"قصّة كبيرة"... ما الذي ينتظر أوروبا والشرق الأوسط؟؟؟ | أخبار اليوم

"قصّة كبيرة"... ما الذي ينتظر أوروبا والشرق الأوسط؟؟؟

انطون الفتى | الأربعاء 01 يونيو 2022

مصدر: لا مجال لمنطقتنا أن ترث أوروبا في أي شيء

 

أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"

 

بموازاة الكوارث السياسية والاقتصادية للحرب الروسية في أوكرانيا، على أوروبا (والعالم)، تعلو بعض الأصوات المتحمّسة لـ "التبشير" بقُرب زوال "القارّة العجوز"، وكأن ذلك سيحدث اليوم، أو غداً على أبْعَد تقدير.

 

هل يكفي؟

وتزداد حماسة تلك الأصوات، بالحديث عن أن الشرق الأوسط سيكون "أوروبا الجديدة". فتلك المنطقة فتيّة، وهي تخزّن طاقات بشرية هائلة، تعوّض النّقص الأوروبي الكبير، لدول أوروبية تتّجه أكثر فأكثر نحو النموّ السكاني السلبي. وهو ما سيعجّل في "زوال" الزّمن الأوروبي الى غير رجعة (بحسب بعض الآراء)، لصالح الزّمن الشرق أوسطي.

ولكن مهلاً. هل يكفي "السّقوط" تحت نتائج ومفاعيل ارتفاع الأسعار، وحروب النّفط والغاز... للقول إن أوروبا "انتهت"؟ وهل يكفي الاعتماد على النموّ السكاني، أو على الحاجة الى مصادر الطاقة، أو على الانقسامات الأوروبية - الأوروبية تجاه الملف الأوكراني، سياسياً وعسكرياً، للحديث عن "تركيع" أوروبا الى الأبد، وللقول إن الشرق الاوسط بات "أوروبا الجديدة".

 

"قصّة كبيرة"

هذا المُصطَلَح ليس جديداً. ولكن التداوُل به ازداد كثيراً، منذ سنوات. أما الحقيقة، فهي أن أوروبا "الأوروبية"، هي "قصّة كبيرة"، لا تنحصر بحرب روسيّة على أوكرانيا، ولا بنتائجها، ولا بتحالفات دولية جديدة. هذا مع العلم أن مكانة أوروبا الدولية تراجعت كثيراً، وبوضوح تامّ، في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية.

 

معيار نجاح

أوروبا "قصّة كبيرة". وأن تمتلك أي منطقة حول العالم ثروات نفطية، أو معدنية، أو سكانية... هائلة، فإن ذلك لا يمنحها القدرة على أن تكون وريثة لـ "القارّة العجوز".

كما أن بناء المدن الاقتصادية، والمدن البحرية، والمدن السياحية، والتوسّع في مشاريع الطاقة البديلة، وتكبير الأحجام في الأسواق المالية العالمية، وامتلاك العقارات، والشركات، والأندية... ليس معياراً لنجاح بلدان الشرق الأوسط في أن تُصبح "أوروبا الجديدة".

 

"العالم الحرّ"

أوروبا، هي فكر، وثقافة، وفنون، ومسارح، وموسيقى، وآداب، ومكتبات... والممالك الأوروبيّة التي هزّت "العالم القديم"، لم تحصر اهتمامها بالأبعاد الاقتصادية للاستعمار فقط، بل نشرت ثقافتها، ولغاتها، وفكرها، وقواعدها الإيديولوجية في مستعمراتها، وأمّنت البيئة اللازمة لنموّ الفكر، كأداة من أدوات الحكم، والتوسّع في ما وراء الأراضي، والبحار.

هذا بعض ما كان في أوروبا "العالم القديم". أما اليوم، فأوروبا "قصّة كبيرة" أيضاً وأيضاً، بين استكمال الانتشار الثّقافي، وتشكيل أحد الأجنحة الأساسية لـ "العالم الحرّ".

 

زعامة

أوروبا هي مركز أساسي لنشر الديموقراطيات في العالم، ولعمل المعارضات، ولتقبُّل الاستماع الى الفكر الآخر والنّقد (وإن كان ذلك بنسبة معيّنة، تحتاج الى النّقاش). بالإضافة الى عَدَم السماح بملاحقة المعارضين السياسيّين، ولا بقتلهم، أو تسميمهم، أو تتبّعهم في الخارج (بعض النّقاط تحتاج الى نقاش، في هذا الإطار أيضاً، ولكن لا مجال للتوسّع بها، هنا).

أوروبا "قصّة كبيرة"، حتى الساعة. فالحاكم فيها يمارس الحكم كوظيفة، تنتهي بانتهاء مدّتها الزمنية، ولا يطلب ولاء الـ 99.99 في المئة، خلال فترة حكمه. ومن بعدها، يعود ("الحاكم") الى وضعه العادي، كمواطن لا ينعم بـ "زعامة أبدية".

ما سبق ذكره، ليس موجوداً في بلدان منطقتنا، وبنسبة ساحقة منها. وهذا ما يمنع الشرق الأوسط من أن يُصبح "أوروبا جديدة"، اليوم، وغداً، وبعد سنة، إلا إذا حدثت متغيّرات إيديولوجية كبيرة في المنطقة، على طريقة من يدمّر مبنى مع أساساته، ويُعيد تشييده بأساسات جديدة.

 

100 عام

رفض مصدر واسع الاطلاع "الطروحات التي تقول إن الشرق الأوسط قادر على أن يكون "أوروبا جديدة". فأوروبا تبقى أوروبا، والشرق الأوسط يبقى الشرق الأوسط، ولا مجال للثاني أن يرث الأولى، في أي شيء".

وأكد في حديث لوكالة "أخبار اليوم" أن "القدرة الاقتصادية الجماعية للأوروبيّين، والتي نجحوا في تنميتها على مدى عقود، لا يُمكن للشرق الأوسط أن يصل الى ما يشبهها تماماً، إلا بعد 100 عام ربما، وذلك حتى ولو انخرطت الصين بثقلها الاقتصادي الكامل في المنطقة. فالتطوّر الاقتصادي ليس أرقاماً فقط، بل هو بيئة حاضنة للأبحاث، وللأعمال، تحتاج الى أُطُر إيديولوجية مختلفة عن تلك التي لا تزال تتحكّم بمعظم بلدان الشرق الأوسط".

 

الطاقة

وأكد المصدر أنه "يمكن لبلدان منطقتنا أن تعوّض مصادر الطاقة الروسية الى أوروبا. ولكن هذا لن يمكّنها من السيادة على "القارة العجوز".

وختم:"حتى إن حلول دول الشرق الأوسط مكان روسيا، في مجال الطاقة، يرتبط بمدى النّجاح في الاتّفاق مع الأميركيين على ذلك. فقدرات الولايات المتحدة الأميركية في مجال الطاقة هائلة، وهي التي تمكّن واشنطن من التحكُّم بمستقبل هذا القطاع، وليس أي شيء آخر".

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار