نقاشات ولقاءات تتخطّى مناقصة الحاويات
ألين فرح- "أخبار اليوم"
لم تحجب طبول "الحرب الأوكرانية" استمرار الاهتمام الدولي بالملف اللبناني الذي أخذ حيّزاً لا بأس به خلال انعقاد مؤتمر الأمن في ميونخ، من خلال اجتماع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بوزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان، ومناقشة الاخير الوضع اللبناني في اجتماع مع نظيره الأميركي انطوني بلينكن، ثم الإعلان عن زيارة مرتقبة لوزير خارجية فرنسا الى لبنان اوائل آذار بهدف الحضّ على تنفيذ الاصلاحات والمفاوضات مع صندوق النقد الدولي واجراء الانتخابات النيابية، وذلك في اشارة الى ان المبادرة الفرنسية ما زالت على قيد الحياة. ورغم الدعم الذي تقدّمه باريس للحكومة اللبنانية، إلا أنها مستمرة في الوقت عينه في تعزيز علاقتها مع "حزب الله" رغم الضغوط الدولية التي تمارس على الحزب وتزامناً مع المفاوضات النووية المستمرة.
فالعلاقة مع الحزب بدأت منذ زمن وتحديداً من أيام السفير الفرنسي السابق في بيروت برونو فوشيه، حيث كانت تحصل اجتماعات دورية بين الطرفين، ثم تعززت لاحقاً على الصعيد الوزاري وحصلت زيارات سرّية عدة لشخصيات من الحزب الى باريس.
لكن تمّت الاضاءة على هذه العلاقة غداة انفجار مرفأ بيروت وزيارة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون لبنان واجتماعه مع ممثلي القوى والاحزاب من بينهم رئيس كتلة "حزب الله" النيابية محمد رعد، حيث كان لافتاً اصطحابه رئيس شركة CMA CGM رودولف سعادة. فكانت باكورة المشاريع التي حصلت عليها فرنسا عقد مع الشركة لتشغيل حاويات مرفأ بيروت، وذلك بعد تنظيم زيارة لوزير الأشغال علي حمية الى فرنسا والتي كانت حافلة باللقاءات والنشاطات.
ولا يخفى ان جداول اعمال زيارات جميع الموفدين الفرنسيين الى لبنان تتضمّن لقاءات ونقاشات سياسية مع ممثلي "حزب الله"، توازياً لعلاقة فرنسا بإيران.
فمن وجهة نظر باريس ان الحزب مكوّن لبناني له حضوره البارز في السياسة اللبنانية وله تمثيله في مجلس النواب وبالتالي لا يمكن تجاهله، وفي اعتقادها ان التعاطي معه مفيد وأفضل من المقاطعة. علماً ان ثمة امتعاضاً في الداخل من العلاقة "المميزة" التي تربط باريس بحارة حريك، اذ يرى المناوئون لها ان الحزب لم يقدّم لباريس أي شيء في السياسة بل بالعكس كانت الإفادة للحزب. "فليس الهدف الحصول على مناقصة الحاويات او الدخول الفرنسي الى مطار بيروت، بل أين الوعود بالإصلاحات، أين تسهيل عمل الحكومة ومجلس النواب، وبسط الشرعية، تسهيل التحقيق في انفجار مرفأ بيروت، تعزيز الوفاق الوطني، وآخرها فرض معادلة المسيّرات".
في السياق، ثمة انتظار لمفاوضات فيينا والمرجح ان تكون تطوراتها ايجابية وتنعكس نتائجها على الوضع اللبناني، مع ما يعنيه ذلك من بقاء الوضع على ما هو عليه من دون تغيير في المعادلات التي "يحلم" بها المجتمع الدولي إن كان في الانتخابات النيابية أم في عقد مؤتمر تنظيمي جديد.
إقرأ ايضا: الصفقات الاميركية لا تصل الى القوانين واجراءاتها...