أَوقِفُوا الدّفع بالروبل قبل أن ينتقل "الدبّ" الى شوارع باريس وبرلين وروما! | أخبار اليوم

أَوقِفُوا الدّفع بالروبل قبل أن ينتقل "الدبّ" الى شوارع باريس وبرلين وروما!

انطون الفتى | الثلاثاء 12 يوليو 2022

حبيقة: شدّ الحبال سيستمرّ خلال الأشهر الثلاثة القادمة

 

أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"

 

على طريقة "من خوفو من الموت مات من الخوف"، يموت الأوروبيّون يومياً، وينظرون الى هبوط سعر "اليورو" الى ما دون الدولار الواحد، والى التلاعُب الروسي بمصير أوروبا، عبر سعيها للتسبُّب بحالات متكرّرة من "عَدَم اليقين" لاقتصادات دول الاتحاد الأوروبي، مرّة عبر تخفيف إمدادات الطاقة، ومرّات بقطعها كلياً، بحجّة أعمال صيانة، في وقت يؤكّد فيه أكثر من مصدر أوروبي أن "أعمال الصّيانة" المتكرّرة هي "حجّة سياسيّة" في يد روسيا.

 

قواعد

ولكن أوروبا مسؤولة عن الابتزاز الروسي هذا، وذلك من خلال إظهارها لخوف زائد عن حدوده، تجاه الروس.

فالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، عبّر جهاراً قبل أشهر عن شرط الدّفع بالرّوبل، مقابل  الاستمرار بتزويد الدّول "غير الصّديقة" بمصادر الطاقة الروسيّة، خارقاً بذلك العقود الموقّعة سابقاً، من دون إحراج.

ورغم حصولهم على "روبلاتهم"، يمضي الروس في هزّ استقرار الاقتصادات الأوروبية، مرّة بتخفيف التزويد، ومرّة بقطعه، ومرّات بالتهديد والوعيد، وبالحديث عن ضرورة توسيع نطاق ممارسة دفع ثمن السلع المصدّرة بالروبل، الى أقصى حدّ ممكن، وعن أن الدولار واليورو من العملات "السامّة" لروسيا، لأنهم يجدون أن سياسة "التخويف التدريجي" ناجحة ومُثمرة. وبالتالي، هم يريدون الاستمرار بالحرب على أوكرانيا، وضرب الاقتصادات الغربية، معاً، ومن دون احترام أي قواعد.

 

"هجوم مضاد"

ولكن يُمكن لأوروبا أن تتحرّر من روسيا بشكل أسرع، وأن تحدّ من التأثير الروسي السلبي على الاقتصادات الأوروبيّة، بأساليب عدّة، ولكن بموازاة ضرورة تقبُّل الاضطرار لتحمُّل بعض الخسائر، طبعاً.

فنقل بعض خطوات سياسات التقشُّف في مجال الطاقة، من النّقاش الى التطبيق السريع، واعتماد التعليم عن بُعْد للموسم المدرسي 2022 - 2023، وإتمام نسبة كبيرة من الوظائف منزلياً، الى جانب الإسراع في مشاريع الطاقة البديلة، وربما الاستخدام المضبوط للفحم الحجري، وللطاقة النووية، مع نقل بعض الصناعات الى خارج الحدود، أي الى دول "صديقة" لأوروبا، لا تمرّ بأزمة طاقة حادّة، مقابل تقبُّل تقليص الإنتاج، وتخفيض الأرباح، بموازاة قبول فكرة أن هذا أمر ضروري نظراً الى أن "القارّة العجوز" في حالة حرب عالمية مفروضة عليها، ولا يُمكنها أن تخسرها... هي خطوات قادرة على "شنّ هجوم أوروبي مضاد" على روسيا، بالاقتصاد، مع توفير الكثير من مخزونات الطاقة الأوروبيّة الحاليّة لموسم الشتاء القادم، وتأمين المزيد من تلك المخزونات، خلال الصيف الحالي، من مصادر أخرى غير روسيا.

 

ضربة

كما أن الإعلان عن وقف الدّفع بالروبل، مقابل الحصول على مصادر الطاقة الروسيّة، لن يُقابَل بقطع روسي كامل للإمدادات، نظراً الى أن تلك الخطوة تشكّل ضربة لروسيا، قبل أوروبا، إذ إنها ستحرم موسكو المليارات شهرياً، بما يقلّص من قدرتها على استكمال حربها على أوكرانيا، التي وصلت الى مراحل أكثر نضجاً، وأكثر حاجة الى تمويل.

هذا فضلاً عن أن الأسواق الصينية والهندية الهائلة لمصادر الطاقة الروسية، قد لا تكون كافية تماماً لتأمين البديل، لا سيّما أن روسيا تضطّر لإجراء تخفيضات في الأسعار، مقابل الاستمرار بتدفُّقاتها الى نيودلهي وبكين.

 

شدّ حبال

أشار الخبير الاقتصادي الدكتور لويس حبيقة الى أن "روسيا تعلم أنها قادرة على إزعاج أوروبا بورقة الطاقة كثيراً. فإيقاف إمداداتها كلياً سيهلك ألمانيا، هذا مع العلم أن الألمان يبحثون عن مصادر أخرى. ولكن نقل مصادر الطاقة عبر البحار هو عمليّة مكلفة جداً، أكثر من اعتماد الـ "بايب لاين". ولكنهم لن ينكسروا أمام روسيا 100 في المئة، وذلك رغم أنهم يفضّلون بقاء الإمدادات الروسيّة على حالها، في الوقت الرّاهن، نظراً الى أنها أقلّ كلفة من أي خيار آخر".

ورأى في حديث لوكالة "أخبار اليوم" أن "شدّ الحبال سيستمرّ خلال الأشهر الثلاثة القادمة، الى أن تقوم روسيا هي أيضاً بتقديم خطوات تتعلّق بوقف حربها على أوكرانيا. ولكن شدّ الحبال على حاله، من جانب كل الأطراف، لدفع الطرف الآخر الى أن يصرخ هو أوّلاً".

 

أكثر قوّة

وأكد حبيقة أنه "كان يُمكن للصين أن تلعب دور الوسيط القوي والفعّال بين الطرفَيْن، لو أرادت ذلك. ولكنها لا تقوم بهذا الدور الآن، نظراً الى رغبتها بإضعاف الفريقَيْن على الأرجح، وهو ما سيؤسّس لجعلها أقوى، في تلك الحالة".

وأضاف:"نلاحظ جيّداً أن تصريحات الصين تجاه تايوان باتت أشدّ عنفاً، وهذه رسالة واضحة الى الأميركيين. ولكن مهاجمة بكين للجزيرة سيُدخل العالم في صراع كبير جدّاً، لأن الغرب لن يقف متفرّجاً، ولذلك نجده يتشدّد مع روسيا في حربها على أوكرانيا حالياً، كإشارة غربيّة الى الصين أيضاً".

وختم:"يتركّز الصراع حالياً حول من سيخرج أكثر قوّة بعد الصراع في أوكرانيا. هل الولايات المتحدة؟ أم روسيا؟ أم الصين؟ ولكن ما يُمكن للدول الأوروبيّة أن تقوم به في وقت قريب، كأحد البدائل من مصادر الطاقة الروسيّة، هو استعمال الطاقة النووية. فهي أفضل من الفحم الحجري بيئياً، وذلك بموازاة الإسراع في مشاريع الاعتماد على الطاقة الشمسية، وطاقة المياه، والرياح".

 

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار