ميداليّة ذهبيّة لرئيس الحكومة المستقيل بسبب "المرأة الضّائعة" داخل الرئيس القويّ!؟ | أخبار اليوم

ميداليّة ذهبيّة لرئيس الحكومة المستقيل بسبب "المرأة الضّائعة" داخل الرئيس القويّ!؟

انطون الفتى | الجمعة 15 يوليو 2022

كيف يُقال ذلك لشعوب اعتادت على أن الحاكم يعرف كل شيء

أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"

مؤسف أن نسجّل النّسبة الأكبر من السّذاجة (حتى لا نستعمل عبارة أخرى)، في منطقتنا، على صعيد التعامُل مع الحرب الروسيّة على أوكرانيا منذ اندلاعها. فبعض شعوب المنطقة تنظر الى تلك الحرب كعامل قوّة لها، وبتجاهل تامّ لمسألة أن أكثر الدول المُستفيدة من ارتفاع أسعار النّفط حالياً، "تستورد التضخّم" الى بلدانها، هي الأخرى أيضاً، نظراً الى أن "الفوضى النفطية" ترفع أسعار كل شيء، وهو ما يجعل الخسائر العالمية "مُعولَمَة" حالياً، ولكن بنِسَب متفاوتة بين الدول، طبعاً.
ولكن كيف يُقال ذلك لشعوب اعتادت على أن الحاكم يعرف كل شيء، "وهذا يكفينا"؟

"أزمة أخلاقيّة"
تحفل بعض المنصّات الإعلاميّة في المنطقة، منذ أشهر، بما يتحدّث عن "فرصة" تشكّلها الحرب الروسيّة على أوكرانيا لبعض دول منطقتنا، التي تتمتّع بثروات هائلة أصلاً، وعن أن تلك الحرب ستُخرج تلك الدّول أكثر قوّة. وهذا صحيح في مكان ما.
ولكن تجاهُل الدّماء الأوكرانيّة التي تسيل يومياً، واعتبارها "فرصة"، يجعل من الكلام السابق ذكره "أزمة أخلاقية"، حتى ولو اعتمدنا لغة المصالح التي تتحكّم بالعلاقات بين الدّول.

"أبو غريب"
ولكن لا نتعجّب كثيراً من ذلك، طالما أن بعض أولئك الذين قالوا في يوم من الأيام، إنه يتوجّب على اللبنانيين أن "يحلّوا عنّا" الآن، بعدما ساعدناهم بمليارات الدولارات على مدى عقود، و"ما طلعلنا منّون إلا الغدر والخيانة"، (لا نتعجّب طالما أنهم) تناسوا أن المليارات التي "ساعدت" دولهم لبنان بها في الماضي، شكّلت تمويلاً للاحتلال السوري للبنان، في أحد أوجُهها.
كما أن هؤلاء ربما تناسوا أن دولهم تلك، وقفت قبل عقود خلف سياسة تجويع العراقيّين، عبر مسار "النّفط مقابل الغذاء"، بعدما نالت نصيبها (دولهم) من الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، فيما هم يستعملون قضيّة "سجن أبو غريب"، عند الحاجة، في كلّ مرّة يرفع فيها الأميركيّون لهجتهم، في ما يتعلّق بملفات حقوق الإنسان، لا أكثر ولا أقلّ، وليس لأنهم من شعوب الدّول "المُحبّة للسلام".

استقالات
بدا مُضحِكاً جدّاً، أحد الذين كانوا يتعاملون بـ "غبطة" شديدة، مع استقالة رئيس الحكومة البريطانية بوريس جونسون، الأسبوع الفائت.
فراح هذا "الأحدهم" يوجّه كلامه باتّجاه "وقاحة" جونسون، الذي رفض الاستقالة في البداية، رغم الاستقالات المتزايدة في صفوف فريقه. وزاد هذا "الأحدهم" من واقعه المُضحِك، عندما اعتمد على ما كان يحصل في لندن، خلال ليلة الاستقالات، للحديث عن هشاشة الديموقراطية الغربية، وليسخر من الإنكليز، وصولاً الى الأميركيين، والغربيّين عموماً.
ولكن قد يكون فاته، أن شعوب بعض دول العالم اعتادت على مثل تلك الممارسات، لأن لا "حكّام بأمرهم" فيها، فيما يُمكن لكمّامة أن تُطيح بحكومة في بلدانهم، التي لا تُشبه واقع ما في بلداننا أبداً، حيث جرائم القتل، والتسميم، والتعذيب... التي لا يسمع الحاكم في مقابلها سوى "حفظه الله"، و"يا معيّشنا".

مختلف
أمر آخر أيضاً، وهو مدى الحماسة التي "انغمست" فيها بعض المنصّات الإعلامية في لبناننا، ومنطقتنا على حدّ سواء، عند مقاربتها لسخرية زعماء "مجموعة السّبع"، من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لا سيّما في ما يتعلّق بسؤال جونسون عمّا إذا كان يتوجّب عليهم خلع السترات...، بالإضافة الى حديثه (جونسون) عن أن بوتين لم يَكُن ليشنّ الحرب على أوكرانيا، لو كان امرأة.
وتأجّجت الحماسة على تلك المنصّات، دفاعاً عن شرف "القيصر" العظيم، واحتفالاً بتسديده اللّكمات الى الغربيّين، مع ردّ بوتين على جونسون والغربيّين، بقوله إنه سواء خلعوا ملابسهم حتى الوسط أم دون ذلك، فإنه يعتقد أن المنظر سيكون مقزّزاً في كل الأحوال.
ولكن النّزول من "السطحيات"، ولو قليلاً، كان بإمكانه أن يدلّ بعض أبناء منطقتنا على ما هو مختلف.

ميدالية ذهبية
فمن المُفتَرَض أن الرّياضي، كما يحرص بوتين على تصوير نفسه، هو شخص يُجيد قواعد اللّعب جيّداً، ويحترمها، ويلتزم بها، وهو ذاك الذي لا يستخدم ما هو غير قانوني، للفوز.
وهو شخص إذا فاز، ينحني احتراماً لشريكه في اللّعبة. وإذا خسر، ينحني أيضاً احتراماً لشريكه، ويتقبّل النتيجة مهما كانت، بروح رياضي، وبهدوء.
أما بوتين، فهو ذاك الذي ينشر صوره الرياضية، فيما لا يحترم أي قواعد، ولا أي لعبة، ولا أي قانون دولي، ولا أي أحد، ولا أي شيء، وهو مثل "وحش كاسر" متعطّش للدّماء، فتح النار على أوكرانيا من دون أي احترام لها، ولا لشعبها، ومن خارج أي قواعد لإنهاء حربه فيها، ومن دون أي احترام لخصومه، في تلك الحرب. فهل هذا شخص رياضي؟ والى أي مدى يستحقّ جونسون وحكام الغرب، ميدالية ذهبية، على سخريتهم من "رشاقته"؟

مرأة
أما بالنّسبة الى أنه لو كان (بوتين) امرأة، فلما كان شنّ الحرب، كما قال جونسون، و(بالنّسبة) الى ردّ بوتين عليه بأن رئيسة الحكومة البريطانية الراحلة مارغريت تاتشر شنّت "عملية عسكرية" (بمفهوم بوتين) ضدّ الأرجنتين في جزر فوكلاند، فربّما فات الرئيس الروسي أنه، ومن دون العودة الى الجذور التاريخية البعيدة للصراع في تلك الجزر، إلا أن الأرجنتين هي التي بادرت الى غزوها في عام 1982، فواجهتها بريطانيا - تاتشر بالحرب. ولم تَكُن الأخيرة العنصر المُبادر الى إطلاق الرّصاصة الأولى، كما هو حال بوتين في أوكرانيا.
فالى أي مدى يستحقّ جونسون، ميدالية ذهبية، على حديثه عن "المرأة الضّائعة" داخل بوتين؟ فالمرأة الحقيقية ليست أنثى، بل هي إنسان يحترم نفسه والآخر، والقواعد.

زاخاروفا
ولكنّنا لا نلوم بعض أهل منطقتنا على سذاجتهم (حتى لا نستعمل عبارة أخرى)، في التعاطي مع رسائل جونسون والغرب "المُمَرَّرَة"، بشأن بوتين، طالما أن الأنوثة في بلداننا ليست أبْعَد من تلك "الببّغائية"، ومن تلك التي تقتات من ربوع "الفحولة الذّكوريّة" الحاكمة، والتي تمثّلها واحدة من مستوى المتحدّثة الرسمية بإسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، خير تمثيل.
فتلك الديبلوماسية تقدّم بتعليقاتها اليوميّة، سواء على التصريحات، أو الصّور، أو السياسات الغربيّة... نموذجاً أنثوياً سخيفاً، أو "أنثوية البلاط"، البعيدة جدّاً من الديبلوماسية النسائية الغربيّة النّاضجة والرّصينة، التي تظهر في بعض الدّيبلوماسيات الغربيّات النّاضجات، الى درجة أنها (زاخاروفا) سخرت من جونسون عشيّة استقالته، قائلة:"ماذا لو كان بوريس جونسون امرأة، هل كان سيرحل حينها؟، بما جعلها "أنثى" تحطّ من قدر المرأة، باستعمالها عبارة امرأة للتهكّم، والسّخرية.
أفلا يستحقّ جونسون، وحكام الغرب، ميدالية ماسيّة، في مثل تلك الحالة؟؟؟

إقرأ ايضا: الانهيار مستمر والخطوة في مسار الحل "توحيد السلطة"!

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا

أخبار اليوم

المزيد من الأخبار