"النار الحمراء" تشتعل في موسكو... لن تأكلوا إلا بشروطنا السياسية والعسكرية!؟ | أخبار اليوم

"النار الحمراء" تشتعل في موسكو... لن تأكلوا إلا بشروطنا السياسية والعسكرية!؟

انطون الفتى | الثلاثاء 10 مايو 2022

مصدر: الصراع الجوهري هو على مصادر الغاز في القطب الشمالي

 

أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"

 

بعيداً من تبنّي النظريات الغربية كما هي، إلا أن الرئيس الأميركي جو بايدن أصاب في إشارته الى أنه صحيح أن الولايات المتحدة الأميركية أنفقت مليارات الدولارات دعماً لأوكرانيا، إلا أن كلفة الرّضوخ للعدوان الروسي تبقى أكبر.

 

هزيمة

فهذا توصيف دقيق لواقع الحرب الروسية على أوكرانيا، التي تقسّم العالم، مع ما لذلك من كلفة باهظة ومُستترة حتى الساعة، على تجويع شعوب الأرض.

روسيا لن تسلّم بأي هزيمة عسكرية، وهذا قرار مُتَّخَذ منذ أن هُزِمَت بالفعل بحسب بعض الخبراء، عندما فشلت في احتلال كييف، التي كان احتلالها الهدف الأول والأخير لحربها على أوكرانيا. وما تبقّى من عمليات عسكرية حالياً، ليس أكثر من رسم لـ "روسيا الكبرى"، وفق خريطة تكتفي بشرق، وبشمال شرق أوكرانيا، وبقطع البلاد هناك عن البحر، كمرحلة أولى، بما يحفظ ولو القليل من الكرامة الروسية التي أُذِلَّت في كييف.

 

بمشاركة الصين

فللهزيمة في كييف صداها لدى موسكو، التي تعمل حالياً على بَدْء الإعداد لحرب عالمية كبرى، تموّه أحياناً بأنها ستكون نووية، ولكنّها ستُخاض بالزيوت النباتية، والمحاصيل الزراعية، والقمح، وكافة أنواع الحبوب، والأسمدة، والأعلاف، واللّحوم، والمواشي، والدواجن... أي بتجويع العالم المُصنَّف "غير الصّديق" لها، وبمشاركة من حليفتها التقليدية، وهي الصين.

تركّز روسيا قبضتها على البحر الأسود حالياً، وتسيطر على عدد من الموانئ الأوكرانية، وتحاصر السّفن الأوكرانية التجارية، وهو ما يمنع الأوكرانيين من تصدير القمح والحبوب. هذا فضلاً عن سيطرة موسكو على أطنان هائلة من الحبوب الأوكرانية، ونقلها الى الداخل الروسي، للتصرّف بها مستقبلاً.

 

مجاعات

دول "صديقة"، وأخرى "غير صديقة"، هذه قد تكون البداية الأولى لنظام "كوداج" عالمي، قادر على أن يسمح لشعوب الأرض بالحصول على غذائهم، أو لا.

أما دور الصين المُلتبس، فحدّث ولا حَرَج، إذ ورغم أن الأراضي الصينية شهدت حصاداً وافراً، وارتفاعاً في إنتاج الحبوب خلال العام الفائت، وبزيادة وصلت الى نحو 14 مليار كيلوغرام عن عام 2020، إلا أن بكين تخزّن منذ العام الفائت أيضاً، أكثر من نصف محصول الحبوب العالمي، لوحدها، وهو ما يؤدي حالياً الى ارتفاع حادّ في الأسعار، في جميع أنحاء العالم، والى التسبُّب في اقتراب بعض البلدان من خطر المجاعات.

 

تخزين

ويؤكّد مُطّلعون أن الحزب الشيوعي الصيني يعمل منذ أكثر من عام، على توجيه السلوك الاستهلاكي للصينيّين، وعلى عَدَم هدر الطعام، تحت ستار الحفاظ على الأمن الغذائي. كما دعت الصين شعبها الى تخزين الطعام في أواخر العام الفائت، في شكل جعل البعض يعتقد أن سبب ذلك هو السّعي الى التموين قبل إغلاقات بسبب تفشّي جائحة "كوفيد - 19"، حدثت قبل أشهر عدّة هناك بالفعل، وكانت أقلّ حدّة من الإغلاقات الحالية.

 

سيطرة

ولكن وفرة إنتاج الحبوب والغذاء في الصين، منذ أكثر من عام، تدفع بعض المراقبين الى طرح أسئلة، حول ما إذا كانت (الصين) "طبخت" مع روسيا تحالُفاً عالمياً لـ "التجويع"، وخزّنت ما يُمكن تخزينه، منذ ما قبل بَدْء الحرب الروسية على أوكرانيا، في الطريق نحو نظام عالمي جديد، بالبطون الخاوية، واللّهث وراء لقمة العَيْش، بالشروط السياسية والأمنية للصينيين والروس.

فالى أي مدى يقترب العالم من الخضوع لسيطرة التنّين، والدبّ، و"نارهما الحمراء"؟

 

وقت

أوضح مصدر خبير في الشؤون الدولية أنه "يُمكن لروسيا، وبهدف زيادة الضّغط، أن تستخدم سلاح نقص الطعام، انطلاقاً من أنها وأوكرانيا، من بين أول خمس دول عالمية في تصدير المواد الغذائية، والحبوب".

ولفت في حديث لوكالة "أخبار اليوم" الى أن "الصين بدورها، لديها طموحات جيوسياسية، لا اقتصادية فقط، وهي تسعى الى استخدام الأسواق في سياساتها. ولمخزوناتها الهائلة من الحبوب مفاعيل سياسية كبرى. ولكن الزّمن الذي قد تقول فيه موسكو وبكين للغربيّين إنكم ستأكلون وتشبعون بشروطنا العسكرية والجيوسياسية، لا يزال بحاجة الى وقت، خصوصاً أن بعض الدّول الغربية وتلك الصّديقة للغرب، هي مُنتِجَة للقمح والحبوب، أيضاً".

 

لغة الحرب

وشرح المصدر:"25 في المئة من القمح العالمي يأتي من روسيا وأوكرانيا معاً، وبالتالي يمكن تعويض الإنتاج إذا لم نتحدث عن ظروف مناخية قد تضرب المحاصيل والإنتاج، بطُرُق طبيعية أو مُفتعَلَة، في البلدان الأخرى. كما أن الدول "الصّديقة" لروسيا، قد تبيع أو تهرّب المنتجات الزراعية والحبوب الروسية، الى الدول "غير الصّديقة" لموسكو. وهو ما سيُضعف أي سياسة تجويع روسيّة، أو روسيّة - صينية. ولكن الأسعار سترتفع جدّاً، وسترزح بعض الشّعوب تحت خطر المجاعات، نظراً لعَدَم امتلاكها المال للدّفع، مقابل الحصول على غذائها".

وشدّد على أن "تهديد روسيا باستخدام السلاح النووي، أو بتوسيع رقعة الحرب، هو انتحار لموسكو قبل سواها، لأن من يوسّع العمليات العسكرية يأخذ الحصّة الأكبر من التدمير، النووي وغير النووي، لا سيّما في عالم عولمة ما بعد سقوط الإتحاد السوفياتي. فالرئيس الروسي فلاديمير بوتين لا يقبل إلا بالسلاح كلغة للحوار، وهو ما يرفضه الغرب بشدّة. وأبرز ما يُخشى منه، هو أن يكون (بوتين) تحت تأثير أفكار بعض جنرالات الحقبة السوفياتية. فهؤلاء هم أساس مهمّ لحُكمه، ولكنّهم لا يمتلكون القدرة لوقفه عند أي حدود، في الوقت نفسه".

 

القطب الشمالي

وأشار المصدر الى أن "الغرب حاول أن يشبك روسيا معه، لتأمين السلام الأوروبي والعالمي من خلال الاقتصاد والغاز، ولكنّه فشل. والصّراع هو أبْعَد من مجرّد ضمانات أمنية، ومن حياد أوكرانيا، ومن صراع تقليدي أو بارد بينه (الغرب) وبين روسيا".

وختم:"الصراع الجوهري هو على مصادر الغاز في القطب الشمالي. فروسيا تطالب بـ 60 في المئة من منطقة القطب الشمالي، وهي مساحة هائلة، تحوي مخزوناً هائلاً من الغاز، وذلك بهدف تأمين سيطرة روسيّة كاملة على العالم. ومن هذا المُنطلق، يُقابلها الغرب بتوسيع حلف "الناتو"، وبدعم أوكرانيا عسكرياً وسياسياً، وبالتلويح بنشر صواريخ نووية واستراتيجية في أوروبا الشرقية، وفي أي حدود قريبة من الأراضي الروسية".

 

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار