المسيح ينزف دماً... روسيا تهلك بنار أسلحتها ولن تُعايِن "النّور المقدّس" في الفصح! | أخبار اليوم

المسيح ينزف دماً... روسيا تهلك بنار أسلحتها ولن تُعايِن "النّور المقدّس" في الفصح!

انطون الفتى | الإثنين 28 فبراير 2022

لا يجوز جَلْب النّور المقدّس الى روسيا إذا أُسقِطَت كييف بالوحشيّة الروسية

 

أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"

 

مع بَدْء الموسم الصيامي المقدّس في الكنيسة الغربية، والتحضُّر لدخوله في الكنيسة الشرقية، سنتوقّف أمام "مرفع اللّحم" الذي أحيته (الكنيسة) الشرقية أمس، وسط نَهَم أرثوذكسي روسي، في "نَهْش" اللّحوم الأوكرانية.

 

أورشليم أوروبا

الصّورة بشِعَة جدّاً، ونعلم ذلك. ولكن هذه هي زبدة الحرب الروسية على أوكرانيا، إذا أردنا توصيف الأمور بعيداً من "الأفيونيات" التي تُطرِب الآذان.

وفي الوقت الذي يتلمّس فيه الملايين حول العالم، نتائج تلك الحرب، نسأل عن مواقف الجهات الأهمّ منها، وهي الكنائس الأرثوذكسية المنتشرة حول العالم، وذلك لأن حرب أوكرانيا لن تسجَّل في ذهن الشعوب في النهاية، إلا حرب الأرثوذكس على الأرثوذكس، خصوصاً أن لدى الروس حلمهم القديم باستعادة كييف التي عمّدتهم، وبشّرتهم بالسيّد المسيح، والتي تُعتبَر في نظر الكثير منهم بمثابة "أورشليم" أوروبا الشرقية، التي يتوجّب جعلها تحت حُكم موسكو المباشر، مع ما لذلك من نتائج دينيّة وسياسية، وحتى اقتصادية.

 

البطريرك

أبرز ما كان صاعِقاً بالأمس، هو المواقف المتأخّرة من الحرب الروسية على أوكرانيا، التي صدرت عن بطريرك الكنيسة الأرثوذكسية​ الروسية، كيريل.

فبعد أربعة أيام من "الأمطار النيرانية" الروسيّة على أوكرانيا، تحدّث بطريرك روسيا عن وجوب حماية الوحدة التاريخية للروس والأوكرانيين من التأثيرات الخارجية، طالباً من الله حماية الشعوب التي هي جزء من الفضاء المشترك للكنيسة الأرثوذكسية الروسية، من الصراع الداخلي، وحماية رئيس الكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية المطران أونوفري والأسقفية بأكملها، و"شعب ​أوكرانيا​ المؤمن". وهو تعبير كان يحتاج الى شرح من البطريرك، إذا ما كان يشمل كل الذين يُعارِضون الاحتلال الروسي لأوكرانيا أيضاً، أو لا.

 

السلام

كما تحدّث بطريرك موسكو عن أنه لا يجوز السماح للقوى الخارجية "المُظلِمَة" و"المُعادِيَة" بأن تخدعنا، وعن أنه يجب أن نفعل كل شيء للحفاظ على السلام بين شعوبنا، وحماية وطننا التاريخي المشترك من كل المؤثّرات الخارجية التي يمكنها أن تدمّر هذه الوحدة.

كما تضرّع بطريرك روسيا الى الله حتى لا يُستخدَم الوضع السياسي الحالي في أوكرانيا، بطريقة تفوز فيها "قوى الشرّ".

 

قبل النّهاية

هنا أيضاً، كان يتوجّب على البطريرك الروسي توضيح ما يقصده بـ "قوى الشرّ"، أكثر، خصوصاً أن الاستماع الى كلامه هذا، جعلنا أقرب الى مستمعين لمسؤولين سياسيّين أو دينيّين شرق أوسطيّين، أو الى بعض أصحاب العمائم واللِّحَى، الذين يتحدّثون عن "مؤامرات الأعداء"، وعن "قوى الشرّ"، والذين ينصرفون الى توزيع شهادات "الجنّة" و"الهلاك بالنّار" على الناس، وتبرير قتل "الأعداء"، وذلك بدلاً من أن يهتمّوا بـ "تأديب" ذواتهم أوّلاً، والانصراف الى خلاصهم الأبدي الشخصي، قبل انتهاء الزّمان.

 

لا يُمكن

وفي هذا الإطار، نتعجّب كيف أنه، وحتى الساعة، لم تُعلِن أي كنيسة أرثوذكسية حول العالم عن مقاطعة شامِلَة للكنيسة الأرثوذكسية الروسية، وذلك "تأديباً" لبعض رجالاتها الذين ينصرفون الى إرضاء "البلاط"، على حساب السيّد المسيح.

كنّا ننتظر، ومنذ يوم الخميس الفائت، صدور بيان عن الكنيسة الروسية يُعلن صراحةً عن أن العمليات العسكرية للقوات الروسية في أوكرانيا "مُدانَة"، و"لا تمثّلنا"، ولا علاقة لنا بها، وأنه لا يُمكن "إعدام" إخوتنا في الإيمان، في كييف، حتى ولو اختاروا الانفصال عن الكنيسة الروسية، قبل أعوام.

 

لا تدافع

وكنّا ننتظر من بعض الإكليروس الروسي، أن يردّ على كلام وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، في مؤتمره الصحافي قبل أيام، الذي تحدّث خلاله عن أن السلطة الحاكمة في أوكرانيا حالياً، تضرب الكنيسة الأرثوذكسية، ليؤكّد له بالمباشر أن الصواريخ الباليستية التي تدمّر المدن الأوكرانية، والطائرات الحربية الروسية، وقوى البرّ الروسية الضّارِبَة، والقاذفات الروسية الاستراتيجية التي ترمي أطنان جحيمها على أوكرانيا، وتقتل الشّعب الأوكراني، وتتسبّب بنزوحه في أسوأ ظروف حياتية، ومناخية، وصحية، وحتى وبائية (كوفيد - 19)، لا تدافع عن الكنيسة الأرثوذكسية، ولا عن الأرثوذكس، ولا عن السيّد المسيح.

 

سَحْق

وكنّا ننتظر من رجالات الكنيسة الروسية، أن يقولوا لحُكّام الكرملين، منذ يوم الخميس الفائت، إنه لا يُمكنكم أن "ترفّعوا" عن اللّحم (مرفع اللّحم أمس)، فيما أنتم تفترسون "اللّحم الأوكراني"، وأن سقوط الصواريخ ولو غير المقصود، على روضات الأطفال، ودور الأيتام، وسَحْق النّاس المقصود على الطُّرُق، بالدبابات الروسية، لا يُدافع عن "الأرثوذكسية" في أوكرانيا.

وماذا سنقول عن العائلات التي يفرّقها النّزوح الداخلي، واللّجوء الى الخارج، هرباً من القصف الروسي؟ وماذا عن أولئك الذين يموتون في مقاومة القوات الروسية الغازِيَة؟ وهل ان نقص المواد الطبيّة من المستشفيات الأوكرانية، يُدافع عن الأرثوذكسية في كييف؟

 

الفصح

كما كنّا نحبّ أن نسمع ولو بعض الإكليروس الروسي يقول، إن "فخر الصناعة" العسكرية الروسية (وغير الروسية أيضاً، ولكنّنا نتحدّث عن روسيا هنا) من قنابل، وصواريخ، وقاذفات... التي تحلّق في سماء أوكرانيا، هي جيوش من الشياطين تغزو الجوّ، وتُزعِج تحليق ملائكة الله، وعملها فيه.

كما كنّا نحبّ أن نسمع، أنه لا يجوز تعييد الفصح في موسكو، ولا جَلْب النّور المقدّس الى روسيا، في السبت العظيم المقدّس، في ما لو أُسقِطَت كييف بالوحشيّة العسكرية الروسية، لأن نور المسيح لا يسكن الشّموع، بل النّفوس الرّافضَة للدّماء.

 

مصلوب

كل من أحبّ أباً أو أمّاً أو أخاً أو أختاً أكثر منّي، فهو لا يستحقّني. قالها لنا السيّد المسيح بوضوح. ومنها ننطلق لنقول، إن كل من أحبّ مسيحيّة، أو كاثوليكية، أو أرثوذكسية... سياسية، أو تاريخية، أو جغرافيّة، أو ديموغرافيّة...، أكثر من عدل المسيح، وسلامه، هو شخص أو كيان لا يستحقّ المسيح. أما الباقي من أصوام، وإماتات، واحتفالات طقسيّة، ونقل شموع، فليست سوى "أفيونيات شعوب"، تُبقي المسيح مصلوباً.

 

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار