حقوق الإنسان لا المليارات هي المدخل للتحوُّل الكبير في الشرق الأوسط فلا تهربوا... | أخبار اليوم

حقوق الإنسان لا المليارات هي المدخل للتحوُّل الكبير في الشرق الأوسط فلا تهربوا...

انطون الفتى | الجمعة 29 يوليو 2022

مصدر: تغيير البنية الاجتماعية والاقتصادية ترتبط بكيفية الحفاظ على الفرد

 

أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"

 

هي عمليّة "بَيْع وشراء" واضحة، تمارسها أكبر وأقوى الدول حول العالم حالياً، في كلّ ما يتعلّق بملفات حقوق الإنسان. فأسعار النّفط ضاغطة على كلّ الاقتصادات، والحاجة الى بدائل من مصادر الطاقة الروسيّة ضاغطة على الجميع أيضاً، وهي تقلّص كل كلام "تشدُّدي" في مجال القوانين، والحريات، وحقوق الإنسان، الى الحدّ الأدنى، وتجعله سجين بعض "هوامش" الزيارات، لا أكثر.

 

تنمية صحيحة

ولكن الأغرب في هذا الإطار، هو "الغبطة" التي تعبّر عنها معظم شعوب منطقتنا، من جراء تلك الحالة، و"تهليلها" لـ "انتصارات" بعض الحكام بسبب ذلك، بدلاً من تحويل ملفات حقوق الإنسان، والمطالبة بها، والدّفع باتّجاهها، الى حالة داخلية نابعة من مجتمعاتنا الشرق أوسطية. هذا طبعاً إذا كانت شعوبنا راغبة بتطوّر اقتصادي ومالي سليم، وبتنمية صحيحة.

فعلى سبيل المثال، إذا كنّا ننتقد الولايات المتحدة الأميركية على تجاوزاتها في مجالات حقوق الإنسان، في أكثر من مكان ومنطقة، ولكونها تُظهِر تشدُّداً في بعض تلك الملفات، في بعض البلدان، فيما نجدها مُصرّة على التفاوُض وإبرام اتّفاقيات مع أنظمة متورّطة بالإرهاب، كالنّظام الإيراني مثلاً، إلا أن ذلك لا يجب أن يسمح "بشو ما كان" في باقي مجتمعات منطقتنا، بحجّة أن النّفاق "المصلحْجي" الأميركي يتعاطى مع الإرهاب الإيراني، و"ما يسمّعنا صوتو" في بلداننا.

 

مال كثير

وإذا كان الأميركيون أو سواهم، يبيعون ويشترون في أدقّ الملفات، وأكثرها إنسانية تبعاً لمصالحهم، إلا أن الاستسلام لا يجوز، ولا بدّ من تحويل مجتمعات منطقتنا الى واحات تعيش على الرأي العام، وليس على مشيئة الحاكم. فهذا هو المقياس الأساسي لتحديد ما إذا كانت الشّعوب متخلّفة، أو متطوّرة وحضارية.

قد يكون هذا المقياس جديداً على شعوب دول منطقتنا، التي اعتادت على أنها شعوب الحكام، وبلدان المال الكثير، وحيث الدخل السنوي للفرد قد يتجاوز المليون دولار، لبعض الفئات. ولكن ذلك ليس تطوّراً، ولا مقياساً له، بل مدى القدرة على تحقيق نموّ مجتمعي صحيح، يقوم على الحريات الفردية، والابتكار الفردي الحقيقي، وعلى حقوق الأفراد، وليس فقط على نموّ وتطوّر مشيئة الحكام، ورؤيتهم الخاصّة لمستقبل بلدانهم.

 

الفرد لا الحاكم

كما أن الهرب من حقوق الإنسان، والحريات، ومهما طال زمنه، إلا أن لأوانه نهاية حتميّة، وذلك انطلاقاً من المال نفسه.

فمن دون تغييرات قانونيّة جوهرية، تسمح بحريات أوسع، فإنه سيكون مستحيلاً النّجاح في تحقيق رغبة البعض بتحويل منطقتنا الى "صين جديدة"، لكون الاستقطاب، والجذب، وعمليات التحوّل من الاعتماد على النّفط، الى تنويع مصادر الدّخل عبر السياحة مثلاً، وغيرها، لن تكون ناجحة، من دون تحوّلات مجتمعيّة هائلة في الشرق الأوسط، تقوم على الفرد، لا على الحاكم.

 

ترفض

أوضح مصدر واسع الاطلاع أن "قضايا حقوق الإنسان التي أصبحت مركزية منذ مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية، تبقى نظرية، طالما أن لا آلية قضائية وتنفيذية محدّدة لها".

وأشار في حديث لوكالة "أخبار اليوم" الى أنه "حتى في الولايات المتحدة الأميركية نفسها، التي من المُفتَرَض أنها رائدة على هذا الصّعيد، إلا أنها ترفض الدخول في اتفاقيات لمحاكمة جنودها، عندما يخالفون بعض المسائل التي تتعلّق بحقوق الإنسان، خلال الحروب".

 

ابتزاز

وشدّد المصدر على أنه "بما أن لعبة المصالح الاقتصادية، والتسويات، هي التي تحكم الأمور في هذا الإطار، وطالما أن حكاماً مثل (الرئيس السوري) بشار الأسد، وغيره من الرؤوس الكبيرة، خارج أي محاكمة، بحُكم الأمر الواقع، فإن لا مجال للتقدُّم في مجال المُطالَبَة بحقوق الإنسان كثيراً".

وأضاف:"عند تحييد اقتصادات الدول ومصالحها، عن المقايضات في هذا المجال، عندها قد يبدأ تحقيق بعض الخروق. وبغير ذلك، تبقى تلك الملفات في إطار الابتزاز في أوان الاختلافات، وتضارُب "الأجندات" والمصالح، وتختفي في زمن التفاهمات".

 

خوف

وأكد المصدر أن "تغيير البنية الاجتماعية والاقتصادية في أي بلد، ترتبط أيضاً بكيفية الحفاظ على الفرد. والدول التي نجحت في أن تبلغ التقدُّم والازدهار اقتصادياً، تتمتّع بحدّ أدنى من الحفاظ على حقوق الأفراد وحريتهم، من ضمن قوانين واضحة".

وختم:"خوف الكثير من الحكام والأنظمة من الحريات، ولو المُقَوْنَنَة، يعود الى حرصهم على عَدَم إزاحتهم عن الحكم. والأمثلة في هذا الإطار كثيرة، سواء في سوريا، أو مصر، أو العراق، أو ليبيا، أو تونس، أو غيرها، حيث حصلت وتحصل الكثير من محاولات التغيير، التي تُدفَن قبل أن تجد فرصة للعَيْش، وذلك بسبب خوف الحاكم على كرسيّه، وسلطته".

 

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار