مصير لبنان يتحدّد بعد انتهاء "العهد" فهل من خريطة تفصل المشرق العربي عن الخليج؟ | أخبار اليوم

مصير لبنان يتحدّد بعد انتهاء "العهد" فهل من خريطة تفصل المشرق العربي عن الخليج؟

انطون الفتى | الثلاثاء 05 يوليو 2022

مصدر: الانعكاسات الخارجية تُخفي خلفها مصير الدولة اللبنانية ككلّ

 

أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"

 

مثل من يبحث عن "إبرة" بين "كومة" من "القشّ"، يبحث اللبنانيون عن لبنان، وسط أيامه "الانتقالية" من دولة "لبنان الكبير"، الى دولة هي أشبه بإقليم انفصالي، أي كما لو كان دونيتسك أو لوهانسك منطقة البحر المتوسّط، أو جمهورية انفصاليّة فاشِلَة، اقتصادياً ومالياً وحياتياً... مع فارق واحد حتى الساعة، وهو أن الدولة اللبنانية الحاليّة المترهِّلَة، لا تزال تتمتّع باعتراف دولي بها، وليس باعتراف تحالُف جيوسياسي واحد، أو دولة واحدة، فقط.

 

 

خارج المفاوضات

ووسط الصّورة الضبابيّة تلك، يبالغ بعض من في الداخل بترك كل شيء لمصير المفاوضات الأميركية - الإيرانية، تماماً كما لو أن الأميركيين يتحمّلون وحدهم، مسؤولية انتشال لبنان.

فمن المُفتَرَض أننا دولة عربية، أي أن نرتاح ولو قليلاً، من خلال المفاوضات العربية - الإيرانية، الدائرة بوساطة عراقية منذ العام الفائت، فيما لا يُظهر الواقع إلا أن لبنان خارج تلك المفاوضات، وبنسبة مهمّة.

 

ناجحة؟

أحد أهمّ المهام الأساسية للمفاوضات العربية - الإيرانية، بوساطة عراقية، هي مناقشة العلاقات بين إيران والدول المجاورة لها، والتي من المُفتَرَض أن تكون أنشطة الميليشيات الإيرانية في المنطقة عموماً، من ضمنها؟

فهل نقول إن تلك المفاوضات ناجحة، في الوقت الذي يستمرّ فيه لبنان بسقوطه السّريع، ومن دون القدرة على اتّخاذ أي قرار داخلي أو خارجي في شأنه، بسبب ميليشيا إيرانيّة ناشطة فيه؟ وهل نقول إن المفاوضات العربية - الإيرانية تلك، مُثمِرَة، طالما أن سوريا ثابتة في جمودها "الانهياري"، وسط "انفتاحات" عربيّة - سوريّة "عالفضاوي"، من حين الى آخر؟

 

خريطة جديدة

وهل نقول إن المفاوضات العربية - الإيرانية ناجحة، إذا "طارت" ثلاث مسيّرات مفخّخة من لبنان، مستقبلاً، وتسبّبت بحرب مدمّرة لبيروت، في الوقت الذي نلاحظ فيه أن لا همّ لدى بعض الأطراف الإقليمية من المفاوضات مع إيران، سوى توفير الأمن لمنطقة الخليج فقط، ووقف حرب اليمن، حصراً، ومن دون الاهتمام بأي ساحة عربية أخرى؟ وبالتالي، هل حان الوقت لوضع خريطة جديدة للعالم العربي، تنسجم مع تعامُل بعض الأطراف العربية مع منطقة المشرق، على أنها غير عربيّة ربما، خصوصاً إذا اتّفقت بعض تلك الأطراف (العربيّة) مع إيران مستقبلاً، من دون "رفّة جفن" تجاه لبنان؟

 

مستحيل

علّق مصدر واسع الاطلاع على آخر المستجدات المحليّة والخارجيّة، فرأى أن "ارتهان الحلّ اللبناني للأحداث الخارجية يعود للانقسام العمودي والأفقي بين المكوّنات اللبنانية، ولانحياز الدولة الشرعية و"حزب الله" مع فريقه السياسي، الى محور إقليمي، مقابل انحياز قوى لبنانية أخرى، لمحور آخر. وبالتالي، من المستحيل للحلّ أن يكون لبنانياً فقط".

وأشار في حديث لوكالة "أخبار اليوم" الى أن "لبنان ليس شريكاً بما يجري في المنطقة، ولا يجلس الى الطاولة ليعرض قضيّته، وليدافع عنها، ويحفظ حقّه. وإذا انعكست الأوضاع الخارجية إيجابياً عليه، فهذا لا يكون إلا على سبيل فتات ما يجري في المنطقة، وليس لأننا ناضلنا من أجل ذلك".

 

تسوية كبرى

وشدّد المصدر على أن "الأخطر هو أن الانعكاسات الخارجية تُخفي خلفها مصير الدولة اللبنانية ككلّ، فيما لا أحد يركّز حالياً على ما هو أبْعَد من مصير المفاوضات الحدودية البحرية جنوباً، ومصير تشكيل الحكومة، ورئاسة الجمهورية. ولكن، هل يبقى لبنان موحّداً؟ هل يتّجه الى فيديرالية؟ أو الى لامركزية؟ ماذا عن إمكانيّة نشوء حالات انفصالية، أو إدارات محليّة، ذات أمن ذاتي، داخل البلد مستقبلاً؟".

وأضاف:"هذه المخاطر لن تتوضّح إلا بعد نهاية "العهد" الرئاسي الحالي، ومعرفة ما إذا كنّا سندخل مرحلة من الشغور الرئاسي، أو لا. فأي شغور رئاسي هذه المرّة، يعني أن لا شيء سيضمن انتخاب رئيس من دون تسوية دستورية كبرى، يُطلق عليها "حزب الله" تسمية "المؤتمر التأسيسي"، فيما يسمّيها البطريرك الراعي "دعوة الى مؤتمر دولي" لتأكيد كيان لبنان، وثباته، ولإعلان حياده، وللإشراف على ولادة الدولة اللبنانية الجديدة".

 

الأخيرة

وأكد المصدر أن "المفاوضات الأميركية - الإيرانية، ومصير الحوار الإيراني - السعودي، ومصير العلاقات بين العراق وإيران، والتسوية في سوريا، والوضع اللبناني، ومصير ثروات النفط والغاز في البحر المتوسط، هي استحقاقات تُبحَث دولياً، خلال الأشهر الأخيرة من "العهد الرئاسي" الحالي في لبنان. والمشكلة هي أن السلطة اللبنانية الحليفة لـ "حزب الله"، لا تحيّد لبنان، بل تورّطه في أحداث المنطقة، سياسياً، وعسكرياً، وعقائدياً، واقتصادياً. ولا يمكن مُطالبتها باعتماد سياسة أخرى اليوم، أي خلال الأشهر الأخيرة من هذا "العهد الرئاسي"، ووسط عجز لدى القوى السيادية عن تكوين أكثرية نيابيّة، وعن المشاركة في الحكومة".

وتابع:"يمنع "حزب الله" لبنان من تعزيز علاقاته مع الغرب، أكثر. فيما الثوابت اللبنانية، والتجارب التاريخية للبنان، لا تشجع على التوجّه شرقاً، بالمفهوم العقائدي. وها ان كل شيء حالياً يحتاج الى انتظار نتائج زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن المنطقة، لنعرف ما إذا كان هدفها يتوقّف على زيادة إنتاج النفط، أو تركيب تحالف أمني، عربي - إسرائيلي".

 

انتقالية

وأوضح المصدر:"لم يَعُد العالم أمام معادلة "شرق - غرب"، بعد الحرب الروسيّة على أوكرانيا. فالى أي شرق نتّجه أصلاً، طالما أن الصين، وروسيا، وإيران، تتّجه غرباً، هي أيضاً. فالعلاقات الاقتصادية بين الصين والولايات المتحدة الأميركية باتت مرتفعة جدّاً، رغم كل التهويل. بينما تبقى روسيا عاجزة عن حلّ أزمات الحرب في أوكرانيا من دون الغرب. وأما إيران، فهي عاجزة عن إيجاد حلّ لملفّها النووي، من دون الغرب. وحتى سوريا، لا يمكنها أن تحلّ مشاكلها إلا مع الغرب، وذلك انطلاقاً من أن وجود عدد من جيوش الدول على أراضيها، والنّشاط العسكري الإسرائيلي فيها، يحتاج الى بحث مع الغرب".

وختم:"يمرّ لبنان والعالم بمرحلة انتقالية ما بين الحرب الباردة، والصراع السياسي والعسكري مع روسيا، والاقتصادي مع الصين. وبالتالي، لا يمكننا أن نحكم على كل التطورات خلال المرحلة الانتقالية تلك. ولكن الأمر الأكيد هو أن واشنطن تعتمد سياسة هجومية، هي اقتصادية، من دون تدخّلات عسكرية مباشرة. وهي استراتيجيا جديدة بدأت مع الرئيس الأسبق باراك أوباما، وأكملها الرئيس السابق دونالد ترامب رغم تطرّفه، ويؤكّدها الرئيس جو بايدن، حالياً".

 

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار