هارون: هل المطلوب من المستشفيات أن تقدّم الطبابة المجانية؟... المشكلة مزمنة!
فالنتينا سمعان- "أخبار اليوم"
حماة الوطن هم وأمان مواطنيه، أقسموا على خدمته رغم كل الشدائد، وحافظوا على قسمهم في ظل ظروف قاسية وحرِجة، ولكن أن تصل هذه الظروف إلى حرمانهم من حقّهم في الطّبابة هو ما ليس متوقّعًا.
أزمة الإستشفاء في قوى الأمن الداخلي تأخذ منحاها التصاعدي، بعد أن تراكمت مستحقات المستشفيات الخاصة مع المؤسسة والتي على ما يبدو لم تسلك طريقها نحو الحلّ بعد.
في هذا السياق، يروي أحد عناصر قوى الأمن الداخلي عبر وكالة "أخبار اليوم" تجربته المريرة مع المستشفيات، وهو الذي يعاني من "مرض مستعصي" يُفترض أن تكون له أولويّة في الطبابة ويقول: "ذهبت إلى إحدى المستشفيات وأجريتُ الفحوصات اللّازمة ليتنبيّن أن الورم السرطاني الذي تمّ اكتشافه عالي الدرجة ويجب استئصاله".
يضيف: "أكملت الفحوصات المتوجّب عليّ القيام بها في مختبرات، منها من طلب بدفع الفروقات، ومنها من لم يقبل بذلك، بل كان عليّ أن أدفع كل التكاليف من حسابي الخاص، وعندما أنهيت كل الفحوصات وحان وقت العمليّة، توجّهت إلى المستشفى التي طلبت مبلغ 600$ و7 ملايين ليرة لبنانية كفارق استشفاء و400$ للطبيب المعالج".
ويتابع: "لم يكن لديّ خيار سوى البحث عن مستشفى آخر، فتدخل طبيبي وجمع لي مبلغ 17 مليون ليرة كتبرّع وهو قيمة "البروتيز"، ووافقت المستشفى التي "توصى لي فيها" على إجراء العملية مجانًا، لأنّ "الدولة" لم تكن بوارد دفعها وإن فعلت فعلى الـ 3500 ليرة لبنانية، وكان من المقرّر تأجيل العملية أسبوعين للحصول على موافقة لولا تدخّل الطبيب".
ويذكر العنصر أنّه من "الضروري أن أقوم بجلستي علاج كيميائي، وأن "قوى الأمن" توافق على ذلك وتعطي الأوراق اللازمة خصوصًا أن الدواء مدعوم كونه للأمراض المستعصية، فقدّمت على المستشفيين اللتين أزورهما، فإذا بالأولى تدّعي أنها لا تستقبل مرضى جدد مع العلم أنني كنت في إحدى طوابقها وقد قالوا لي أنه بإمكاني الدخول وأن هناك أماكن شاغرة ولكن عندما علموا أنني عنصر في المؤسسة رفضوا بالحجة المذكورة سابقًا واقترحت الإدارة أن أجري العملية في مستشفى آخر".
ويكمل قائلًا: "ذهبت إلى المستشفى الثاني، فكان الجواب أنّه عليّ الانتظار لتأتي الموافقة، وفي حال أتت، سأكون على "لائحة الانتظار"، فحاولت التواصل بطبيب معالج فيها، ولم يبدِ تجاوبًا لأن القرار واضح بهذا الشّأن".
ويتساءل المريض عن هذا التعقيد في الإجراء، "فالدواء مدعوم وجلستان لن تكسرا لا "الدولة" ولا المستشفى"، وهو منذ أسبوعين "رايح جاي" دون نتيجة سوى الذلّ.
ويختم بالقول: "لا ألقي اللوم على طرف معيّن، فالمستشفيات والدولة سواسية في المسؤوليّة".
من جهته، يشير نقيب المستشفيات الخاصة في لبنان سليمان هارون في حديث إلى وكالة "أخبار اليوم" أنّ المشكلة مع قوى الأمن الداخلي مزمنة، فهي ليست وليدة أشهر، إنّما تخطّت السنتين، ولم يعد بإمكان المستشفيات الإستمرار، فالمستحقات باتت كبيرة".
ويؤكد هارون القيام بعدّة اتصالات واجتماعات مع المؤسسة، لكنّها لم تفضِ إلى نتائج، ملقيًا اللّوم على "الدولة" التي "لا تؤمن الطبابة لرجال أمنها"، لافتًا إلى أنه على الرغم من تعاقب أكثر من حكومة إلّا أن طريق الحل مسدود".
وعن تفهّم المستشفيات لظروف هذه المؤسسة في هذا الوضع الصعب وإمكانيّة التعاون بشكل أفضل، يجيب هارون: "المستشفيات قامت بعملها، فهي منذ سنتين تتحمّل أعباء هذه المشكلة دون الوصول إلى نتائج، ومع ذلك نحن اليوم لا نعرّض حياة أي عنصر للخطر إذا كان الأمر ملحًّا، ولكن هل المطلوب منّا أن نقدم الطبابة المجانية"؟
وعمّا إذا كان هناك من وعود قريبة لسداد هذه المستحقات، يقول: "متل اللي عم بيصرّخ بالوادي ويسمع صداه"، فرغم كلّ ما قمنا به، لم نرَ أي مبادرة من أي مسؤول سوى وزير الصّحة مع أن الموضوع ليس من مهام وزارته، إلّا أنّه اتصل بي مستفسرًا".
ويصف هارون ما يجري بـ"الاستهتار"، فمن واجب الدولة أن تؤمن موازنة لحُماتها". ويختم مطالبًا بعدم رفع الصوت بوجه المستشفيات، فهي قد صبرت وتحمّلت أعباء أكثر ممّا يلزم، بل على المعنيين التوجّه إلى الحكومات والمطالبة بأموالهم لضمان حقوقهم".
...الانضمام إلى الأسلاك العسكريّة كان وبمفهومه "اللبناني"، إلى جانب كونه شغف البعض هو ضمانة لعيش كريم مدى الحياة، وإذا به اليوم يتحوّل إلى حبل يلفّ أعناق كثر ويخنقها في اليوم آلاف المرات، ومن كان يداوي بلاده بات اليوم يبحث عمّن يداويه... فهل سيُسمع صوت أنينه؟