أميركا انهارت والدولار "انتهى" فلماذا تصرّ روسيا على رفع العقوبات الغربية عنها؟! | أخبار اليوم

أميركا انهارت والدولار "انتهى" فلماذا تصرّ روسيا على رفع العقوبات الغربية عنها؟!

انطون الفتى | الجمعة 27 مايو 2022

مصدر: لا مصلحة للصين بدخول حرب استنزاف اقتصادية مع الولايات المتحدة

 

أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"

 

الى جانب الكوارث الكبرى للحروب، إلا أنها توضح ما يكون موجوداً بالفعل، ومنذ ما قبل اندلاعها، بكثير.

فالحرب العالمية الثانية مثلاً، والى جانب كونها أسّست لـ "حرب باردة" طويلة بين الغرب والاتحاد السوفياتي، إلا أنها كرّست مسألة أساسية، وهي تراجُع مكانة فرنسا (أكثر من بريطانيا)، كقوّة ذات شأن دولي.

 

نظام جديد

يشاهد العالم تصاعُد الصين، منذ ما قبل عام 2010 بقليل، تحديداً، عبر التكنولوجيا، والاقتصاد، والمال، والتجارة،... في شكل يجعلها القوّة الشرقية "رقم 1"، المُواجِهَة للولايات المتّحدة الأميركية، وذلك بموازاة تراجُع روسيا منذ سنوات، ورغم ضجيجها الكثير حول تأسيس نظام عالمي جديد.

 

عسكري

الصّيت والضّجيج لروسيا، فيما الفعل للصين، وذلك بمعزل عمّا يقوله الميزان العسكري.

فالتطوّر ليس سجيناً للقوّة والقوى العسكرية حصراً. ولا يُمكن لدولة أن تسوّق نفسها جيوسياسياً، وعلى مستوى القيادة والرّيادة، إلا باقتصاد متين، وقوّة ماليّة وتكنولوجية وعلمية، تمكّنها من التوسّع خارج عُمقها الاستراتيجي.

 

الجيش

شعوب العالم ذكيّة بما يكفي، لتفهم أن روسيا تكاد تلفظ أنفاس آخر ما تبقّى من أمجادها التاريخية، بحربها على أوكرانيا، ومن خلالها.

فالحرب الروسية تلك، وبغضّ النّظر عمّا سيُسفر عنها من نتائج "احتلالية"، بقبول أو بعَدَم قبول غربي، أظهرت مشكلة روسيا العالمية، وثبّتتها، الى درجة أنه بدلاً من الثّقة بالنّفس، وبقدرات ثاني أقوى جيوش العالم (الجيش الروسي)، نجد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يُشعل حرب الموانىء، والقمح، والحبوب، والمعادن، وأسعار الطاقة، كطريق لرسم انتصار روسيّ معيّن، بدلاً من الاتّكال عليه (الجيش الروسي)، في تحقيق الأهداف.

 

الغذاء

وانطلاقاً ممّا سبق، نجد أن الاستثمارات النّاجمة عن الآلة العسكرية الروسية باتت محدودة الأُفُق، وذلك الى جانب أمر أساسي، وهو أن الصين، وعلى عكس ما توحي به موسكو، ليست قادرة (الصين) على أن تكون بديلاً كاملاً عن الغرب، للروس، على أي صعيد.

فبما أن بوتين قوي جدّاً، والدولار الأميركي في حالة من الانهيار والتراجُع والانكسار، وبما أن روسيا باتت أشدّ قوّة بعد العقوبات الغربية القاسية، لماذا هذا الإصرار الروسي على وجوب رفع تلك العقوبات، كطريق لتقديم مساهمة (روسيّة) كبيرة على صعيد تخطي أزمة الغذاء العالمية؟

 

لماذا؟

ولو كان الروبل الروسي قوياً جدّاً، لأسباب علمية مُستدامة، ويلبّي طموحات وتطلّعات النّظام الروسي بالكامل. ولو أن الصّين تشكّل المتنفّس الفعلي، والكامل، لموسكو، في طريق العودة من دروب الغرب. ولو أن الغرب ما عاد مهمّاً أبداً لروسيا، ولا بأي شكل من الأشكال، بحسب بعض التصريحات الروسية. ولو أن الغرب ينهار، ويضعف، وينتحر بمُعاقبته روسيا، كما تقول وجهة النّظر الروسية، فلماذا الإصرار، والاستبسال، و"الاستقتال" الروسي، على رفع العقوبات الغربية عن موسكو، والتهديد بتجويع العالم، إذا لم يحصل ذلك؟

 

تحدّي

روسيا تعطي نفسها أهمية أكثر من اللّزوم، تخطّاها الزّمن، وهي لم تَعُد أكثر من خطر على النّظام العالمي، فيما تحوّلت الصين الى "القوّة الشرقية"، وليس مجرّد قوّة شرقيّة.

فوزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، تحدّث أمس عن أن بلاده ستواصل التركيز على أخطر تحدٍّ للنظام الدولي، على المدى الطويل، وهو ذاك الذي تفرضه الصين، مؤكّداً أنها الدولة الوحيدة التي لديها النيّة لإعادة تشكيل النظام الدولي، مشيراً الى أنها تمتلك القوة الاقتصادية والديبلوماسية والعسكرية والتقنية اللازمة، للقيام بذلك.

 

مختلفة

شدّد مصدر واسع الاطلاع على أن "مستقبل العلاقات بين الغرب والصين، مختلفة تماماً عن تلك التي تعود الى الغرب مع روسيا".

وأكد في حديث لوكالة "أخبار اليوم" أن "الصين ليست قادرة على مساندة روسيا في حربها من حيث المبدأ. ولكنّها غير قادرة على إدانة الغزو الروسي لأوكرانيا، نظراً الى أن المُنطَلَقات الروسيّة نفسها، هي التي تتحكّم برغبة بكين في مهاجمة تايوان، وبعض الجزر الأخرى في الشرق الأقصى، واحتلالها".

 

النّظام العالمي

وأوضح المصدر:"لا مصلحة للصين في دخول حرب استنزاف اقتصادية بعيدة المدى مع الغرب عموماً، والولايات المتحدة الأميركية خصوصاً. فهذا لا يصبّ في مصلحتها، خصوصاً إذا حصل ذلك بسبب روسيا".

وأضاف:"يمنّي بوتين نفسه باتّحاد روسي - صيني. ولكن هذا الاتّحاد يسقط، مع لَمْلَمَة إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن كلّ العلاقات والشراكات الأميركية في شرق آسيا، التي فرّط بها الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، في السابق. فالصين، مثل روسيا، استغلّت حقبة ترامب في الحُكم الأميركي، ووسّعت نفسها آسيوياً على حساب واشنطن".

وختم:"تعمل بكين على احتلال جزر في شرق آسيا، وهي تقول إن سكان تلك الجزر من أصول صينية. وهذا تماماً ما تفعله روسيا في أوكرانيا، إذ تقول إنها تدافع عن الهوية الروسية هناك. فهذا هو المساس الأساسي بالنّظام العالمي، لعالم ما بعد الحرب العالمية الثانية، الذي قام على أُسُس ترفض مبدأ الحرب، إلا في حالات التهديد، والخطر".

 

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار