"عمليّة خاصّة" تركيّة ضدّ شمال لبنان تنتهي بإعلان "جمهورية" فهل سيعترف بها الروس؟! | أخبار اليوم

"عمليّة خاصّة" تركيّة ضدّ شمال لبنان تنتهي بإعلان "جمهورية" فهل سيعترف بها الروس؟!

انطون الفتى | الخميس 23 يونيو 2022

طبارة: يُمكن التركيز على خطط لدَمْج تلك المكوّنات على الطريقة الأميركية

 

أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"

 

من يضحك على من؟ وهل نقبل بسخرية الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من العالم، بقوله إن "عمليّته الخاصّة" (الحرب الروسيّة على أوكرانيا) هي للدّفاع عن النّسيج الروسيّ في أوكرانيا، فيما لو كان هذا النّسيج روسيّاً تماماً، لكان "سلّم نفسه" للروس منذ وقت طويل، ومن دون قتال؟

 

"ضربة كفّ"

فأن تكون ناطقاً بالروسيّة، أو بأي لغة أخرى، وأن تحمل الجنسيّة الروسية (أو جنسية أي دولة أخرى)، لا يؤكّد بالضّرورة أنك تريد العَيْش تحت حكم روسيا الاتحادية (أو تلك الدولة الأخرى)، بحسب خبراء في الشؤون الدولية. والدّليل الأوضح على ذلك، هو حَجْم المقاومة الشعبية الكبيرة، لا العسكرية الأوكرانية الرسمية فقط، للجيش الروسي، في مناطق الشرق الأوكراني.

فلو كان النّسيج الشعبي هناك موالياً لموسكو بالفعل، ويطلب حمايتها، لكان قاتل الى جانب قوّاتها، بما حَسَمَ "معركة الشرق" منذ عام 2014، ومن دون "ضربة كفّ".

هذا فضلاً عن أنه لو كانت روسيا تنظر الى شرق أوكرانيا كأرض "صديقة" لها بالفعل، لما كانت دمّرتها وأماتت سكانها بهذا الشّكل، ولكانت اتّبعت وسائل أخرى لـ "التحرير"، وذلك انطلاقاً من أن لا دولة تدمّر نفسها.

 

الصين

في أي حال، نعود الى استعمال المكوّنات الشعبيّة الموالية لروسيا، أو تلك التي هي من أصول روسية، في دول الجوار الروسي "غير الصّديقة" سياسياً وأمنياً، لموسكو.

فهؤلاء، كـ "القنابل الموقوتة" القادرة على أن تتسبّب بإشعال حروب كثيرة في المستقبل. والحجّة، هي حماية روسيا لروسيا، في الخارج. والأمر نفسه قد ينطبق على الصين مستقبلاً، في شرق آسيا، في ما لو رغبت باستعمال أولئك الذين هم من أصول صينية، ويعيشون في دول شرق آسيوية عدّة، كحجّة لشنّ الحروب.

 

لبنان

لا بدّ من إيجاد حلول لتلك القوميات، أو المكوّنات، داخل البلدان الموجودة فيها، منعاً لجعل العالم أكثر اضطّراباً في المستقبل. فإما ينصهرون في المجتمعات التي هم فيها، أو يُرحَّلون الى روسيا، والصين، و...، منعاً لإشعال الحروب بسببهم.

فهل تقبل روسيا مثلاً، بأن تشنّ برلين حرباً على "جَيْب" كالينينغراد، الذي كان جزءاً من ألمانيا، الى أن ضمّه الاتحاد السوفياتي الى أراضيه بعد الحرب العالمية الثانية، التي شهد خلالها قتالاً عنيفاً، تسبّب بطرد السكان الألمان منها (كالينينغراد)؟

وماذا لو قامت تركيا بـ "عمليّة خاصّة" ضدّ شمال لبنان، بحجّة الدّفاع عن المواطنين من أصول تركيّة فيه، وأعلنت أن المناطق التي تسيطر عليها بموجب تلك العمليّة، هي جمهورية "تُرْكِيِّي العربية" مثلاً، واعترفت بها من طرف واحد، مثل قبرص التركية؟ من سيقبل بذلك؟ وهل يغطي الروس مثل تلك الممارسة؟

 

الطريقة نفسها

أوضح سفير لبنان السابق في واشنطن رياض طبارة أن "مشكلة القوميات الموجودة في دول، وهي من أصول أخرى، قديمة. والحرب العالمية الثانية بدأت بهذا النوع من الذرائع".

ولفت في حديث لوكالة "أخبار اليوم" الى أن " الاحتلال النازي لتشيكوسلوفاكيا، بدأ بضمّ الزعيم النازي أدولف هتلر لمناطق حدودية، بذريعة الحرمان الذي يعاني منه السكان من أصول ألمانية، فيها. والتراخي الأوروبي تجاه هتلر آنذاك، وصل به الى حدّ قضم كل شيء تدريجياً، وصولاً الى حدّ احتلال بولندا، واندلاع الحرب. والطريقة نفسها يعتمدها بوتين منذ سنوات، في أوكرانيا".

 

التجربة الأميركية

وردّ طبارة أسباب تلك السياسات، الى "التقسيم الجغرافي الذي حصل لبعض البلدان، في مراحل ما بعد الحرب العالمية الأولى والثانية، وسقوط الاتحاد السوفياتي، إذ تمّ ضمّ مناطق أو أقاليم تحوي نسيجاً شعبياً أو قومياً معيّناً، لدول أخرى، من دون إيجاد حلّ نهائي للمشاكل التي يُمكنها أن تنجم عن ذلك. فبعض الرؤساء، كبوتين مثلاً، يستعملون تلك الثّغرات كحجج للتعدّي على دول أخرى، وبدافع من أن الحَسْم سيكون للطرف الأقوى عسكريّاً".

وأضاف:"لا بدّ من إيجاد حلّ معيّن، سواء مع روسيا، أو حتى مع الصين في منطقة شرق آسيا، على هذا الصّعيد، مستقبلاً. فعلى سبيل المثال، يُمكن التركيز على خطط لدَمْج تلك القوميات والمكوّنات الشعبيّة، في البلدان التي تعيش فيها، على الطريقة الأميركية".

وختم:"تحوي الولايات المتحدة الأميركية كل القوميات والجنسيات في العالم، تقريباً. ولكن جميعهم يؤكّدون "أميركيّتهم" أوّلاً، رغم إشارتهم الى أنهم من أصول كذا وكذا. وعند اندلاع الحروب، يتطوّعون للحرب مع الجيش الأميركي، حتى ولو كانت المواجهة ضدّ بلدهم الأصلي. صحيح أن هذا لا ينجح دائماً، ولكنّه موجود في الولايات المتحدة بنسبة مهمّة، خصوصاً أن معظم المهاجرين إليها هم من أولئك الذين يبحثون عن وطن جديد، يجدونه فيها. وبالتالي، يُمكن للدول التي تحوي مكوّنات روسيّة أو صينيّة، أن تستفيد من التجربة الأميركية، على هذا المستوى".

 

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار