"الرئيس" بين فقدان التوازُن الديموقراطي وصعوبات تأمين الطعام والدواء!؟ | أخبار اليوم

"الرئيس" بين فقدان التوازُن الديموقراطي وصعوبات تأمين الطعام والدواء!؟

انطون الفتى | الثلاثاء 26 أبريل 2022

مصدر: حكم الشعوب صار أشدّ صعوبة نظراً لزيادة الوعي لدى الناس

 

أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"

 

نجح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في دخول قصر الإليزيه لولاية جديدة، إلا أن أبرز ما يركّز عليه مُطَّلِعون على خفايا السياسة الفرنسية، هو مسألة أن الرئيس الفرنسي لم ينجح في ذلك بسبب برنامجه الانتخابي، بل كجزء من قطع نسبة مهمّة من الفرنسيّين الطريق على مرشّحة اليمين المتطرّف مارين لوبين، أكثر من أي شيء آخر، خصوصاً أن مستقبل فرنسا المالي معها غير مضمون تماماً، وذلك بسبب نظرتها الخاصّة للسياسة الفرنسية "التكامُليّة" مع أوروبا، وصعوبة تحقيقها من دون أضرار كبيرة على حياة الناس.

 

"صحّي"

أمر آخر لفت انتباه بعض المراقبين، وهو النّظر الى أن نحو 28 في المئة من الفرنسيّين قاطعوا الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية، أي بزيادة 2.5 في المئة تقريباً عمّا كانت عليه المُقاطَعَة في عام 2017. وهذا دليل على زيادة نسبة الوعي من جهة، وفقدان نسبة لا بأس بها من الفرنسيّين الثّقة بالشعارات الانتخابية المرفوعة، مهما كان مصدرها، ورغم دقّة المرحلة.

فـ "رئاسية" 2022 الفرنسية، هي استحقاق مهمّ في دولة كبرى على الصّعيدَيْن الأوروبي والدولي، في الوقت الذي تشهد فيه أوروبا واحدة من أعنف الحروب على أرضها منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، وذات مفاعيل أقسى من حرب يوغوسلافيا في عام 1999. ورغم ذلك، قاطعت نسبة مهمّة من الفرنسيّين الانتخابات، لعلمهم أن لا الشعارات المرفوعة انتخابياً، ولا الوعود قادرة على تأكيد مستقبل مصير الضرائب، والملفات المعيشية والحياتية، في بلد لا بدّ له من مناقشة مستقبل أمنه الغذائي، وتأمين مصادر وبدائل الطاقة... وغيرها من الملفات، بتكامُل سياسي وجيو سياسي مع الأوروبيّين عموماً، ومع الولايات المتحدة الأميركية.

فضلاً عن أن الفرنسي الذي يُسرِع اليوم الى تخزين الزيوت، والأطعمة، والى التكيُّف مع أساليب حياة مع بعد الحرب الروسية على أوكرانيا، لا تخدعه الفترات الانتخابية. وهذا أمر "صحي"، في مكان ما.

 

ضرائب

رأى مصدر واسع الاطلاع أن "ظاهرة عدم التصويت، والأوراق البيضاء في الانتخابات، مُلازِمَة للأنظمة الديموقراطية. وما حصل في فرنسا على هذا الصعيد هو أمر طبيعي، خصوصاً أن الديموقراطيات باتت عاجزة عن تلبية حاجات الشعوب المُتزايِدَة".

وشدّد في حديث لوكالة "أخبار اليوم" على أن "حكم الشعوب صار أشدّ صعوبة من الماضي، نظراً لزيادة الوعي لدى الناس حول مستقبلهم، لا سيّما في ما يتعلّق بملفات الأجور، والطبابة، والتقاعُد، والضمانات الاجتماعية، وحتى على صعيد مفاهيم حقوق الفرد. فالأنظمة ما عادت قادرة على تلبية المتطلّبات المتزايدة، إلا إذا زادت الضرائب. وهذا بدوره غير مستحَبّ لدى شعوب الأنظمة الديموقراطية".

 

فقدان توازن؟

وأشار المصدر الى أن "ماكرون صار رئيساً مُنتخَباً بنسبة تقارب الـ 39 في المئة من أصوات نحو 49 مليون ناخب فرنسي، أي على نحو 58 في المئة تقريباً من مجموع الأصوات كلّها. وهذا يعني طبعاً أن ليس لديه أكثرية مُطلَقَة من مُجمَل الشعب الفرنسي. ولكن هذه هي قواعد النظام الديموقراطي".

ولفت الى "فقدان التوازن في الديموقراطية الفرنسية حالياً، لأن الأحزاب التقليدية الأساسية سقطت، ومعها اليمين المُعتدِل، واليسار المُعتدل، لصالح اليمين القومي، واليسار العقائدي. وهو واقع قد يؤول الى نوع من فوضى على صعيد الحُكم في فرنسا، ستبرز بعد الانتخابات النيابية في حزيران القادم، التي قد تشهد تبعثراً أكبر للكتل الكبرى فيها. ومُحصِّلَة ذلك، أقليات كثيرة في البرلمان قد تُجبر ماكرون على التعاون مع كتل صغيرة، بهدف تأمين حاصل الثقة اللازم لحكومته الجديدة، وذلك إذا فشل في الحصول على أكثرية الثلثَيْن في المجلس النيابي الجديد".

وختم:"هذا سينعكس على إرساء نوع من عدم استقرار في اللّعبة الديموقراطية، إذ إن هناك فارقاً كبيراً بين أن يقود الرئيس الفرنسي السياسة الخارجية والدفاعية لبلاده، بينما يكون مُرتكِزاً على دعم ثابت من أكثرية نيابية، وبين أن يقودهما بأكثرية مُبعثَرَة. وهذا طبعاً رغم أن التقليد في فرنسا يقول إن السياستَيْن الخارجية والدفاعية هما امتياز لرئيس الجمهورية، حتى خلال فترات التعايُش بين رئيس يميني أو يساري، وبرلمان من أكثرية مُعاكِسَة له".

 

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار