كفالة الـ 5 آلاف دولار "حرّرته" من السّجن... نظام جديد؟! | أخبار اليوم

كفالة الـ 5 آلاف دولار "حرّرته" من السّجن... نظام جديد؟!

انطون الفتى | الثلاثاء 07 يونيو 2022

نجار: نظام يقوم على الحدّ من قدرة روسيا على التدخّل في كل مكان بإرادة مبطّنة

 

أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"

 

فيما تُكمِل الحرب الروسية على أوكرانيا طريقها، حاصِدَةً أرواح الأبرياء، تتزايد الأحاديث الروسية عن نظام عالمي جديد بعد الحرب، تصوّره موسكو وكأنه "الحلّ السحري" لمشاكل العالم، بيدٍ روسية - صينية مشتركة.

 

حَجْب ثقة

وبمعزل عن تأكيدنا مجدّداً أن سُلَّم القِيَم الغربية يحتاج الى الكثير من النّقاش، وأنه لا يجوز تلقُّف أي شيء مثل من "يبصم"، إلا أننا نعود لنسأل عن طبيعة النّظام العالمي "الروسي - الصيني" هذا، خصوصاً أن موسكو وبكين تفتقران الى الحدّ الأدنى من معايير الشفافية.

بأمثلة بسيطة، نقول إنه يُمكن لشعوب كوكبنا أن تشاهد رئيس حكومة دولى كبرى في الغرب، يخضع لحَجْب ثقة، أو لتصويت يحدّد مصيره السياسي، بسبب انتهاكه قواعد "إغلاقات" حقبة مكافحة جائحة "كوفيد - 19"، وذلك كما حصل مع رئيس الحكومة البريطانية بوريس جونسون أمس. بينما لا نجد مثل هذا المشهد في دول مثل روسيا والصين، حتى ولو حصل الانتهاك هناك.

 

كحول

أمر آخر، وهو أن الشرطة الأميركية أوقفت بول بيلوسي (82 عاماً)، أي زوج رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي قبل نحو عشرة أيام، بسبب "القيادة تحت تأثير الكحول"، وتسبُّبه بحادث مروري. ووُضِعَ (بول) في السّجن، قبل أن يتمّ الإفراج عنه بكفالة قدرها 5 آلاف دولار. وهو ما لا نراه يحصل في دول مثل روسيا أو الصين، يرتكب الفاسدون فيها تجاوزاتهم، لمرّات ومرّات، في يوم واحد.

 

مصداقيّة

وحتى بالنّسبة الى الحرب. ففي الوقت الذي تتفاخر فيه روسيا بالإعلان اليومي عن تدمير 100 هدف من هنا، و100 من هناك (مثلاً)، و(تتفاخر) بقتل الأوكرانيّين تحت ستار محاربة النازية والتطرّف في أوكرانيا، نجد كييف أكثر مصداقيّة في الحديث اليومي عن المعارك، إذ يعترف الأوكرانيون بخسائرهم (ولو بحدّ معيّن طبعاً)، وبتقدُّم الجيش الروسي على بعض الجبهات، وبصعوبة الأوضاع، وبالحاجة الى الدّعم. كما أن أوكرانيا تقوم بـ "تحديثات" شبه دائمة لأرقام ضحايا جيشها، بشكل يُكسبها مصداقيّة، ويُظهرها تبتعد أكثر فأكثر عن "العقيدة الشرقية" التي تكتفي بذكر خسائر "العدوّ"، مع المبالغة في الكثير منها، ومن دون إظهار ولو الحدّ الأدنى من المصداقية، في ذكر الخسائر الذاتية.

 

انتحار؟

فَعَن أي نظام عالمي جديد تتحدّث موسكو وبكين، فيما بعض قواعد الشفافية البسيطة غائبة، في كلّ منهما، وحيث يُمكن الإعلان عن توقيف فاسد ربما، ولكن مع القول إنه "انتحر". فهذه هي الطريقة المُعتادة للإعلان عن "التخلُّص" من خصوم النّظام الحاكم، ومن "أعداء الأمّة"، عندما يهدّدون هذا النّظام واستمراريّة الأمّة، في كلّ من روسيا والصين، وفي الدّول الحليفة لهما.

 

تفتيت

رأى الوزير السابق البروفسور ابراهيم نجار أنه "من الصّعب جدّاً لروسيا أن تخرج مُنتصِرَة من حربها على أوكرانيا، خصوصاً بالنّمط الذي اعتمدته لتبرير الهجوم، بعد سنوات من وضع يدها على شبه جزيرة القرم، والذي لا إمكانيّة لأن يمرّ مرور الكرام".

ولفت في حديث لوكالة "أخبار اليوم" الى أن "كل المُعطيات تُفيد بأن الحرب الروسية على أوكرانيا، قد تؤدي الى تفتيت تدريجي في أمبراطورية روسيا الاتحادية. فهذا خطأ كبير ارتكبته موسكو، ستنسحب مفاعيله على عَدَم السماح للصين بوضع يدها على تايوان، وعلى مَنْع كوريا الشمالية من احتلال كوريا الجنوبية، وعلى عَدَم السّماح للروس أيضاً بأن يعتبروا أنه يتوجّب وضع دول أوروبا الشمالية والشرقية، تحت السيطرة الروسية".

 

فوضى

وأشار نجار الى أن "الحرب الروسية على أوكرانيا تسبّبت باستفاقة لحلف "الناتو"، وللدول الأوروبية. فتلك الأخيرة تبدو وكأنها استفاقت بعد 77 عاماً من انتهاء الحرب العالمية الثانية، على أن النظام في أوروبا الذي اعتقدت أنه سيكون قائماً على منطق القانون، والدولة، والاتّفاقات الدولية، سقط بالنّزاعات التقليدية التي أدّت بروسيا الى تبرير غزوها لأوكرانيا".

وأضاف:"يتّجه العالم بعد ثلاثية روسيا والصين والولايات المتحدة الأميركية، الى ثنائية تقوم على الولايات المتحدة وأوروبا الغربية واليابان وأستراليا والدّول الحليفة لها، من جهة، مقابل الصين من جهة أخرى. فهذه هي ملامح ما يسمى "النّظام العالمي الجديد" مستقبلاً. وهذا النّظام يقوم على الحدّ من قدرة روسيا الاتحادية على التدخّل في كل مكان، بإرادة مبطّنة وغير مُعلَنَة. فليست صدفة أن الصين، التي ورغم مؤازرتها اللّفظية لروسيا، فهمت أنها عاجزة عن الاستفادة من الحرب الروسية على أوكرانيا، لوضع يدها على تايوان. كما أن التجارب النووية التي تُجريها كوريا الشمالية على وقع الحرب الروسية، لا تزعزع الاستقرار في كوريا الجنوبية".

وختم:"منطق روسيا الهجومي في أوكرانيا، يسمح لإسرائيل مثلاً بالتفكير في ضمّ الضفة الغربية، مع تصفية القضية الفلسطينية. كما يسمح لتركيا بالعمل على احتلال جزيرة قبرص بالكامل، وبقَضْم الشمال السوري كلّه ربما أيضاً، وذلك بحجّة منع الأكراد من التسلُّل الى الأراضي التركية. واللائحة تطول في هذا الإطار، بما يُدخِل العالم في فوضى كبرى".

 

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار