تقليص حَجْم القطاع العام ومصير أصحاب المولّدات الخاصّة... الامتحان الكبير! | أخبار اليوم

تقليص حَجْم القطاع العام ومصير أصحاب المولّدات الخاصّة... الامتحان الكبير!

انطون الفتى | الأربعاء 19 يناير 2022

مصدر: كتلة كاملة ستتحوّل الى ثقل على المجتمع والدولة والاقتصاد

 

أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"

 

كالمريض الذي يقبع في غرفة العناية الفائقة، والذي يمضي في دروب الالتهابات المتكرّرة، والفحوص الطبية اليومية مُتضارِبَة النتائج، فيما هو لا يموت، ولا يعود الى حياته الطبيعية، يسير لبنان الى مصيره حالك السّواد.

 

وعود

فبين خطّة تعافٍ مالي واقتصادي، وُعِدنا بتفعيل جلسات مجلس الوزراء من أجلها، وبين مستقبل قاتم، نسأل عن السُّبُل المُمكِنَة للنّجاح في "شفاء" لبنان مالياً واقتصادياً، بلا أي ملموس بين أيدينا، يوضِح لنا مصير الآلاف الذين سيكون إخراجهم من القطاع العام إجبارياً، وذلك في الطريق الى تقليصه، لا سيّما بعدما تبدأ "الأتراح" في مرحلة ما بعد أفراح الانتخابات النيابية، ووعودها المعسولة الكثيرة؟

 

"تشبيحات"

فهؤلاء كلّهم سيشكّلون قنبلة اجتماعية - معيشية، وربما أمنية، موقوتة، تهدّد بزيادة الفقر، والجوع، وعَدَم الاستقرار الاجتماعي، وحتى الأمني.

كما أن تلك الكتلة - القنبلة، تهدّد بتجديد "التشبيحات"، وفق أشكال وأنواع مختلفة.

 

ألوان

فعلى سبيل المثال، إذا كان إنجاز معاملة في دائرة رسمية، يتطلّب دفع بعض الرّشاوى في الماضي، وهو ما كان يشكّل مصدر رزق "تشبيحي" لمن اعتاد على أن يقتات من "التشبيح"، فإن لا شيء يُخبرنا حتى الساعة عن الشّكل "التشبيحي" الجديد الذي قد تتّخذه "الجحافل" التي اعتادت على المعيشة "التشبيحية" تلك (في الماضي)، عندما تُصبح (تلك الجحافل) خارج القطاع العام، طالما أن ثقافة "التشبيح" تبدّل ألوانها بحسب اختلاف الظّروف التي تترعرع فيها، وسياساتها.

 

نُسَخ جديدة؟

والمحصّلة، "تشبيحات" تنتقل من داخل القطاع العام الى خارجه، من جانب كتلة اجتماعية لا بأس بها، وهي تلتقي مع "مشبّحين" آخرين، لا أحد يُخبرنا بمستقبل مصيرهم، بعد توفُّر الكهرباء من الدولة، مهما طال الزّمن، وهم "جحافل" كثيرة من أصحاب المولّدات الخاصّة، الذين اعتادوا على "التشبيح"، والذين نجحوا في إنشاء شبكة علاقات متينة مع موظّفين يعملون في قطاع "الكهرباء الرسمية" أيضاً.

فهؤلاء بدورهم، وغيرهم الكثير، من الذين نشطوا في "تشبيحات" الانهيار المالي والاقتصادي بعد 17 تشرين الأول 2019، يشكّلون كُتَلاً من العاطلين علن العمل مستقبلاً، كما هو مُفتَرَض. فكيف سيعيشون؟ ومن يمنع نشوء كتلة "تشبيحية" كبيرة داخل المجتمع اللبناني مستقبلاً، تعمل جنباً الى جنب الاقتصاد الرسمي، وتُبقي على الاقتصاد الموازي بنُسَخٍ جديدة؟

 

سقطا معاً

شدّد مصدر مُطَّلِع على أن "تقليص حَجْم القطاع العام، التزاماً بشروط "صندوق النّقد الدولي"، سيحوّل كتلة لبنانية كاملة الى ثقل على المجتمع، والدولة، والاقتصاد. فهذه هي الحقيقة القاسية، التي تنتظر هؤلاء".

ولفت في حديث لوكالة "أخبار اليوم" الى "أنهم يؤسّسون لقنبلة موقوتة، أي لمشاكل اجتماعية وأمنية. ولكن رغم ذلك، لا يستقيم العمل في أي دولة، بموازاة تضخيم القطاع العام فيها الى هذا الحدّ. وهذا التضخيم زاد كثيراً بعد إقرار سلسلة الرتب والرواتب في عام 2017، التي أوصلت الاقتصاد اللبناني الى مرحلة عَدَم القدرة على تحمُّل القطاع العام، فسقط به ومعه".

 

إخراج

وأشار المصدر الى أن "الاقتصاد يصحّح نفسه، ولكن لم يُسمَح له بذلك في لبنان، خصوصاً بعدما استفحلت أنشطة الاقتصاد الموازي منذ عامَيْن. اليوم، انهارت الرواتب في القطاع العام، ووصل العاملون فيه الى مرحلة الانقطاع القسري لرزقتهم مستقبلاً، وذلك بدلاً من أن تُوجَّه الطاقات البشرية تلك، الى حيث يجب، منذ ما قبل سنوات".

وأضاف:"حصل ذلك وفق سياسات خاطئة، نجحت في شراء أصواتهم، وفي تثبيت مواقع سياسية لامتداداتهم الحزبية داخل الدولة، وعلى ظهر المال العام، مقابل شراء الوقت، وتمكينهم من العيش من جيوب الأجيال القادمة".

وختم:"نرى اليوم جيّداً كيف سقطت الدولة، وسط انعدام النموّ الاقتصادي، وانهيار اللّيرة، والمشاكل السياسية المحلية، وتلك التي لها امتدادات إقليمية ودولية. وهكذا، تحوّل موظّفو القطاع العام الى ثقل على الإدارة، والميزانية، واللّيرة، والمجتمع. والخوف كل الخوف، هو من اعتماد سياسات تهدف الى احتوائهم وإسكاتهم وفق إخراج معيّن مستقبلاً، حتى لا يتحوّلوا الى قنابل مؤذِيَة للجهات التي أدخلتهم كفائض في القطاع العام، في الماضي، والتي ستتفرّج على تحوّلهم الى كتلة عاطلة عن العمل، في وقت قد لا يكون بعيداً".

 

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار