جملة طعون أمام المجلس الدستوري غير البعيد عن السياسة... والتقديرات الإستنسابية | أخبار اليوم

جملة طعون أمام المجلس الدستوري غير البعيد عن السياسة... والتقديرات الإستنسابية

| الأربعاء 25 مايو 2022

هل سيكتفي بالنظر في ما يتضمنه الإدعاء أم أنه سيعود إلى التقارير

بقلم حبيب شلوق - وكالة أخبار اليوم

مع مرور أكثر من أسبوع على انتهاء الإنتخابات النيابية، يكون لبنان دخل المرحلة الأكثر حسماً لجهة الطعون  الممكن تقديمها لدى المجلس الدستوري وخصوصاً أن المهلة المعطاة لهذه الغاية تنتهي في  15 حزيران المقبل، وفهم أن عدداً من المرشحين الخاسرين في الإنتخابات بدأوا يعدون طعونهم لتقديمها وبينهم  السادة فؤاد مخزومي في بيروت وفيصل كرامي في طرابلس وجاد غصن في المتن الشمالي.

وتتركّز الطعون على مخالفات تم تسجيلها لجهة الضغوط الجسدية والمعنوية والتهويل وشراء الأصوات  ومرافقة الناخبين إلى قاعة الإقتراع وحتى إلى العازل وتصوير أوراق الإنتخاب، واستغلال المرافق العامة لمصلحة بعض المرشحين، وهذه المخالفات  تعمل عليها "المدفوعة والمجانية جمعية اللبنانية لديموقراطية الإنتخابات" (LADE (  التي ينتظر أن تكون أنهت تقريرها لإذاعته ورفعه إلى المعنيين، بينما تذيع جمعية "مهارات" تقريراً موثّقاً أعدته وشارف على الإنتهاء، ويتمحور حول التغطية الإعلامية للحملات الإنتخابية واستخدام وسائل الإعلام للدعاية السياسية المدفوعة والمجانية.

ويقول المستشار القانوني لجمعية "مهارات" المحامي طوني مخايل أن عمل  الجمعية هو تقويم التغطية الإعلامية  للمحطات التلفزيونية والإذاعية خصوصاً، والمساحات الإخبارية من بث حي وإعلانات ومقابلات لكل مرشح، والتثبت من أن تلك الإطلالات مدفوعة أو غير مدفوعة، مشيراً إلى أن عدداً من المحطات أورد مع تقديم أي برنامج أنه "مدفوع"، وأكثر مَن إعتمد هذا التوضيح كانت محطة ال  LBC تليها  محطة "الجديد". ويضيف أن  الجمعية ستضع بين أيدي المرشحين هذا التقرير للإستعانة به في الطعون التي يريدون تقديمها.

وعن التأكد من المبالغ المدفوعة وهل تخطت السقف الذي وضعته هيئة الإشراف على الإنتخابات برئاسة القاضي نديم عبد الملك، فذلك يبدو شبه مستحيل ، وفق مخايل، وخصوصاً تأكيد عبد الملك في مقابلة مع إذاعة "صوت لبنان" عجز الهيئة عن التأكد من الرقم الحقيقي للمبالغ المدفوعة. ويعزو مخايل ذلك إلى  تحفظ  المحطات عن التسعيرة وخصوصاً أن لا إثباتات دامغة في هذا المجال ، إذ أن الدفع كان في معظمه نقداً وبالعملة الأجنبية، فضلاً عن أن معظم البرامج كان مقابلات شخصية  إما مدفوعة أو تدخلت المحطة في اختيار الضيوف  بشكل انتقائي يتضمّن محاباة ومسايرة لأطراف معنيين، وهذا يعني أنها مدفوعة أي خدمات من ضمن النفقات، موضحاً أن لا صفة للجمعية في تقديم الطعون.

وفي المقابل كيف يمكن وصف البرامج التي كانت تقدمها محطة MTV  مثلاً  وحملتها الدعائية لـ"القوى التغييرية" وهل تعتبر مخالفة للقانون ، تماماً مثل البرامج  الدعائية الأخرى لمرشحي السلطة و"الممانعة" التي كانت تقدمها محطات OTV   و NBN  و"المنار". ثم كيف يمكن وصف استطلاعات الرأي والتي كانت في معظمها تبدو موجّهة.

وفي رأي مخايل أن ثمة خرقاً أيضاً للصمت الإنتخابي  يوم الإنتخابات، في وقت ينبغي على اللوائح الإنتخابية (103 لوائح) والمرشحين (نحو 718 مرشحاً) تقديم كشوفات مالية عن نفقاتهم إلى هيئة الإشراف على الإنتخابات في مهلة تنتهي في 15 حزيران المقبل لتبدأ  الهيئة دراستها والتثبت من عدم الخروق في مهلة شهر.

والسؤال كيف سيدرس المجلس الدستوري برئاسة القاضي طنوس مشلب هذه الطعون، إذا قُدّمت، وهل سيكتفي بالنظر في ما يتضمنه الإدعاء أم أنه سيعود إلى التقارير وبينها تقرير "مهارات"  وإجراء تقاطع بينها وبين المعلومات الواردة في الطعون وتسعيرة المحطات التلفزيونية والإذاعية المقدمة إلى هيئة الإشراف التي غالباً ما لا تكون صحيحة وأقرب إلى الوهمية؟

وفي أي حال فالأسلوب المتبّع لدى المجلس الدستوري هو أسلوب حِرَفي وجدي،  وغالباً يكون التركيز على مدى تأثير الأخطاء المادية، والتجاوزات الإعلانية والمالية الجسيمة على النتيجة، ولذلك فإن الفارق الضئيل للأصوات هو الأكثر أخذاً بالإهتمام كما حصل مع طعن النائب مخايل ضاهر في نيابة المرشح فوزي  حبيش في انتخابات عكار عام  1996 وكانت نتيجته نيل حبيش 73905 لأصوات وضاهر59825 لاأي بفارق 14053 صوتاً، فأبطل الإنتخاب إلاّ أن حبيش عاد وفاز بفارق كبير وصل إلى نحو 40 ألف صوت بعد تجييش  نظام الوصاية وحلفائه ضد ضاهر، ليقول أن ما ناله حبيش يأتي "نتيجة التأييد الكبير الذي يتمتّع به".

واستند المجلس في قراره إلى أنه "يتبين من الأوراق المرفقة  بملف الدعوى ومن التحقيق، حصول ضغوط غير عادية على إرادة الناخبين ومخالفات عديدة قد ارتكبت(...) وأثّرت تأثيراً مباشراً على حرية الناخبين وسلامة الإقتراع كمثل التهديد والتوقيف وحجز الحريات وبالنظر إلى نوعية المخالفات وحجمها وجسامتها من دون أن يتمكن المجلس من  أن يحدد حسابياً عدد الأصوات التي أثّرت عليهاهذه الممارسات"، يقرر إبطال الإنتخاب (المتعلق بالمقعد الماروني) من دون اللجوء إلى تصحيح الإنتخاب" وبالتالي "إعلان عدم صحة انتخاب النائب فوزي حبيش وابطال نيابته.

 إلا أن الأمر اختلف في انتخابات 2002 الفرعية في المتن الشمالي بعد وفاة النائب ألبر مخيبر إذ أعلن  المجلس فوز النائب غسان مخيبر بأكثرية لا تتجاوز الألفي صوت وإلغاء نيابة المهندس غبريال المر  وعدم قبول طعن السيدة ميرنا المر على رغم الفارق الذي بلغ 15 صوتا بينهما ً بعد تخطيهما ال 34 ألف صوت لكل منهما، معتبراً أن الأول ـــ وكان مدعوماً من أحزاب المعارضة للوصاية السورية ـــ  أقدم على تجاوزات إعلامية جسيمة في محطته التلفزيونية وخصوصاً في يوم الإنتخاب، وبالتالي كان قرار بإقفال محطة ال MTV  "لمخالفتها المادة 68 من قانون الإنتخابات"، والثانية أي الطاعنة  أقدمت على مخالفات خلال حملتها الإنتخابية مستغلة السلطة الرسمية التي كانت تدعمها.

إذاً لكل طعن ظروفه ولكل حكم أسبابه،والمجلس الدستوري هو قضاء شامل ليس بعيداً عن السياسة والتقديرات الإستنسابية، و له أن يرد الطعن أو أن يلغي النتائج المعلنة أو أن يثبّتها ... ولا مراجعة استئنافاً أو تمييزاً...  

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار