هل يتزاوج أو يتساكن "صندوق النّقد الدولي" مع السلاح غير الشرعي في لبنان؟! | أخبار اليوم

هل يتزاوج أو يتساكن "صندوق النّقد الدولي" مع السلاح غير الشرعي في لبنان؟!

انطون الفتى | الأربعاء 12 يناير 2022

حبيقة: نحتاج الى تصحيح أوضاعنا من ضمن النّطاق الموجود في المنطقة

 

 

أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"

 

ماذا لو تمكّن السلاح غير الشرعي من التماهي مع أي برنامج، أو ربما مع برامج، قد يتبعها لبنان مع "صندوق النّقد الدولي"، مستقبلاً؟

فنحن لن نكون البلد الوحيد، الذي قد يتعاون مع "الصندوق"، من دون أن تصطلح أوضاعه الاقتصادية والمالية، خصوصاً إذا اتُّبِعَت استراتيجيا لبنانية بالعمل "عا القطعة"، أي إجراء إصلاحات في قطاعات معيّنة، مثل الكهرباء، والاتّصالات، وداخل القطاع العام... بعيداً من المساس بكلّ ما له علاقة بضبط الحدود، ووقف التهريب، ومكافحة الفساد بأشكاله المتعدّدة.

 

فيينا

ففي مثل تلك الحالة، سيكون مُتعذّراً بناء دولة لبنانية حقيقية، بالمعنى الاستراتيجي، والجيو - سياسي، بعيد المدى، خصوصاً إذا وافق المجتمع الدولي على غضّ النّظر عن الكثير من التجاوزات "الاحتلالية" للبنان، والتي لها ما لها من مفاعيل على اقتصاده وماليّته، وذلك مقابل لَملَمَة الانهيار اللبناني المُتسارع والكبير، بما ينسجم مع "أفراح" أي اتّفاق مُحتمَل في فيينا، خصوصاً أن المدّة الزمنية المسموحة لإنهاء هذا الاتّفاق، تسبق تصحيح الأوضاع اللبنانية، بكثير.

 

حلم؟

السلاح غير الشرعي في لبنان، هو مشكلة إقليمية، وهذا صحيح. ولكنّ مفاعيله الاقتصادية والمالية الانهيارية على لبنان، تشكّل مشكلة لبنانية داخلية، بدليل عَدَم ضبط الحدود، والتهريب المستمرّ الى سوريا، لأسباب عقائدية، قبل أن تكون سياسية، أو مدنيّة.

وبما أن مفاوضات فيينا لا تدخل في الشقّ العقائدي، فإن المفاعيل العقائدية للصّراع الإقليمي باقية، وهي ستنعكس سلباً على مالية لبنان واقتصاده، في مدى بعيد. فهل من الممكن أن يتزاوج "صندوق النّقد الدولي" مع هذا الواقع مستقبلاً، أو أن يتساكن معه ببعض البرامج مثلاً، خصوصاً إذا كانت إعادة الأموال الى المُقرِضين الدوليّين مضمونة لبنانياً، حتى ولو بمعيّة الإبقاء على الأنشطة اللبنانية السياسية والعسكرية المُزدوجة (غير الشرعية، الى جانب أو حتى أقوى من الشرعية)؟ وهل ان بناء اقتصاد لبناني "سليم"، هو مجرّد حلم، لا أكثر؟

 

ربح

أوضح الخبير الاقتصادي الدكتور لويس حبيقة أنه "ليس صحيحاً ما يُقال عن أن القيّمين على "صندوق النّقد الدولي" لن يهتمّوا باستمرار الفساد والسرقات في لبنان مستقبلاً، إذا ضمنوا استعادة الأموال التي تقترضها الدولة اللبنانية. فهم يهتمّون أيضاً بتصحيح الأوضاع في لبنان، جنباً الى جانب استعادة الأموال، ولكن من دون أن يتدخّلوا في الشؤون السياسية الداخلية".

ولفت في حديث لوكالة "أخبار اليوم" الى أن "الاتّفاق اللبناني مع "صندوق النّقد الدولي"، هو ربح لنا كشعب، لأن ما يطلبه، هو ما نطالب به نحن أيضاً، ومنذ زمن بعيد، من دون أن تكون لدينا القدرة على فرضه، وذلك على صعيد مكافحة الفساد، وإصلاح قطاع الكهرباء، وإعداد موازنات صحيحة، وتقليص حجم القطاع العام، وتصحيح أوضاع القطاع المصرفي، وتوحيد سعر الصرف، وغيرها من الأمور. بينما يمتلك "الصندوق" القدرة على تحويل الإصلاحات الى مطلب أساسي، لكونه الجهة الدولية القادرة على إقراض الدولة اللبنانية، وعلى تمكينها من استجلاب أموال مؤتمر "سيدر"، والأموال الخليجية، بعد بَدْء التعاطي اللبناني الرّسمي معه ("صندوق النّقد")".

 

مستحيل

وردّاً على سؤال حول إمكانية النّجاح بفصل اقتصاد وماليّة لبنان عن أزمات المنطقة، وعن مفاعيل ازدواجية السلاح، وعن النتائج الإقليمية للسلاح غير الشرعي، من خلال التعاطي مع "صندوق النّقد الدولي"، أجاب حبيقة:"هذا مستحيل. فلا شيء يفصل لبنان عن أحداث المنطقة. وعندما نوقّع للحصول على برنامج من "الصّندوق"، ننتظر أن تأتينا بعد ذلك الأموال الخليجية، وتلك المرتبطة بمؤتمر "سيدر"، وهو ما يجعلنا متعلّقين بمفاعيل كل ما يجري من حولنا، وحول العالم".

وأضاف:"نحن نحتاج الى تصحيح أوضاعنا المالية والاقتصادية، من ضمن النّطاق الموجود في المنطقة، وليس الى فصل لبنان عن كل شيء".

 

"تشاطُر"

وحول إمكانية أن نُصبح دولة من الدّول التي تعامَلَت مع "صندوق النّقد الدولي"، والتي رغم ذلك لم تنجح في بناء اقتصاد سليم، شرح حبيقة:"تلك الدول فشلَت في بناء اقتصاداتها، لأسباب عدّة، من بينها أنها وقّعت على برامج مع "الصّندوق"، ولم تنفّذها".

وتابع:"أحياناً، يكون البرنامج صعباً. وفي تلك الحالة، لا يجب التوقيع عليه، بل الانتظار لإجراء المزيد من المفاوضات. ولكن بعض الدول، سواء عن جهل، أو عن "تشاطُر"، تختار أن توقّع بهدف ربح بعض الوقت، وحتى ولو كانت غير قادرة على الالتزام بالبرنامج. وهذا خطأ كبير على المدى البعيد".

وختم:"لا يمكن اللّجوء الى أسلوب ربح الوقت في هذا النّوع من التعامُل. والتوقيع على برنامج، يتطلّب استكماله بالتّنفيذ على ما اتُّفِقَ عليه. فالدول التي بقيت فقيرة، هي تلك التي لم تنفّذ برنامج "صندوق النّقد"، أو تلك التي وقّعت على برنامج هي غير قادرة على تنفيذه أصلاً. وفي الحالتَيْن، هي التي تتحمّل المسؤولية، وليس هو، لأنه لا يُجبر بلداً على الموافقة، ولا على التوقيع على برنامج، لا قدرة له على الالتزام به".

 

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار