أزمة الأدوية المقطوعة تابع... الكمية محدودة والتعويل على دعم مادي خارجي لم يؤمن بعد! | أخبار اليوم

أزمة الأدوية المقطوعة تابع... الكمية محدودة والتعويل على دعم مادي خارجي لم يؤمن بعد!

| الثلاثاء 15 مارس 2022

  لتفعيل Meditrack التي تسمح بتعقب مسار الأدوية وإلى من تذهب

النهار- ليلي جرجس

يواصل المواطن رحلته الشاقة للبحث عن أدويته المزمنة والمستعصية التي تُسلَّم بالقطارة للصيدليات وتتبخر بسرعة البرق، فرفع الدعم الجزئي عن بعض الأدوية المزمنة الذي أدى إلى مضاعفة أسعار بعضها، لم يساعد في توفرها، عكس ما كان يعوّل عليه، وما زالت الأزمة تراوح مكانها.

البحث عن تمويل لدعم البطاقة الدوائية ما زال جارياً، غياب الثقة هو العامل الرئيسي، خصوصاً أن لا إصلاح ملموساً حتى الساعة. كما أن إمكانية رفع الدعم إلى 50 مليون دولار كما كان عليه قبل رفع الدعم الجزئي عن الأدوية المزمنة شبه مستحيل، لأن لا قدرة للمصرف المركزي أو الدولة على الدعم أكثر، وبالتالي لا مؤشرات ايجابية في الأفق على حلحلة الأزمة.

ندور في حلقة مغلقة، لا تمويل خارجياً ولا رفع دعم وأدوية غير متوفرة، والمواطن يُذل يومياً وشهرياً لتأمين حبة دوائه، الخيارات غير موجودة أيضاً، فحتى الجنريك مقطوع وغير متوفر في أحيانٍ كثيرة. اللائحة تطول لأدوية موجودة بكمية ضئيلة جداً لا تكفي حاجة السوق، وهذا ما جعل اللبنانيين لا يلمسون أي تغيير حقيقي، وبالرغم من رفع الدعم الجزئي عن بعض هذه الأدوية، فهي بقيت غير متوفرة رغم مضاعفة أسعارها.

يرى رئيس اللجنة الصحية النيابية الدكتور عاصم عراجي في حديثه لـ"النهار" أنه "يمكننا رفع الدعم من 35 مليون دولار إلى 50 مليوناً بشرط تفعيل Meditrack التي تسمح بتعقب مسار الأدوية وإلى من تذهب. ولا يُخفى على أحد المداهمات لمستودعات ومستوردين عمدوا إلى تخزين الأدوية المدعومة والتي نرى أنها ما زالت تباع حتى اليوم في الأسواق".

وهذه الدعوة لرفع الدعم ينادي بها أيضاً نقيب مستوردي الأدوية كريم جبارة، الذي يعتبر أن "مبلغ الاعتماد المرصود من أجل الأدوية قليل ولا يؤمن حاجة السوق. فمبلغ 25 مليون دولار المخصص للقطاع الصحي نحن بحاجة إلى رفعه إلى 50 مليوناً حتى نلمس حلحلة في توفر الأدوية".
في حين يؤكد نقيب الصيادلة جو سلوم أن "رفع الدعم كلياً عن الأدوية المزمنة يجب أن يترافق مع البطاقة الدوائية ودعم المواد الأولية للصناعة المحلية. وبالتالي لا يمكن الحديث عن رفع الدعم من دون الحديث عن البطاقة الدوائية ودعم المواد الأولية لأن ذلك يعني كارثة صحية للمواطن".

لذلك رفع الدعم عن الأدوية من دون بطاقة دوائية سيكون كارثياً وستصبح أسعارها خيالية وليس بمقدور لا الصيدلي ولا المواطن شراؤها.
هذه الحلول التي يتحدث عنها عراجي وسلوم برغم من أحقيتها وضروريتها، إلا أنها تبدو صعبة التحقق، لأنها مرتبطة بدعم مالي منشود قد لا نحصل عليه.

ومع ذلك، يشرح عراجي أهمية "العمل على خطين متوازيين، الأول برفع دعم الأدوية إلى 50 مليون دولار لأدوية الأمراض المستعصية والسرطانية والمزمنة، والثاني في تفعيل نظام Meditrack لمراقبة مسار الدواء وإلى أين يذهب، هل يذهب إلى المستحق أو إلى التهريب، أو بيعها في السوق السوداء؟ وبرغم من أن هذا النظام ما زال غير فعال ويعتبر أول خطوة من رحلة ألف ميل، فإنه يجب تفعيله بشكل سريع، خصوصاً أن هناك أدوية صرفت بالملايين في مرحلة سابقة عندما كانت الأدوية مدعومة".

ويشير عراجي إلى أنه "في حال بقي الوضع على حاله نحن متجهون إلى أزمة صحية أسوأ، نحن نتحدث عن مرضى سرطان وأمراض مستعصية ومناعية، لا يجوز أن يبقى الواقع كما هو اليوم، وبرغم من الدعوة إلى إنشاء لجنة طوارئ صحية وزارية، فلا أحد يتجاوب. هناك وزارات عدة معنية بالقطاع الصحي منها وزارة الصحة ووزارة العمل ( الضمان) والمؤسسات العسكرية (كل مؤسسة لها قطاعها الطبي الخاص)، والتعاونية وشركات التأمين، ونحن بحاجة إلى هذه اللجنة لتوحيد الأسعار ووضع خطط مستقبلية ( آنية ومستجعلة وبعيدة المدى) ولكن "لا تندهي ما في حدا".

ويشدد عراجي على أهمية "ترشيد النفقات والحد من حدة الأزمة، ولكن لا نية لدى الحكومة في مساعدة القطاع الصحي، بالإضافة إلى الهدر والفساد الذي يشهده هذا القطاع شأنه شأن القطاعات الأخرى. لكن قطاع الصحة يجب أن يكون خطاً أحمر، لكن اليوم نجد لامبالاة وليس هناك تعاطٍ جدي والانهيار الصحي بات واقعاً مخيفاً".

ويشرح سلوم أن "هذه البطاقة الدوائية التي وضعت آليتها بشكل مفصل وهي موجودة في وزارة الصحة تسمح لكل مواطن بشراء الأدوية المزمنة من الصيدليات.
أما العائق اليوم فيتمثل بعدم تأمين تمويل لها، ونحاول جاهدين مع منظمة الصحة العالمية والجهات الدولية الأخرى، ولكن يمكن البدء بها من خلال تمويل صغير من الدولة.

وطالما أن توفر الأدوية المزمنة مرتبط بفتح اعتمادات والإمكانات الموجودة للدولة، ستبقى مشكلة انقطاعها مستمرة والأزمة باقية ومتمددة.
إذاً، الواقع الدوائي صعب، فالدولة عاجزة عن زيادة الدعم لتوفير الأدوية بالكمية اللازمة لتلبية حاجة السوق، ما يعني أن الأدوية المدعومة جزئياً ستبقى مفقودة وغير متوفرة بكثرة، حتى البديل عنها. في المقابل عدم تأمين التمويل لدعم البطاقة الدوائية يعني أن لا بديل لمعالجة الأزمة، وبالتالي سيبقى المواطن عالقاً في هذه الدوامة من دون أفق واضح.

ويشير سلوم إلى أن "الصيدليات تتسلم الأدوية المستوردة بكميات ضئيلة جداً، والثقل الأكبر هو للصناعة المحلية لكنها ليست بالكمية الكافية لتلبية حاجات السوق. ونحن بحاجة إلى 8 ملايين دولار شهرياً حتى تتمكن الشركات الدوائية الصناعية من تلبية حاجة السوق بشكل كامل. في حين أن الكمية المستوردة وفق الموافقة الواردة لا تلبي حاجة السوق أيضاً، وهذا ما يجعل الأدوية غير متوفرة ومقطوعة".

كذلك يتحدث نقيب مستوردي الأدوية كريم جبارة لـ"النهار" عن أن "مبلغ الاعتماد المرصود من أجل الأدوية قليل ولا يؤمن حاجة السوق. فمبلغ 25 مليون دولار
المخصص للقطاع الصحي يُقسم إلى عدة اقسام منها 17-18 مليون دولار للأدوية المستعصية وما تبقى من المبلغ أي 7-8 ملايين دولار مخصصة للأدوية المزمنة التي لا تكفي لجلب الكمية المطلوبة لتلبية حاجة السوق. ونتيجة ذلك نجد أن هناك شحاً في الأدوية لأن الكمية المستوردة لا تكفي حاجة السوق، وبالتالي نحن بحاجة إلى رفع الدعم إلى 50 مليون دولار شهرياً بالحد الأدنى ومع التوفير المرافق لهذه الخطوة، حتى نلتمس حلحلة في الأزمة الدوائية".

وأشار إلى "أن لبنان كان يصرف في السابق حوالى 100 مليون ليرة شهرياً كفاتورة دوائية، أما اليوم فهي تنحصر بـ35 مليون دولار شهرياً، 10 ملايين دولار منها مخصصة للمستلزمات الطبية.

ويصف جبارة ما جرى قائلاً: "إننا عالقون بين دعم خارجي لم يؤمن بعد، ولن يحدث طالما لم يلمس الخارج أي اصلاحات حقيقية، وبين عجز المركزي عن زيادة الدعم أكثر، الأمر الذي جعلنا عالقين في هذه الأزمة لتأمين هذه الأدوية بكميات محدودة لا تكفي حاجة السوق. وعليه، تعتبر المشكلة مادية بامتياز، ويكون الحل الوسطي أو المعقول برفع الدعم إلى النصف أي 50 مليون دولار شهرياً أفضل من حل كارثي برفع الدعم كلياً وعدم قدرة المواطن على شراء الدواء".

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار