice" (او "تحت سماء اليس" بالعربية). الفيلم متاح للمتابعة عبر منصة OSN وعنوانه التجاري "Skies of Lebanon" وهو من اخراج الفرنسية من أصل لبناني كلويه مازلو التي صورتّه بين قبرص وفرنسا-بعد تعذر تصويره في لبنان- مع فريق لبناني فرنسي، يضم الفنان الكندي اللبناني وجدي معوض وأسماء لبنانية عديدة أمام الكاميرا وخلفها بينها: مرح تنوري، جاد بريدي، أوديت مخلوف، هاني طمبا، جون شلحوت، شربل كامل، إضافة إلى حضور مميز للممثلة دارينا الجندي. وكانت المخرجة تعاونت على كتابة النص مع ياسين بدّاي، اما المشاهد فقد أدارت تصويرها هيلين لوفارت.
يجسد وجدي معوض دور جوزيف قمر الذي أحب وتزوج في منتصف القرن الماضي، الشابة الجميلة أليس (ألبا روروادر) التي يعيش اهلها في سويسرا، وأنجبا منى (إيزابيل زغندي) التي عندما أصبحت شابة تركت لبنان بحكم الأوضاع المتدهورة في حقبة السبعينات وغادرت إلى باريس وإلتحقت بصديقها سليم (زياد جلاد) وأكملت حياتها هناك. الزوجان جوزيف وأليس تعبا من التطورات الدراماتيكية في لبنان وتدبرت هي أمر السفر إلى سويسرا واستحصلت لـجوزيف على إذن دخول معها إلا أن ارتباطه بفريق علمي جامعي في بيروت عَمِل على إطلاق صاروخ لبناني منعه من الموافقة على مرافقتها في الرحلة.
وقد استوحت مازلو قصة العمل من شخصية جدتها السويسرية. وهي تجمع في شريط سينمائي يستغرق نحو 90 دقيقة، الفنون على أنواعها من موسيقى ورسم ومسرح وتقنية الأنيمايشن. يستعيد الفيلم الجميل الحرب الأهلية اللبنانية بأسلوب ذكي فيمضي المشاهد وقتاً ممتعاً وهو يتابع هذه الحكاية من دون ان يتذكر المآسي التي عاشها او اخبره ذووه عنها. موسيقى الشريط وضعها بشار مار خليفة، وهي مؤلَّفة من ثلاثة مقاطع؛ "ذكريني" و"فالس رقم 15" لجوهانس برامز و"أغنية منى"، وجميعها تعيدنا إلى الموسيقى الشرقية، التي طعمها خليفة بأسلوبه الفرنكو – لبناني.
وعرجت المخرجة على الفن المسرحي عندما قدمت شخصيات غريبة متنكرة بأقنعة حيوانات، تتصارع بين بعضها في حرب الشوارع وكأنها لا تعرف مدى خطورة اللعبة التي تمارسها. وكتبت فيفيان حداد في الشرق الاوسط ان مازلو نجحت في نقل أجواء الحرب مستخدمة عناصر غير نافرة، مبتعدة قدر الإمكان عن متاهات العنف وتعقيداته. أما قصة الحب التي تدور بين البطلين فتأخذنا إلى عالم سوريالي، يعيدنا إلى الرومانسية الأصيلة. فأليس الرسامة الحالمة تغرم بجوزف البروفسور في علم الفيزياء، فيجمعان مع تناقضاتهما الفكر والقلب وحكاية حب أصيلة لا تلبث أن تمزقها حرب السبعينات. وتتجلى مواهب مازلو الفنية في كيفية تقديمها لبنان الأخضر الذي طالما تغنوا بأرزه الخالد. اعتمدت الصور الفوتوغرافية بتقنية ستوب موشين لاستعادة أزقة بيروت العتيقة. وقدمت مقاهي الأرصفة ومحلات بيع الزهور والأسواق القديمة بأسلوب سينمائي جديد من نوعه. كما تمسكت المخرجة بتقديم رمز من رموز لبنان والأرزة الخضراء من خلال شخصية فتاة شابة تنبض بالحياة، تستقبل الزوار الأجانب على رصيف مرفأ بيروت، تدلهم على طريقهم، تقف أحياناً تتفرج خائفة على ما يحصل لوطنها. ومرات أخرى تبرز مازلو قساوة ما عانته هذه الأرزة بسبب نزاعات تجري بين أبناء البلد الواحد كي يستحوذوا عليها. مزجت مازلو بين الخيال والواقع أكثر من مرة في مشاهد فيلمها، فاستعارت صوراً مجازية وأخرى سوريالية للإشارة إلى حدة الحرب وتأثيرها على العائلات، فهي تسببت بهجرة أولادهم مرات واقتلعتهم من جذورهم مرات أخرى، ودفعتهم إلى العيش في فوضى عارمة. قدمت المخرجة كل هذه الصور إضافة إلى أصوات القذائف والانفجارات مستخدمة مسافة وهمية لتبقيها بعيدة بحدتها عن المشاهد رغم واقعيتها.
"تحت سماء اليس" عمل يستحق المشاهدة لمجرد انه مختلف. هو قد لا يعجب الجميع -وهذا امر طبيعي ومشروع- لكن الاكيد انه يقدم لنا تجربة فريدة من نوعها تشبه زيارة معرض للفن الحديث مخصص لسرد بدايات حرب لبنان المريرة واثرها على الناس ومشاعرهم وحيواتهم.

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار