في الدوحة علّقوا قيام الدولة والدستور وصار رئيس الحكومة هو الأضعف وقيّدوا رئيس الجمهورية
في الأنظمة البرلمانية في كل العالم توجب مهلة لتشكيل الحكومة
داود رمال- "أخبار اليوم"
منذ خرج لبنان من رعاية الوصاية السورية التي اوكل اليها عربيا واقليميا ودوليا ادارة الشأن اللبناني منذ دخول لبنان مرحلة السلم الاهلي واقرار اتفاق الطائف الذي صار دستورا، والطبقة السياسية في لبنان تتخبط هائمة على وجهها، لا تعرف الى طريق الامساك بالمسؤولية طريقا، فضيّعت الاستحقاقات الدستورية، وتحوّل الدستور الى وجهة نظر، وصارت اصغر قضية كما اكبرها تحتاج الى اخذ ورد لا ينتهي قبل ان تكون المؤسسات والادارات والوزرات قد اصابها المزيد من الترهل والتحلل.
"إذا كان الدستور قد حدد في المادتين 53 و64 كل ما يتصل بتسمية رئيس الحكومة وتأليف الحكومة، فإن عدم تحديد مهلة زمنية لتأليفها يعني عملياً وجوب التشكيل فور التكليف وبأسرع وقت ممكن، وإذا كان الدستور قد حدد للحكومة مهلة ثلاثين يوماً لإقرار البيان الوزاري والمثول أمام مجلس النواب لنيل الثقة على أساسه، بالأحرى أن لا يتجاوز التأليف مهلة الثلاثين يوماً".
خلاصة دستورية يقدمها مرجع وطني، الذي يقول "كنا نعاني منذ مطلع تاريخ لبنان من دولة الأشخاص، في عام 1943 كانت هناك صيغة مؤقتة. الأشخاص اعتبروها صيغة نهائية. هذا ما أدى إلى توليد انفجارات على مر السنين (من ثورة عام 1958 وصولاً الى الحرب الأهلية في عام 1975). الهدف الأساسي هو نقل الدولة من الأشخاص الى المؤسسات، وعندما تم اعتماد النظام الديموقراطي البرلماني الجمهوري، فإن فلسفته تقوم على اعتماد مشاركة الناس في صياغة الحكم، وهذا ليس معناه إشراك كل الناس في الحكومة".
واذ يسرد المرجع "مسار الانقلاب على الدستور، وخصوصاً في عملية تشكيل الحكومات، وذلك استناداً إلى روحية مناقشات المشاركين في مؤتمر الطائف"، يرى "حاجة الى صيغة او آلية او تفسير الدستور للانتهاء من أزمة التأخير في تأليف الحكومة، وذلك استناداً الى الآتي:
اولا: يجري رئيس الجمهورية استشارات نيابية ملزمة ويصدر بنتيجتها كتاباً يسمي فيه رئيس الحكومة المكلف.
ثانيا: يجري رئيس الحكومة المكلف استشاراته لتشكيل الحكومة خلال مهلة أربعة أسابيع من تاريخ تكليفه.
ثالثا: في حال اعتذار الرئيس المكلف تشكيل الحكومة، يعمد رئيس الجمهورية الى استشارات جديدة وفقاً لما ورد في البند (1) أعلاه.
رابعا: تصدر مراسيم تشكيل الحكومة بالاتفاق بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، وعلى الحكومة أن تتقدم من مجلس النواب ببيانها الوزاري لنيل الثقة في مهلة ثلاثين يوماً.
خامسا: لا تمارس الحكومة صلاحياتها قبل نيل الثقة إلا بالمعنى الضيق لتصريف الأعمال.
سادسا: في حال عدم إصدار مراسيم تشكيل الحكومة بعد انقضاء مهلتَي تكليف، ينعقد مجلس النواب دون تأخير، بدعوة من رئيسه، فينتخب رئيساً للحكومة يقوم بتشكيلها في مهلة أسبوعين بحيث يتقدم الى مجلس النواب بخطة عمل الحكومة، وتعتبر ثقة المجلس بالحكومة كافية بنسبة 55% من مجموع الأعضاء المؤلف منهم مجلس النواب. وفي حال اعتذار رئيس الحكومة المنتخب، أو في حال عدم قدرته على تشكيل حكومة، أو عدم نيل الحكومة ثقة مجلس النواب، يبادر المجلس النيابي مجدداً الى انتخاب رئيس للحكومة يقوم بتشكيلها وفقاً لما تقدم".
ويعتبر المرجع أن "هذه الصيغة-الآلية متكاملة وخصوصاً لناحية المهل، فضلاً عن اعتبار مجلس النواب في حالة استقالة الحكومة في دورة استثنائية وفي حالة انعقاد دائمة حتى لا يتأخر تأليف الحكومة وتراعى المهل الدستورية، ولا يجوز التخلي عن المبدأ وهو نقل الدولة من الأشخاص الى المؤسسات، لأنهم في مؤتمر الدوحة (2008) علّقوا قيام الدولة وصار رئيس الحكومة هو الأضعف، وبالتالي علقوا الدستور وقيّدوا رئيس الجمهورية وجعلوا له حصة 3 وزراء من أصل 30 وزيراً وأصبح طرفاً لا بل الطرف الأضعف، وبالتالي صار يفتش عن قوته في مكان آخر".
ويشير المرجع إلى "أنه بمجرد أن يصبح مجلس النواب في حالة انعقاد دائم، فهذا يعني أن له رأياً في التكليف وليس كما يقال إن الرئيس المكلف وضع التكليف في جيبه ولننتظر الى أبد الآبدين، هذه ليست دولة إنما خيمة كاراكوز، فالأنظمة البرلمانية في كل العالم توجب مهلة لتشكيل الحكومة. ومع تحديد 30 يوماً للبيان الوزاري يعني ليس معقولاً أن تكون مهلة التكليف أكثر من هذه المدة الزمنية، وهي كافية، شرط تطبيق الدستور لجهة التعاون بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف".