"التّطبيع" مع إسرائيل قد يتحوّل الى سلاح يدمّر السياسة الأميركية في الشرق الأوسط! | أخبار اليوم

"التّطبيع" مع إسرائيل قد يتحوّل الى سلاح يدمّر السياسة الأميركية في الشرق الأوسط!

انطون الفتى | الأربعاء 06 يوليو 2022

مصدر: التطبيع الحالي يُريح واشنطن على مستوى القضية الفلسطينية

 

أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"

 

أما حان الوقت، لتُعيد الولايات المتحدة الأميركية، وتحديداً "الدّولة العميقة" هناك، وليس أي إدارة بحدّ ذاتها، النّظر في مسارات التطبيع مع إسرائيل في المنطقة، التي تحصل برعاية أميركية؟

فتلك المسارات، مُفيدة لتل أبيب، ولدول التطبيع معها، بنسبة أو بأخرى، خصوصاً على مستوى الشراكات الاقتصادية عموماً، والتجارية، والتكنولوجية، والأمنية... ولكنّها قد تُضعِف السياسة الأميركية في الشرق الأوسط، في مدى بعيد، ولو بحدّ أدنى.

 

 

"شراء" الصّمت

صحيح أن ما نقوله قد يبدو جنوناً بالنّسبة الى البعض، من حيث النّظر الى أنه يستحيل على شيء أن يكون مُقوّياً لتل أبيب، ومُضعِفاً لواشنطن، في وقت واحد. ولكن بالنّظر الى الكلفة الكبرى التي "تشتري" بها واشنطن السلام لإسرائيل، من جيرانها، على مختلف الصُّعُد، قد نتمكّن من الحديث عن أن تل أبيب باتت بالتطبيع هذا نفسه، اليد المُؤلِمَة لواشنطن، التي تجعل كلّ المطبّعين معها (تل أبيب) يفعلون ما يريدونه تجاه السياسة الأميركية، وحتى لو كان مُناقِضاً ومُتعِباً لواشنطن، وذلك بتعويل تامّ على أن لا ردود، أو لا عقوبات أميركية مُمكِنَة، نظراً الى "شراء" الصّمت الأميركي بالتطبيع مع إسرائيل، وهي ولاية أميركية في المنطقة، ومرتكز الاهتمام الأميركي الأساسي، فيها.

 

"تجفيل"

ولكن الى أي مدى يُمكن لذلك، أن يُضعِف الهيبة الأميركية في الشرق الأوسط؟ والى أي مدى يُمكن لبعض دول التطبيع أن تتعامل مع الأميركيين على طريقة أن "خذوا السلام مع إسرائيل، واصمتوا، ولا تُطلبوا منّا أي شيء، لا على صعيد ملفات بلداننا الداخلية، ولا على مستوى علاقاتنا الخارجية"؟

فعلى سبيل المثال، تؤكّد بعض الأوساط المُتابِعَة للأروقة الأميركية، أن هناك قلقاً أساسياً في واشنطن، منذ آذار الفائت تحديداً، من أن تشكّل بعض دول "التطبيع" مع إسرائيل، مساحة روسيّة "التفافيّة" على العقوبات المفروضة على روسيا، بسبب حربها على أوكرانيا. وهو ما يحصل حالياً بالفعل، على مستويات عدّة.

كما أن واشنطن قلِقَة من "الالتفافات" الإيرانيّة على العقوبات الأميركية، من خلال بعض دول "التطبيع" مع إسرائيل في المنطقة، فيما تقلّل اتّفاقيات التطبيع الموقّعَة سابقاً، وتلك التي يُمكن طبخها لمدى أبْعَد، من هوامش التحرّك الأميركي لوقف تلك "الالتفافات"، لِكَوْن واشنطن ممسوكة بـ "التطبيع"، وبعَدَم تخريب مساراته، وبعَدَم "تجفيل" المطبّعين.

 

مدى بعيد

والنتيجة، هي أن إسرائيل تستفيد، ودول التطبيع معها أيضاً، فيما تضيق مجالات الولايات المتحدة الأميركية على التحرّك، في بعض الملفات، حتى ولو كانت مرتبطة بملفات حيوية ومؤثِّرَة في السياسة الأميركية، وفي الاقتصاد الأميركي نفسه، أيضاً.

هذا فضلاً عن أن الحرب الروسية على أوكرانيا، ورغم وقوف بعض دول التطبيع، و(دول) أفلاك التطبيع مع إسرائيل، الى جانب روسيا فيها (الحرب)، ورغم دعمها لموسكو (مهما حاول البعض تجميل الواقع، عبر إنكاره، بشروحات عدّة)، إلا أن هوامش واشنطن في الردّ تبقى ضيّقة بحسب بعض الخبراء، نظراً الى رغبتها بعَدَم التأثير السلبي على مشروع التطبيع، في مدى بعيد.

 

إزالة الضّغط

رأى مصدر واسع الاطلاع أن "اتّفاقيات التطبيع لا تُضعف الولايات المتحدة الأميركية أبداً، ولا سياستها في الشرق الأوسط، بل على العكس، أي انها تقوّي واشنطن، نظراً الى أن إسرائيل هي الذّراع الأميركية الأساسية في المنطقة، وهي الدولة رقم 1 بالنّسبة الى الأميركيّين، وتنفّذ السياسة الأميركية فيها (المنطقة)".

وأوضح في حديث لوكالة "أخبار اليوم" أن "المشكلة الوحيدة لدى واشنطن في الشرق الأوسط، خلال العقود الماضية، كانت مدى النّجاح في الوصول الى مرحلة تقبُّل إسرائيل داخل المنطقة. ولكن التطبيع الحالي، العلني والسرّي، يزيد من النّفوذ الأميركي، ويُريح واشنطن على مستوى القضية الفلسطينية، التي تسبّبب بعداوات للأميركيين في السابق، وعلى مدى عقود".

وختم:"تمضي دول التطبيع مع إسرائيل بمشروع السلام هذا، بموازاة تمسّكها بالقضيّة الفلسطينية، وتشديدها على حلّ الدولتَيْن. وهذا ما يخفّف من مشاكل الولايات المتحدة كثيراً، ويزيل الضّغط النفسي والمعنوي والمادّي عن سياساتها في الشرق الأوسط، بنسبة قد تصل الى 70 في المئة تقريباً. بالإضافة الى أن ذلك يساهم في وضع كل من يقف خلف تلك القضية (الفلسطينية) لتمرير مشاريعه، التي لا دخل لها بها، عند حدود معيّنة".

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار