صديقي في الحرب... المعركة التي قد تنتهي من دون أي وداع!... | أخبار اليوم

صديقي في الحرب... المعركة التي قد تنتهي من دون أي وداع!...

انطون الفتى | الإثنين 01 أغسطس 2022

 معركة فيها ما هو قادر على رميه في حالات متفاوتة من تفكُّك أو فقدان الأعضاء

 

 

أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"

 

من قلب عتمته المُظلِمَة، وعلى ضوء نجوم شرقه، ومطلع شمس مشرقه، توغّل صديقي في مفاعيل أصوام أزمنة أمّ ربه، التي لطالما عاشها، وحلّت في كيانه، من خارج أي زمن.

فهو تعلّم الطهارة، وتتلمذ بالتحليق في سُحُبها المُشرِقَة، في عوالم أمّ ربه. هناك، عالم من خارج تراب الزّمن، وحالة من صوم "لا دهري"، متّصل بإماتات تجسُّد وقيامة ربه، التي تنبع غزيرة من الأبدية. هناك، حالات من حياة كاملة، من موت حسّ، وحواس.

 

"دنوّ أَجَل"

هذا أكثر ما يمكن لصديقي أن يعبّر عنه، أو يشرحه، في حالته الزمنية، التي يستعيدها بعد "غيبات في الحضور"، حيث الأشياء التي يصعب قولها، أو التعبير عنها بلغة أهل الزّمن.

في عتمته المُظلِمَة، استعاد صديقي في جسمه، ما هو أقرب الى مجموعة من الحالات، تدور كلّها حول شيء من "دنوّ أجَل"، أو ربما ما يُشبه حالة من موت، في حياة. هناك، لا شيء اسمه أزمنة صوم. فالدّخول في الأبد، من ضمن الجسد، ليس فيه "نصّ نصّ". وهو انقطاع عن كل شيء، عن كل ما في عالم الحواس، من ضمن حالة مُكلفة جدّاً في أوان العودة منها، وبما يفوق كلفة دخولها. كيف لا، والعودة الى العتمة بعد نور، مؤلمة جداً، وهي تتجاوز أهوال اضطّراب الانفصال عن كيان الظلام، في أوان ولوج حرارة وحرية النّور.

 

دفعة واحدة

خلال أصوام أزمنة أمّ ربه، من خارج الزّمن، اعتاد صديقي على ما يقلب كيانه، على ما يحرّر جسمه، على ما يزيد خفّته. وهي معركة، فيها ما هو قادر على رميه في حالات متفاوتة من تفكُّك، أو فقدان الأعضاء، تباعاً.

والأشدّ ألماً، هو الإحساس بفقدانها كلّها، دفعة واحدة، ومثل من يموت. نعم، يموت، في انتقال الى حياة، الى الحياة.

 

هو نفسه

هنا، تتحوّل المعركة الى حرب، حيث المُهاجِم والمُدافع هو نفسه، أي صديقي، الذي يكون قاتلاً ومقتولاً، في آن واحد، وضمن حالة رهيبة، يتمنى (صديقي) في أوان شدّة الضّيق، لو أنه لم يَذُق شيئاً منها، في أي يوم.

فلا شيء يتسبّب بشعور بالخزي والعار، ويسمح بتلمُّس الصغائر، أكثر من أن يكون الكيان نفسه، في مواجهة مع كيانه، تماماً مثل من يرى ظلماته كلّها، أمام مرآة. تلك الظّلمات التي لا يُطيق أن يستمع الى كلمة واحدة منها. هذه نفسها، يراها بوضوح "لامع"، أمام مرآة.

 

"استراحة"

خلال أصوام أزمنة أمّ ربه، خارج أي زمن، اعتاد صديقي على هذا النّوع من الحروب، التي رغم آلامها الرّهيبة، إلا أنها تبقى "استراحيّة" مقارنةً مع تلك التي اعتادها، خلال أصوام تجسُّد وقيامة ربه، خارج الزّمن أيضاً.

فهناك عالم آخر، يُوضِح لصديقي جُبنه، وخيانته، وفساده، ليس كمن ينظر أمام مرآة، بل مثل من يُخرجها (المرآة) من كيانه، الذي تعب منها، لدرجة أنه بات يسقط من شدّة ثقلها.

وبين النّظر الى المرآة، وإخراجها من الذّات، "استراحة"، استعاد صديقي بعض مفاعيلها مؤخّراً.

 

بحث

فهنا، بحث عن حقيقة ذات، وعن مكانها الحقيقي. فهل هي في "الغياب بالحضور"، أو في "الحضور الغائب"؟ وشتّان ما بين الاثنَيْن.

فـ "الغياب بالحضور"، هو الحضور، حيث اللانُطق، واللاحسّ، واللاشعور، واللاجسد، في حالة تكتمل بفقدان الإحساس بأي ألم، من شدّة الألم، رغم اللاشعور. أما "الحضور الغائب"، فهو الغياب بعينه، والنهاية، حيث الكيان اليومي، المُختلِط، والضّائع في الأسر.

 

وداع

بحث عن حقيقة ذات، وعن مكانها الحقيقي. فهل هي في "الغياب بالحضور"، أو في "الحضور الغائب"؟ معركة، أو حرب، فُتِحَت على صديقي وفيه، في آنٍ معاً.

هل ان تفضيل "الغياب بالحضور"، هو خيانة، أو سقوط في "هيولانيّة الحضور الغائب"؟ أو هل ان المكوث في الأول، هو هروب من الثاني، بدلاً من أن يكون فعل اختيار حرّ؟

قد يكون ليلاً من الشكّ، بدأ يعيشه صديقي في عمق عتمته المُظلِمَة، ومن دون أضواء نجوم شرقه، ومن خارج مطلع شمس مشرقه. ليل ترافقه مفاعيل أصوام أزمنة أمّ ربه، وإماتات تجسُّد وقيامة ربه، من خارج أي زمن. والى أن يطلع فجره، وتشرق شمسه، يغيب (صديقي) عن "الحضور الغائب"، ويتوغّل في "الغياب بالحضور"، بوتيرة أكبر، وأكثر عمقاً، قد تجعله مُلتصِقاً بالأخير في أي وقت، وبما يصعب الانفصال عنه، حتى لمجرّد الوداع.

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار