"فلسفة الجسد الحر" في لبنان... كيف تُفسَّر؟ | أخبار اليوم

"فلسفة الجسد الحر" في لبنان... كيف تُفسَّر؟

فالنتينا سمعان | الخميس 05 مايو 2022

"التعرّي" بين المرض والحريّة تماثلًا بالغرب...

 فالنتينا سمعان- "أخبار اليوم"

"التعرّي أسلوب حياة بالنسبة لنا، والثقافة جزء من حياتنا اليوميّة"...  بالفم الملآن قالها جوليان كلود- بينجري، مسؤول الاتّصال في اتحاد العراة في باريس!

ومع البوح بهذه الكلمات أضحى "العراء" ثقافة مُعتمدة، وأصبحت نوادي العراة معروفة واعتياديّة في دول أجنبيّة عدّة، حتى أنّه بات يُطلق على ممارسيها تسميات معيّنة، ففي ألمانيا مثلًا يطلق عليهم اختصار "اف.كا.كا(F.K.K) للدلالة على أنّهم يمارسون "ثقافة الجسد الحرّ".

وفي البحث عن أسباب هذا التعرّي، قد يكون فكر مؤسس مدرسة العري في برلين ألفرد كوخ سائدًا، حيث اعتبر أنّه يساعد في تحقيق التناغم مع الطّبيعة ويحقّق فوائد صحيّة، ليصبح فيما بعد رمزًا للاحتجاج على موقف أو حدث ما.

ملامح هذه "الثقافة" بدأت بالانتشار في لبنان، فمنذ فترة وفصول "المشي في العراء" تطالعنا في الشّوارع والشّاشات عبر انتشار فيديوهات لأشخاص من "الجنسين" يسيرون "عراة" أو "نصف عراة". فما سبب هذه الظاهرة، وكيف يقرأها عِلما النّفس والإجتماع؟

وجهة نظر علم النفس

تشير المعالجة النفسيّة آيفي كرم عبر وكالة "أخبار اليوم" إلى أنّه مهما كانت الأسباب والتّبريرات، فإنّ ممارس هذا العمل لديه مرض نفسي ظهر نتيجة حادثة ما وهو غير قابل للسيطرة عليه.

وعمّا إذا كانت الضّغوطات النّفسيّة هي السبب، تقول كرم: "من الممكن أن تكون هذه الضّغوطات قد ساهمت في إظهار المرض وتسريعه، ولكنّها ليست السبب، وإلّا كنّا جميعنا تعرّينا وسرنا في الطّرقات، فكلّنا نعيش تحت وطأتها".

وعن فيديو المرأة الذي انتشر مؤخّرًا ولاقى الكثير من الإعتراض والاستنكار، توضّح كرم أنّ هذه الحالة تسمّى"manie"، وهي إفراط زائد في الحركة لا يستطيع صاحبها أن يضبطها، ترافقها مبالغة في كلّ الحركات التي يقوم بها.

وتضيف: "نفسيًّا، تتعرّض هذه المرأة لحالة نفسيّة خطرة، ومن الضروري أن تزور طبيبًا نفسيًّا لمعالجة المرض كي لا يظهر لاحقًا بطرق أخرى ممكن أن تؤذيها".

أمّا انتشار هذه الحالات بسرعة عبر مواقع التواصل الإجتماعي، فتردّه كرم إلى أنّ الموضوع يعتبر "تابو"، مشيرةً إلى أنّه لو قام "المريض" بإفراط حركي من نوع آخر (تبذير أموال، عمل دائم...) لما كان أحد انتبه إلى ذلك، ولا أُعطيَ تصرّفه هذه الضّجّة كلّها ولربّما أثنوا عليه.

وجهة نظر علم الاجتماع

من جهته، يعتبر النّاشط الاجتماعي والسّياسي الدكتور نبيل خوري "أن المتعرّي لديه اضطرابات نفسيّة" ويردّ جذور هذه الحالة إلى مشاكل نفسيّة كصعوبات التأقلم المجتمعي، الوضع الاقتصادي الضاغط... مشيرًا إلى أنّ النفسيّة البشريّة تراجعت إلى الوراء خصوصًا في بداية القرن الـ21.

ويرى عبر وكالة "أخبار اليوم"  أن فعل التعرّي يندرج في إطار مرتبات ثلاث:

الأولى: رغبة المتعرّي بإيصال رسالة ما إلى مجتمع فقد مصداقيته، وأصبح يسير وراء كلّ الظّواهر التي تخرج عن الطّبيعة البشريّة العادية، ولو بشكل فرديّ، فمجتمعنا لا يزال به ذرّة من الحشمة- مقارنة بالدّول الاوروبيّة- تمنع أشخاصًا كُثر من المشاركة في احتجاج كهذا".

الثانية: تمتّع هؤلاء بحبّ إظهار الجسد(exhibition)، ولفت النّظر لتلقّيهم الإطراء على ما يمتلكونه.

الثالثة: ارتداء طابع "إيروتيكي" مع انتشار ظواهر" تيك توك" و"انستغرام" ومشهديّة الفنانات العالميّات، إضافة إلى شقّ التّماثل مع الغرب الذي يتمتع بتفلّت خُلقي أكثر من الشّرق.

 

إشكاليّة الحريّة أنّها...

...صحيح أن "جسدك ملكك" ولك حريّة التصرّف فيه، إلّا أنّ هذا لا يبرّر اتّباع  ثقافة "كلّ شيء مباح"، فـ"الإشكاليّة الكبرى للحريّة تبرز من خلال ارتباطها بسابقاتها، وهي صراعها الدائم ما بين بُعديها الفردي والاجتماعي، فإذا كان الفرد هو محور الحريّة الأساسي، فإنّه لا يستطيع العيش إلّا في مجتمع، والحريّة الفرديّة لا تكون كذلك إلا في إطار الجماعة"، من هنا "تنتهي حرّيتك عندما تبدأ حريّة الآخرين".

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا

أخبار اليوم

المزيد من الأخبار