الشلل المتمدد والتعطيل الممنهج اوصلا البلد الى المأساة | أخبار اليوم

الشلل المتمدد والتعطيل الممنهج اوصلا البلد الى المأساة

رانيا شخطورة | الأربعاء 27 أبريل 2022

الشلل المتمدد والتعطيل الممنهج اوصلا البلد الى المأساة
محاولات "وضع المحرك الاساسي على غير سكته" مستمرة
لا مرجعية ولا قامة ولا انتفاضة وطنية... بل "عقلية سياسية دكنجية"


رانيا شخطورة -"أخبار اليوم"

لم يكن لبنان قبل العام 2019 في افضل حال... ولكن بالطبع كان افضل بكثير من المأساة التي وصل اليها الشعب راهنا... لذا قد يكون لسان معظم الناس: لماذا وصلنا الى هذا الدرك؟!

يعتبر مرجع واسع الاطلاع، عبر وكالة "أخبار اليوم" ان النظام جرى تعطيله من خلال شلّ مؤسساته بشكل ممنهج بدءا من تعطيل الاستحقاقات الدستورية التي اصبحت وجهة نظر:
التمديد للمجلس النيابي اصبح امرا متناولا، فبعد حرب العام 1975، كان هناك استحالة في اجراء انتخابات نيابية في العام 1992، واذا كان يمكن تفهم هذا الواقع وقتذاك، فلا يمكن القبول به لاحقا ولكن حصل التمديد في تزوير لارادة الناس، وكأن "الدم الموجود" في الدولة ممنوع ان يتجدد، في حين كان يجب تجفيف الدم الفاسد في الدورة الدموية، لذا يبدو ان القيمين على البلد يخافون من ضخ دم جديد في شراينه، مع العلم ان النظام الصحي هو تغيير او تجديد كل الخلايا وليس فقط الدمّ.
في رئاسة الجمهورية امر مماثل يتكرر، حصل تمديد ويبقى الشغور لاكثر من سنتين او ثلاثة، وفي النهاية، وكأن هناك من دفع اللبنانيين الى الرضوخ لان هناك من يعاند.
اما الحكومة حيث يفترض ان تتشكل خلال يومين او ثلاثة او اسبوع على ابعد تقدير فان تأليفها يستمر لمدة تتجاوز الثمانية اشهر وربما اكثر، في حين البيانات الوزارية هي تكرار باساليب لغوية شعبوية تعبر عن نفس المعنى.

وانطلاقا من هذه المقدمة، يقول المرجع: البلد امام عبث بالاستحقاقات الدستورية، لا بل هناك استهزاء بالدستور، صحيح انه يتمتع بالمرونة لكنها مضبوطة جدا، انما القيمين على تطبيق الدستور حولوها الى ميوعة، فيعدل غب الطلب من خلال استعمال عبارة "لمرة وحيدة واخيرة" ولكن هذه العبارة باتت كالسّحّاب الذي يتحرك. بمعنى آخر، اصبح الدستور مطية بايدي من يدّعون "الفقه الدستوري" في حين ان لديهم "الفقه الجهنمي" في تدمير الدولة والاستفادة على هامش هذا التدمير.

ويعود المرجع بالتاريخ الى الوراء، ليضيف: في اطلالة على بنية النظام، نجد انه قائم على اسس، فالدولة التي قامت في العام 1920 هي عبارة عن تسوية جغرافية ديموغرافية، وفي الوقت عينه تسوية فكرية بين العروبة واستقلال دولة لبنان، بين المسيحيين والمسلمين ، بين الجبل والساحل.... ما يعكس ان هذه الدولة قامت على نمط من الحرية الاقتصادية والسياسية، واكتسبت ثقة خارجية سمحت بسهولة مرور الاموال دخولا وخروجا من دون عقابات، والازدهار الذي كان ينعم به لبنان هو نتيجة النظام المصرفي المتطور مع خبرة مصرفية هائلة ومصرفيين مؤهلين وعدد من المصارف، وكانت هناك ثقة داخلية من قبل المودعين وخارجية من قبل من تعاملوا مع لبنان واستثمروا فيه...
ويعتبر المرجع ان التراجع لم يكن فجأة بل تراكميا بسبب الخلل الاصلي المتمثل بالتلاعب بالاستحقاقات الدستورية، الى جانب اصدار سندات الخزينة وبيعها، واصبحت الدولة تدفع الفوائد الباهظة، وبالتالي اصبحت الارباح دفترية، كونها لم تدفع من اصل سندات الخزينة بل بالكاد كانت تدفع جزءا من الفوائد عليها.
ولكن ظهر جليا ان الدولة تمادت بشرهها في الانفاق ومدت يدها الى المصرف المركزي لطلب المال، والاخير لم يرفض لها الطلب.
ويعتبر ان هذا الواقع ادى الى الافلاس فطارت اموال المودعين.

ويرى المرجع ان الامر لم يتوقف عند هذا الحد فاختفت البنى الاصلية للدولة: فتحول لبنان من "مستشفى الشرق الاوسط"، الى واقع لم يعد يوجد فيه البنج لاجراء العمليات الجراحية، وكان "مصرف الشرق الاوسط"، اما اليوم فلم يعد فيه دولارا واحدا لعملائه، كان "جامعة الشرق الاوسط" تراجع وخير دليل ما اصاب الجامعة الوطنية....
وكل ذلك، يقول المرجع: نتيجة لمحاولة "وضع المحرك الاساسي على غير سكته"، مع العلم ان هذا المحرك صمم ليمشي على سكة حرية الاقتصاد وحرية التعبير السياسي وتغير الحكام وتداول السلطة...
ويستشهد بكلام رئيس كتلة الوفاء للمقاومة محمد رعد وفيه "فلتذهب المصارف الى الجحيم"، انه كلام كبير يفهم منه اخذ البلد الى نظام سياسي ومالي مجهول، لا بل في الاماكن التي جربّ فيها مثل هذا النظام اثبت فشله العظيم.
ويشير المصدر الى انه رغم هذا الواقع المرير، لا يوجد في لبنان لا مرجعية سياسية ولا قامة وطنية ولا انتفاضة وطنية... بل "عقلية سياسية دكنجية" بدليل اننا على ابواب انتخابات في حين ان التشرذم هو سيّد الموقف، على سبيل المثال في دائرة بيروت الثانية تتنافس 10 لوائح: لائحة حزب الله – أمل وحلفاؤهما ولائحة الاحباش (اي انهما تتبعان لفريق الممانعة)، اما القوى والاطراف الرافضة لهذا النهج مشتتة على 8 لوائح على الرغم من ان سياستها واحدة.
وفي مثال آخر مستغرب، نجد ان "السياديين" (القوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي) حلفاء على لائحة واحدة في دائرة عالية، اما في البقاع الغربي فهما على لائحتين متنافستين.... وهذا ما ينطبق على العديد من الدوائر.

ويحذر المرجع من ان تتحول العقلية الدكنجية الى "عقلية حانوتية"، اي عقلية تدفن البلد!!!...


إقرأ ايضا: أحزاب ستنقلب على الناخبين بعد 15 أيار... "تعلّمنا الدّرس يا حبّوبين"!

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا

أخبار اليوم

المزيد من الأخبار