خطئية الترسيم من الشركة النروجية الى الطائرة الاثيوبية الى الخطوط... | أخبار اليوم

خطئية الترسيم من الشركة النروجية الى الطائرة الاثيوبية الى الخطوط...

داود رمّال | الخميس 17 فبراير 2022

القرار للسلطة السياسية في اعتماد خط الترسيم استنادا الى حفظ السيادة الوطنية

الجيش انجز تقنيا ملف ترسيم الحدود البحرية الجنوبية بحرفية عالية

داود رمال- "أخبار اليوم"

ربما لم يأخذ ملفا لبنانيا حجما كبيرا من النقاش والعرض والتحليل وتناولته وسائل الاعلام على تنوعها،  كمثل ملف ترسيم الحدود البحرية الجنوبية مع فلسطين المحتلة، حتى ان الرأي العام اللبناني صار على درجة عالية من المعرفة بتفاصيل ودقائق هذا الملف وقادر على التمييز بين الخيارات المتاحة.

هو مسار طويل انطلق على غفلة في بداية التسعينيات عندما اجازت وزارة الطاقة والمياه اللبنانية لشركة نروجية متخصصة بالمسح الزلزالي ان تمسح البحر اللبناني وصولا الى المنطقة الاقتصادية الخالصة، من دون معرفة الى اين ذهبت الـ "داتا" بعدما قامت سفينة مسح متخصصة بهذه المهمة وماذا سلّم الى لبنان؟، وهل الذي تم تسليمه هو كامل النتائج ام بعضها؟، ناهيك عن ما قامت به اسرائيل من عقود من استباحة متواصلة للبحر اللبناني، الى ان جاءت كارثة الطائرة الاثيوبية، ويومها لم تبق دولة الا وارسلت سفينة بحث عن حطام الطائرة التي ما كان يحتاج تحديد مكانها الى هذا الكم من السفن التي بدأت مسحا من الشمال الى الجنوب ولأسابيع، وبعضها رابض قبالة السواحل اللبنانية.

اما الخطيئة التي ارتكبت فكانت التوقيع مع قبرص في العام 2007 على نقطة الترسيم، وكانت النقطة الخطأ التي سارعت اسرائيل الى عقد مفاوضات مع قبرص ورسّمت معها من ذات النقطة، وصولا الى صدور المرسوم 6433 والذي ابقى في البند الثالث منه الباب مفتوحا على تعديله اذا تبين ان حق لبنان يتجاوز الخط (23) المعتمد في المرسوم، ويومها لم يؤخذ بالتقرير البريطاني الذي يقول بأن للبنان الحق بالمطالبة الى النقطة (29)، الى ان انتقل الملف بالكامل ليصبح بيد رئيس مجلس النواب نبيه بري، وجرت مفاوضات مع موفدين اميركيين من فريدريك هوف الى اموس هوكشتاين الى ديفيد ساترفيلد الى ديفيد هيل الى ديفيد شينكر الى هيل مجددا انتهاءً بهوكشتاين مجددا، ويومها دارت كل المفاوضات على مساحة 860 كيلومترا مربعا وهي الفاصلة بين ما سمي خط هوف والخط (23)، وتخلل هذه المفاوضات عروضا كثيرة منها اعطاء لبنان 55 في المئة من المنطقة المتنازع عليها الى اقتراح بأن تتولى شركة عملاقة التنقيب والاستثمار في اعالي البحار وتقوم بتوزيع العائدات، الى ان اعلن اتفاق الاطار وعنوانه التفاوض غير المباشر برعاية الامم المتحدة وبوساطة مسهلة من الولايات المتحدة الاميركية على ترسيم الحدود البحرية من دون تحديد اي خط للتفاوض.

مع اعلان اتفاق الاطار، عاد الملف الى موقعه الطبيعي وهو رئاسة الجمهورية كون الدستور في مادته (52) واضح في هذه المسألة لجهة ان من صلاحيات رئيس الجمهورية التفاوض على عقد الاتفاقات والمعاهدات الخارجية، وتم تفويض وفد عسكري مع خبراء متخصصين في التفاوض، وعقد خمس جولات من المفاوضات تمكّن في خلاله الوفد اللبناني من وضع الوفد الاسرائيلي في موقف حرج بعدما بيّن استنادا الى قانون البحار والسوابق الدولية ان حق لبنان يصل الى النقطة (29) وان خط التفاوض هو هذا الخط، يومها خرج الوفد الاسرائيلي عن طوره واوقف المفاوضات ولم تزل، وقال الوسيط الاميركي حينها بان المفاوضات انطلقت ليس على هذا الاساس، اي ان النية المبيتة هي التفاوض فقط على خط هوف زائدا.

ربما لم تنتبه الطبقة السياسية التي امسكت الملف منذ العام 2007 ، ان لدى الجيش مصلحة اسمها مصلحة الهيدروغرافيا استحدثت في شباط من العام 2014  وصرف عليها الملايين من اجل تدريب ضباطها وخبرائها وزودت بالتجهيزات اللازمة وانجزت ملفا محكما حول الحدود البحرية، وبالتالي عندما فاوض الجيش في الناقورة فاوض تقنيا وليس سياسيا، وانجز مهمته التقنية على اكمل وجه، وصار القرار بأي خط سيعتمد للترسيم هو من مسؤولية السلطة السياسية.

عاد هوكشتاين حاملا عرضا معينا يتضمن تطورا ايجابيا، وابرز ما فيه ان لا شركة في الحقول بين لبنان واسرائيل ولا تطبيع من خلال الشراكة وان المهم تحديد الحقول والتفاوض على توزيعها، عمليا سقط خط هوف كليا ونهائيا وانتقل التفاوض على الخط (23) زائدا حقل قانا، هذا هو التقدم المنجز، وتبقى مسؤولية الوسيط الاميركي ان يمارس الضغط الموصل الى حال على الجانب الاسرائيلي.

القضية ليست بيد الجيش الذي انجز الملف التقني باحكام وحرفية عالية، وهذا هو شغله الحقيقي، القضية بيد السلطة السياسية التي عليها ان تحفظ السيادة الوطنية والحقوق اللبنانية، والتي تبين انها متفقة على اعتماد الخط (23) مع حقل قانا حدودا بحرية جنوبية، وما تقرره السلطة السياسية يلتزم به الجيش ونقطة على كل نقاط التفاوض.

إقرأ ايضا: التنازل عن الخط 29... مقاربة جديدة وذكيّة من هوكشتاين!

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا

أخبار اليوم

المزيد من الأخبار