ربّما في الحرب مبرّرًا لما يعيشونه...
فالنتينا سمعان- "أخبار اليوم"
تتردّد في الآونة الأخيرة كلمة "حرب" على مسامع اللّبنانيين، والتي بمفهومها العام تعتبر حالة مأساويّة، والشّعور الطّبيعي الذي يجب أن تخلّفه هو الخوف، إلّا أنّ ما يتمّ التداول به عبر وسائل التواصل الإجتماعي أو في "الجلسات" يُظهر العكس تمامًا!
"الحرب معروفة حرب"، "بحياتي ما قطع عليّ متل هالإيام"، "قدي صار عمري... هاي أصعب مرحلة بعيشا"، "قال بيقولوا الحرب... لك لا اسرائيل ولا غيرا عيشونا هالذلّ، وهالحرب النفسيّة"... عبارات ربّما تدلّ على اعتياد اللبنانيين على فكرة "الحرب" التي عانوا منها لسنوات طويلة، ولكنّها تدلّ أيضًا على بؤس الحالة التي يمرّون بها اليوم، إذ إنهم يفضّلون حربًا بالمعنى الواضح والصريح على ويلات يعيشونها يوميًّا، تكاد توجعهم أكثر وتقتلهم في اليوم ألف مرّة ومرّة.
"اسرائيل تهدّد لبنان... لن يبقى حجرًا على حجر"، تصدّر هذا العنوان غالبيّة المواقع الإخباريّة الإلكترونيّة، ومفاده تهديد إسرائيلي بقصف غير مسبوق للبنان، وتدمير بنيته التحتيّة تدميرًا كاملًا، فواجهه اللّبنانيّون بـ"لامبالاة" اعتادوا أن يمارسوها في كلّ ما يقرأونه، يسمعونه أو يشاهدونه.
فقد كتب حسن شكر: "أيا بنى تحتيّة نحنا أساسا مرقنا بتجربة من ٢٠١٩ لليوم حتى نفوت بالحرب بدون ما نتأثر، العترة عليكم شو حيصير فيكم. يلا"، أمّا علي ملّاح فعلّق قائلًا: "ليش نحنا وين عنا بنى تحتية او كهربائية، آه يا هبيلة"، ووافقت حبيبة دهينة على ما قيل وشاركت رأيها كاتبةً "أنا برأيي ما يتعذّب ويهدّد لأنو الطرقات انجرفت قبل الانتخابات وتركوها يمكن للـ ٢٦ وكهربا ما منشوفا ومياه عوض بالله ما عنا بنية تحتية فارتاح". بدوره، اعتبر ناجي غندور أن في ذلك راحة كاتبًا: "يلا منرتاح من هل العيشه ما نحنا أساسًا بجهنم"...
مؤسف لا بل خطير، أن يتجرّد الإنسان من مشاعره الطبيعيّة، وأن يفقد أدنى إحساس" بديهي" تجاه قضيّة تهدّد حياته ويتعامل معها بأسلوب المزاح والإستخفاف! ربّما لم يعد لديه ما يفقده فعلًا، ويريد في الحرب مبرّرًا لما يعيشه، علّه يُنقذ بذلك كرامته أو حسّه الإنساني الذي أفقدوه إيّاه.