جلسة الامس "مجزرة" تشريعية ومقايضة واضحة | أخبار اليوم

جلسة الامس "مجزرة" تشريعية ومقايضة واضحة

عمر الراسي | الثلاثاء 22 فبراير 2022

تطيير استقلالية القضاء وتسهيل اقتراع المغتربين

عمر الراسي - "أخبار اليوم"

ليست المرّة الاولى التي يعول فيها على اقتراحات قوانين مدرجة على جدول اعمال الجلسة التشريعة، يكون الهدف منها تحسين الشروط الاقتصادية والاجتماعية والقضائية والامنية، ويطير النصاب بما يشبه التواطؤ من اجل ابقاء قوانين بائدة وحدها السائدة دون اي تطوير وتحديث يحاكي التطور ويعالج الثغرات.
... هذا ما ينطبق فعليا على الجلسة التشريعية التي عقدت بالامس، لا بل "سلقت"، وكان الهدف منها ان يقول بعض النواب "نحن هنا"، ولا ان يقرنوا القول بالتشريع البنيوي المطلوب منهم.

تمديد الوضع المأزوم
يجزم مصدر في "القوات اللبنانية"، عبر وكالة "أخبار اليوم" ان ما حصل بالامس هو "مجزرة تشريعية" بكل ما تعنيه الكلمة، حيث كانت الفرصة متاحة لنقل الوضع باتجاه آخر، ولكن من الواضح ان فريق 8 آذار وحلفاءه يريد تمديد الوضع المأزوم حتى اشعار آخر، قائلا: لذلك الناس مدعوة الى المشاركة في الانتخابات المقررة في ايار المقبل بكثافة من اجل كف يد من يضع يده على السلطة ويتحكم بكل شيء.
وكانت القوات تعوِّل على إقرار ثلاثة اقتراحات قوانين محورية وأساسية في البنيان القضائي وما يتصل بتسهيل اقتراع المغتربين، هي البنود 11، 14 و15 التي كانت مدرجة على جدول الاعمال.
البند رقم 11 المتصل باقتراح قانون استقلالية القضاء العدلي، اعترض عليه وزير العدل هنري خوري، مشيراً إلى أنّه وصله منذ ثلاثة أيام، ولم يستطع دراسته كما يجب كما أنّه، لم يحظ بموافقة المجلس الأعلى للقضاء. ورغم إصرار رئيس لجنة الإدارة والعدل جورج عدوان على القانون، إلّا أنّ الرئيس نبيه بري اعاده إلى لجنة الإدارة وتمسّك بموقف مجلس القضاء الأعلى ووزير العدل على اعتبار أنّ "القانون لا يمكن سلقه سلقاً".

اما البند 14 المتعلق باقتراح القانون المعجل المكرر الرامي إلى تعديل الفقرة الثانية من أحكام المادة 118 من قانون الانتخابات، و15 المتعلق باقتراح القانون المعجل المكرر الرامي الى تعديل إجراءات تقديم طلبات الرد والتنحي الواردة في قانون أصول المحاكمات المدنية و قانون أصول المحاكمات الجزائية، فقد طار النصاب قبل الوصول اليهما.

ليس صدفة!

ويوضح المصدر القواتي انه ليس صدفة ان الاقتراحات الثلاثة التي كانت القوات قد تقدمت بها تم تطييرها، مشيرا الى ان هذه الاقتراحات تعنى بمسألتين اساسيتين بشكل مباشر تتم متابعتها للعمل بها: حسن سير القضاء وتسهيل اقتراع المغتربين.
ويشرح المصدر ان استقلالية القضاء مرتبطة بالتحقيقات في انفجار مرفأ بيروت، لا سيما وان اللبنانيين سئموا من طلبات الرد والتنحي والمخاصمة، وتبين من تحقيقات المرفأ ان هناك ثغرة قضائية بنيوية يجب ان تعالج، بغض النظر عن الجهة التي قدمت اقتراح القانون، فلا يمكن الوصول الى برّ الامان في حل بقية الامور على هذا النحو من التمييع.
واذ يشدد المصدر على ان هذا ما يعني ان هناك من لا يريد الوصول الى الحقيقة والعدالة، يقول: كأن هناك مقايضة بين طرفين: الاول يطير القانون الذي يبقي القضاء على ما هو عليه (في اشارة الى تصرف وزير العدل المحسوب على العهد)، وآخر يطير اي امكانية لمزيد من تسهيل اقتراع المغتربين (في اشارة الى الرئيس بري وفقدان النصاب وعدم الدعوة الى جلسة اخرى لاستكمال القوانين المطروحة).

"الثغرة –الكارثة"

وردا على سؤال، يرى المصدر ان الكارثة في ما حصل، ان الجانب القضائي انطلاقا من قضية المرفأ يعاني ايضا من عدم الاستقلالية والتدخل السياسي، فعلى سبيل المثال مجلس القضاء الاعلى اقترح تعيينات، فقام رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بوضعها في احد ادراجه، مع العلم ان التشكيلات هي من اختصاص مجلس القضاء الاعلى دون سواه، هذا ما يعني ان التدخل في القضاء من الرأس الى القضية الكارثية المتعلقة بانفجار المرفأ، يعاني من ازمة حقيقية تشير الى انه لن يكون هناك امكانية للوصول الى العدالة وخير دليل هذه "الثغرة –الكارثة" التي عطلت عمل القاضي طارق البيطار.

ويتابع: هناك ثغرة واضحة ضمن القضاء، جاء تكتل "الجمهورية القوية" واقترح آلية لوقف هذه المهزلة، فأتى من يسقطها –خلال جلسة الامس- للحفاظ على هذه المهزلة.

في الوقت عينه، يشدد المصدر على ان المحاولات الحثيثة لتطيير اقتراع المغتربين ما زالت مستمرة منذ فترة طويلة ، وفي هذا السياق كان الطعن الذي تقدم به التيار الوطني الحر وردّ رئيس الجمهورية على المجلس الدستوري، اضافة الى اصرار عون على ادراج قانون الانتخاب من ضمن بنود الدورة الاستثنائية... كل هذا بهدف تطيير تصويت المغتربين بالجملة.
ويضيف: من سعى لتطيير اقتراع المغتربين، لن يسهل اقتراعهم بالاوراق الثبوتية المتوفرة معهم، مع العلم انه نتيجة الظروف القاهرة بدءا من كورونا وصولا الى الازمة المالية التي ادت الى تعطيل الادارات، لم يتمكن هؤلاء من تجديد الاوراق الثبوتية.

تنظير ومزايدة

وردا على سؤال، يلفت المصدر الى ان كل هذا يعني ان هناك من يتظاهر بالاصلاح والتغيير في الشكل ويزايد في القوانين التي لها علاقة بالتحقيق الجنائي، انما هو في الواقع يسعى لضرب العمود الفقري للدولة في لبنان المتعلق بالقضاء والجسم الاغترابي الذي يشكل رافعة للواقع السياسي للبناني.
الى جانب ارادة هذا الفريق لابقاء الجسر مقطوعا مع الاغتراب، فانه ايضا لا يريد لبناء المؤسسات ان يأخذ مجراه لان هذا البناء لا يمكن ان يكون قويا الا اذا كان مرتكزا على صخرة القضاء.

ويخلص الى القول: كل اداء هذا العهد اليوم قائم على المزايدات: التشكيلات القضائية لم يجرها، ولم يبت بآليات التعيينات التي كان قد اقرها المجلس النيابي لا بل عون اعترض عليها بحجة انها تقلص من صلاحية الوزير.

ويختم مكررا: هناك قطبة مخفية وراء التعطيل، والمقايضة واضحة بين افرقاء 8 آذار لتطيير الجلسة والتشريع.

إقرأ ايضا:الحسابات المصرفية والمعاقبون من الادارة الاميركية ... هل المادة 59 حملت الحلّ؟

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا

أخبار اليوم

المزيد من الأخبار