ماذا عن الصحافيّين الذين يُقتَلون بنيران الجيش الروسي في أوكرانيا... مثلاً؟! | أخبار اليوم

ماذا عن الصحافيّين الذين يُقتَلون بنيران الجيش الروسي في أوكرانيا... مثلاً؟!

انطون الفتى | الأربعاء 11 مايو 2022

طبارة: إعلامنا يغطّي الأحداث العالمية أكثر ممّا يغطّي الإعلام العالمي الأحداث العربية

 

أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"

الجريمة هي جريمة، والحرب هي حرب، والقتل هو قتل، ولا يُمكن تلطيف توصيف ما سبق ذكره، مهما كانت الذّرائع والمبرّرات.

ولكن أبرز ما يُلفت الانتباه في بعض إعلامنا العربي، هو التعاطي الانفعالي مع حوادث القتل، بين التركيز على بعضها بشدّة، مقابل إهمال ما يُشبهها تماماً.

 

لماذا؟

فسواء بالأمس، أو اليوم، أو غداً، قد يُقتَل بعض الإعلاميين والصّحافيّين برصاص إسرائيلي، وهو ما لا يُمكن إلا تخصيص المساحات الإعلامية الكاملة والمُحقّة للحديث عنه، ولمتابعة التحقيقات في شأنه، سعياً لتحقيق العدالة.

ولكن لماذا التركيز على بعض تلك الحوادث الى درجة "الثّمالة"، في بعض إعلامنا العربي، مع السّعي الى تحريك الرأي العام العربي والعالمي تجاهها، مقابل تجاهُل أو المرور بنسبة محدودة جدّاً، على جرائم فظيعة مثل مقتل الصحافية فيرا غيريتش بصاروخ روسي في كييف، بالتزامن مع زيارة أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش العاصمة الأوكرانية، في نيسان الفائت؟

 

ماذا عن؟؟؟

وماذا عن مقتل الصحافي والمخرج الأميركي برينت رينو في أوكرانيا، بعد إصابته بنيران روسية عن قصد؟

وماذا عن مقتل الصحافي الأوكراني يفغيني سكوم، مصوّر التلفزيون الأوكراني، بقصف روسي طاول برج التّلفزة في كييف؟

وماذا عن تعرُّض كبير المراسلين في قناة "سكاي نيوز"، ستيوارت رامزي، مع زملائه الأربعة، لمداهمة مسلّحة في طريق عودتهم الى كييف؟

 

أيضاً وأيضاً

وماذا عن الصحافية الروسية أوكسانا باولينا التي قُتِلَت خلال قصف للقوات الروسية على كييف، أثناء تصويرها الأضرار التي لحقت بحيّ سكني؟

وماذا عن مقتل المصوّر بيير زاكريفسكي، والصّحافية أوليكساندرا كوفشينوفا، من قناة "فوكس نيوز"، في أوكرانيا أيضاً، وسط جدل حول طريقة استهدافهما داخل سيارتهما؟

 

تدمير

لا مساحات فعليّة لمثل تلك الأحداث، في بعض وسائل الإعلام العربية، التي قد لا تمرّ على ذكرها أصلاً، بينما تحصر منصّاتها لعدالة انتقائية.

حتى إن بعضها، وخلال الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، العام الفائت، اكتفى بالإشارة الى هول القصف الإسرائيلي الذي طال برج "الجلاء" هناك، ودمّر مكاتب تابعة لإحدى وسائل الإعلام العربية، من دون التركيز كثيراً على أن مكاتب وكالة "أسوشيتد برس" مثلاً، كانت من بين "ضحايا" القصف التدميري هذا، أيضاً.

 

بتدقيق

أوضح سفير لبنان السابق في واشنطن رياض طبارة أن "المساحات الإعلامية المخصّصة لتغطية أحداث لبنان والعالم العربي، في وسائل الإعلام اللبنانية والعربية، هي أكبر من تلك (المساحات) المخصّصة للأحداث في بلدان خارج منطقتنا، وهذا طبيعي. هذا مع العلم أن إعلامنا العربي يغطّي الأحداث العالمية، أكثر ممّا يغطّي الإعلام العالمي الأحداث العربية".

وشرح في حديث لوكالة "أخبار اليوم" أن "هذا طبيعي أيضاً، في مكان ما، نظراً الى أن الأحداث في الغرب قد تتحوّل سريعاً الى قضايا ذات مفاعيل عالمية، تنعكس علينا بالمباشر، أو بغير المباشر. فيما لا تؤثّر أحداث منطقتنا على الحياة اليومية لسكان أي عاصمة غربية".

وأضاف:"ما نقوله هنا يفسّر ما هو موجود، ولكنّه لا يبرّر مسألة أن مقتل أي شخص، هنا أو هناك، يجب أن يتمتّع بمساحات متساوية في التغطيات الإعلامية. فإذا أخذنا أعداد الفلسطينيين الذين قُتلوا منذ عام 2000، والذين قد يبلغ عددهم الـ 500 فلسطيني في العام الواحد، نجد أننا لا نسمع شيئاً عنهم في الإعلام الأميركي، رغم أن هذا الأخير يُتابع ما يحصل في أوكرانيا، بتدقيق".

 

تراجُع

وأشار طبارة الى أن "مسألة أخرى تتحكّم بهذا الواقع أيضاً، وهي أن تغطية كل ما له علاقة بإسرائيل، يبقى شديد الحساسية، سواء في الولايات المتحدة الأميركية، أو أوروبا، أو روسيا، وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، وذلك خوفاً من السقوط في خطر التصنيف بمعاداة السامية، والعنصرية. مع العلم أن كل المنظمات الحقوقية الغربية، وحتى الإسرائيلية منها، تخرج منذ سنوات بنتائج كبرى في تقاريرها، وتقول جهاراً إن إسرائيل أصبحت دولة تمييز عنصري".

وأضاف:"الحساسية تجاه كل ما له علاقة بإسرائيل في الغرب، يعود الى حقبة الحرب العالمية الثانية، وقتل اليهود في أوروبا آنذاك. ولكن تلك الحساسيّة تخفّ تدريجياً، وهو ما تظهره الإحصاءات عن أن اهتمام الشباب اليهودي الأميركي بإسرائيل، بات أقلّ بكثير من اهتمام كبار السنّ اليهود، بها (إسرائيل)".

وختم:"هذا التغيُّر طويل الأمد، ويترافق مع تراجُع إعلامي وشعبي ويهودي عام، في الاهتمام بإسرائيل، داخل الولايات المتحدة. وحتى في الصحافة الأميركية نفسها، ذات القيادة والتمويل اليهودي، بات الاهتمام بإسرائيل مُنخفضاً بوضوح".

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار