هل يُمكن إسقاط بوتين وإخراجه من موسكو انطلاقاً من "أوكرانيا الغربية"؟! | أخبار اليوم

هل يُمكن إسقاط بوتين وإخراجه من موسكو انطلاقاً من "أوكرانيا الغربية"؟!

انطون الفتى | الأربعاء 23 فبراير 2022

حبيقة: بوتين قد يقبل بأوكرانيا حيادية ولكن ليس بأن تكون مع الغرب

 

أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"

 

بدلاً من الاكتفاء بفرض عقوبات على روسيا، وبالحديث عن مزيد منها، رغم أنها لن تمنعها من أن تكون قطباً عالمياً. وبدلاً من إدخال الأسلحة الى أوكرانيا التي لن تسمح للشعب الأوكراني بالعَيْش الكريم، والتي لن تؤثّر على لَجْم خطر الآلة العسكرية الروسية في أوروبا الشرقية، لا بدّ للغرب من الانصراف الى الأهمّ، وهو العمل على بناء اقتصاد أوكراني قويّ جدّاً، يسمح للمواطن الأوكراني بأن يُصبح "قُبلَة" لشعوب أوروبا الشرقية عموماً، وللمواطن الروسي خصوصاً، بما يُظهر الفارق الواضح والكبير بين "أوكرانيا غربية"، و"أوكرانيا شرقية"، وأهمية وفوائد الخيار الأول، على الثاني.

 

لن يتنعّم

كما أن ذلك سيُظهر بالفعل عُقم الإجراء الروسي في الاعتراف باستقلال لوغانسك ودونيتسك، في أعيُن الشعوب نفسها، نظراً الى أن الإنسان في هذين الإقليمَيْن الإنفصاليَّيْن لن ينعم بما يتنعّم به الإنسان في "أوكرانيا الغربية".

 

ألمانيا

نعود هنا الى تجربة "ألمانيا الشرقية"، و"ألمانيا الغربية" بعد الحرب العالمية الثانية، والفوارق الكبرى بين الأولى والثانية في أعيُن الألمان أنفسهم، والتي جعلت الكثير من شعوب "الشرقية" يحاولون الانتقال الى "الغربية" على مدى أكثر من 40 عاماً، نظراً الى الفارق الحياتي الكبير بينهم، وهو ما كان ينسحب على الاقتصاد، والمال، والحرية... آنذاك.

والفارق هذا نفسه، ساهم في فشل التجربة السوفياتية في ألمانيا، قبل عقود.

 

اقتصاد

وبالتالي، حتى ولو كان انضمام أوكرانيا الى الاتحاد الأوروبي متعذّراً، أو مستحيلاً ربما، بسبب ضرورة التزام كييف بمعايير معيّنة، إلا أن لا شيء يمنع مثلاً إدخال الغرب استثمارات كبرى، وكميات هائلة من الأموال الى أوكرانيا، بعد هدوء الأزمة الحالية، بما يسمح ببناء اقتصاد أوكراني كبير ومتين، وبعَيْش أوكرانيّ يجعل الشعب الروسي نفسه يتوق الى الغرب، والى التحرّر. وهو ما يمكنه أن يقوّي المعارضة الروسية نفسها في اعتماد أوكرانيا النّاجحة غربياً، كنموذج يُحتذى به، للمطالبة بإدخال تغييرات كبرى الى روسيا.

 

صدق

فهذا المسار هو القادر على إعطاء العقوبات الغربية على لوغانسك ودونيتسك معناها الفعلي، وعلى تحقيق أهدافها، من حيث السّماح للشّعوب بالتمييز بين ما يقود الى الفقر، والجوع، والمرض، والتطوّر المحدود، بإسم التبعيّة لروسيا، وبين فرص الحصول على الحاجات الحياتية، والتطوّر، والعلم، والصحة... بتحرّر أكبر، كنتيجة للتحرّر من موسكو، وللصّداقة مع الغرب.

ولكن ما سبق وذكرناه، يحتاج الى صدق غربي أوّلاً، والى حاضنة أوكرانية داخلية، يسمحان بترجمته على أرض الواقع.

 

حيادية

أوضح الخبير الاقتصادي الدكتور لويس حبيقة أن "روسيا لا تريد للغرب أن يصل الى أوكرانيا، لا عبر حلف "شمال الأطلسي"، ولا من خلال الاتحاد الأوروبي. والرئيس الروسي فلاديمير بوتين لا يعترف بأوكرانيا كدولة أصلاً، بل ينظر إليها كجزء من روسيا، سُلِخَت عنها قبل عقود".

ولفت في حديث لوكالة "أخبار اليوم" الى أن "بوتين قد يقبل بأوكرانيا حيادية، أي لا شرقية ولا غربية، ولكن ليس بأن تكون مع الغرب. وهذا ما يصعّب انضمام كييف الى الاتحاد الأوروبي أيضاً. فدخول الاتّحاد لا يتعلّق بالاقتصاد فقط، بل يعبّر أيضاً عن التزام بمعايير سياسية وقانونية أوروبية، أي غربية، ستسلخ أوكرانيا عن الشرق كلياً، وهو ما ترفضه موسكو".

 

الصين

وأكد حبيقة أن "روسيا لا تريد عضوية أوكرانيّة ضمن الوحدة الأوروبية، التي من الممكن أن تتطوّر مستقبلاً الى إنشاء جيش أوروبي مشترك، كان تحدّث الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عنه منذ ما قبل سنوات، بما أزعج الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب أيضاً، في ذلك الوقت. فروسيا ترفض وصول أي جيش من هذا النّوع الى حدودها".

وأضاف:"العقوبات الغربية على موسكو ستؤثر عليها سلبياً، وستضعفها، ولكنّها لن تجعل روسيا تركع، كما لن تمنعها من البقاء دولة كبرى. كما لا يجب التغافُل عن دور الصين في هذا الإطار، لأن لدى بكين القدرة على أن تسند موسكو، إذا وصلت العقوبات الغربية الى مرحلة متقدّمة جدّاً".

 

تردّد

وشرح حبيقة:"لم ينجح الغرب حتى الساعة في التفريق بين روسيا والصين. ففي الماضي، كانت الولايات المتحدة الأميركية تعمل كثيراً على ذلك، ولكنّنا نجدهما اليوم معاً، كمنافس قويّ للغرب. وبالتالي، تشديد العقوبات الغربية على روسيا سيرفع منسوب تقاربها مع الصين، نظراً لوجود مصالح عديدة مشتركة بينهما، وهذا خطر على الغرب".

وختم:"الوضع صعب على الغرب حالياً. ففرض عقوبات قاسية جدّاً على روسيا، سيقرّبها من الصين. ولكن مُهادنتها في أوكرانيا، سيسمح لها بالتوسّع أكثر. ومن هنا ينبع التردّد الكبير في التصريحات الأوروبية والأميركية، حول الملف الأوكراني".

 

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار