ليس بخرافات "مستقرضات الروم" تنمو الأرثوذكسية بل بدماء البطريرك تنتهي الحرب! | أخبار اليوم

ليس بخرافات "مستقرضات الروم" تنمو الأرثوذكسية بل بدماء البطريرك تنتهي الحرب!

انطون الفتى | الإثنين 14 مارس 2022

الإسراع الى حيث تسيل الدّماء

 

أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"

 

روح واحد... قادر على أن يسيطر على كثيرين، في أماكن مختلفة، وعلى أن يجعلهم وكأنهم من إيمان واحد، حتى ولو كانوا ينتمون الى أديان مختلفة.

 

واحدة

وكما أن روح المسيح واحد، وهو يجمع في ما بين خاصّته، في كل بلد، وقارّة، ومجتمع، فإن روح الشيطان واحد أيضاً، وهو يوحّد أتباعه في كل مكان، على اختلاف بلدانهم وتباعُدها الجغرافي، ويجعل منهم أشبه بأتباع ديانة واحدة.

 

مختلفة

إذا نظرنا الى العالم من حولنا، نجد أن روحاً واحداً يسيطر على من يمارسون أو يدعمون الوحشيّة العسكرية، والعناد غير المقدّس (الذي هو بعيد من التشبّث المحقّ بالحقّ، والعدالة)، والرّغبة بكَسْر الآخر، وبفرض الاستسلام عليه، و"تسييل" دمه، وإذلاله، مع الشّعور بالغبطة من جراء ذلك.

 

الملكوت

ومثلهم، مجموعات أخرى، تفرح بالظّلم، والدمار، والقتل، وتعتبره فرصة لنموّ فئة، وديانة معيّنة ربما، على حساب دماء شعوب أخرى، تنتمي الى إيمان مختلف.

ففي هذا الإطار، بَدَت صاعِقَة الرسالة التي وجّهها لمحيطه، أحد أشهر الحكام في منطقتنا مؤخراً، في دولة شهدت تطوّراً هائلاً خلال الأعوام الأخيرة، على ضوء "الإبادة" الروسية لأوكرانيا، والتي اعتبر فيها أن العالم يمرّ بمتغيّرات كبيرة، لن تكون الغَلَبَة في نهايتها إلا للأمم القوية الغنيّة المتقدّمة، داعياً "أبناء جلده" (بنكهة دينية مُستترة، أخفاها ببُعْد سياسي) الى وحدة تقودهم الى مكانة في التاريخ الجديد الذي يُصنَع حالياً.

وهذا أفضل تجسيد لروح الشيطان وملكوته، الذي هو ملكوت الأرض، و"ضدّ المسيح" (antichrist) المُعادي لملكوت الله.

 

مُقاطَعَة

نعود الى بحث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن "غوله" الضائع في غابات أوكرانيا، حيث "ينكش" و"ينبش" بحثاً عن النازيين الجُدُد، "بالفتيل والسراج".

وهنا نسأل عن أسباب تأخُّر المقاطعة الكنسيّة الأرثوذكسية العالمية الشاملة، للكنيسة الروسية، حرصاً على ملكوت الله في روسيا، لا على أرثوذكسيّتها "الكرملينية" (من الكرملين).

 

روسيا

فالسياسيون والعسكريون الروس، يريدون أوكرانيا روسيّة، بمفهوم روسي دموي، يُعادي روح الإيمان المستقيم، روح الله.

وهنا لا بدّ من دور سريع لكنيسة روسيا، يُوقِف الحرب، بما ينطلق من روح المسيح، وحقّه، وعدالته، وليس من متطلّبات الكرملين التي تقوم على روح الإبادة، والمَسْح عن الخرائط، والمحو من الوجود، الذي هو روح شيطاني.

 

الكنيسة

أما إذا لم تَقُم بطريركية موسكو بدورها، فسيكون لباقي الكراسي البطريركية الأرثوذكسية في العالم، الحقّ الكامل بمقاطعتها الكاملة، والمبادرة الى إعلان حقيقة أنه لا يجوز الدفاع عن الأرثوذكسية الروسية بدلاً من الإنسان الأرثوذكسي، صاحب الإيمان المستقيم، سواء كان في روسيا، أو في أوكرانيا، أو في غيرهما. فأرثوذكسيّة خارجة عن رئاسة السيّد المسيح، لا تكون مسيحيّة، وإيمانها ليس مستقيماً.

فلا كنيسة إلا تلك التي يُسمَع صوت صراخها في البريّة، من أجل البرّ. ولا يمكن لبطريركية أن تُنادي بملكوت الله، إذا كانت تؤيّد سياسة البلاط، وملكوت الأرض.

 

البابا

نذكّر في هذا الإطار، بأن الإيمان ليس جامداً، وبأن روح الله الثابت من حيث الجوهر، يتحرّك في أيامنا ليواكبها، منذ بَدْء الخليقة، وحتى انقضاء الدّهر. ولا إيمان قويماً بالسيّد المسيح، إلا إذا تُرجِم بمنع، أو بالسّعي الى مَنْع كلّ ما يهدّد الحقّ، والعدالة، والسلام، مهما كانت كلفة تلك المواجهة قاسية.

فعلى سبيل المثال، واجه البابا القدّيس يوحنا بولس الثاني الإلحاد السوفياتي، ودفع ما دفعه من أثمان صحيّة، من جراء محاولة اغتياله في 13 أيار عام 1981.

 

وساطة

ولم يقصّر البابا القدّيس في فتح الأبواب لنور المسيح، في أماكن عدّة حول العالم، شهدت نزاعات، منها الوساطة التي قام بها بين الأرجنتين وتشيلي (دول الفضاء الكاثوليكي في أميركا اللاتينية) خلال السبعينيات والثمانينيات، لتسوية نزاعهما حول حقوق السيادة في قناة بيغل. فضلاً عن مساعيه خلال الثمانينيات، لإطفاء روح الكراهية بين الأرجنتين وبريطانيا، على خلفيّة الأزمة حول جزر فوكلاند، وذلك رغم أن بريطانيا "بروتستانتيّة"، فيما الأرجنتين "كاثوليكية".

 

شاملة

فأين هو دور كنيسة روسيا؟ وأين هي الكنائس الأرثوذكسية الأخرى حول العالم، التي يجب أن توبّخ "الأخ" الأرثوذكسي الروسي على تكاسله عن إعلان ملكوت الله في روسيا؟

أما إذا كان هذا "الأخ" الروسي متبنّياً لحرب الكرملين على "الأخوة" في أوكرانيا، بكلّ ما فيها من جرائم، فعندها يكون لا بدّ من قطع أي شركة كنسيّة معه، ضمن مقاطعة شاملة على الصُّعُد كافّة، إذ لا يجوز الاحتفاظ بأي علاقة "مسيحيّة" مع كل من يدعم الإجرام، وذلك الى أن يُظهِر سلوكاً متوافِقاً مع روح الله، وينبذ العنف علناً.

 

استشهاد

فحتى لا يكون صوم المسيحيّين زَمَناً، وكأنهم أتباع ديانة من ديانات هذا العالم، بدلاً من أن يكونوا منبثقين من الله، كما يريدنا مسيحه، لا بدّ من نبذ خرافات التقصّي عن "المستقرضات"، وعن وداع "شباط الروم" وصقيعه، لأن الطريق الى فصح السيّد المسيح، والى أورشليم السماوية، لا يتعلّق بأمطار، ولا بظروف مناخية، ولا بحسابات فلكية، ولا بعصبيات أرضية، بل بترك التّيجان المُذهَّبَة عندما يتوجّب ذلك، وبالإسراع الى حيث تسيل الدّماء، وصولاً الى حدّ الاستشهاد مع أصحابها.

 

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار